السبت 23 نوفمبر 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم

آراء حرة

"صراع حول نافذة السماء"

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news

قليلة هي الأعمال الأدبية العربية ، التي تتناول الخيال العلمي، فما بالك بعمل استطاع أن يمزج ما بين الأسطورة والخيال العلمي والتاريخ المصري القديم، وهو التاريخ الذي ما يزال ملهما لعلماء العالم، ومثقفيه لسبر ما استطاعوا من أغواره، والكشف عما غمض من علومه.

وقد استطاعت رواية الأديب المهندس عبدالوهاب بغدادي المعنونة باسم "صراع حول نافذة السماء "، أن تخوض غمار هذه العوالم المدهشة بما امتلكته من غرائب علمية، ما زالت تبهر الرائي وتجبر الباحث علي مزيد من البحث والتنقيب والتفنيد والتحليل أيضا.

الرواية التي تقع في نحو 400 صفحة من القطع المتوسط وصدرت طبعتها الأولي مؤخرا عن دار نشر "كتبنا" متخمة بالنظريات العلمية، والمعلومات التاريخية ،التي استطاع المؤلف أن يضعها في متناول القارئ العادي بسهولة ويسر، مهما كانت ثقافته ودرجة تعليمه ،وهو ما يؤكد قدرة كاتبنا وجدارته بالعمل الإبداعي ونجاحه في توصيل المعلومة مهما كانت صعوبتها مثل نظرية النسبية مثلا التي تناولها في متن العمل.

فمن خلال تصفح الرواية تجد نفسك غارقا في تساؤلات عدة، يطرحها الكاتب بشكل مباشر أحيانا ومعظمها بشكل غير مباشر، فقد نجح الكاتب أن يفجر لديك العشرات من هذه التساؤلات ويلاحقك بها في كل فصل من فصول الرواية، بما في ذلك المعلومات التي دونها حول معجزة المصريين المعمارية الخالدة "الهرم الاكبر"، والتي أرفقها في نهاية الرواية بشكل شبه منفصل عنها.

ويقصد بغدادي بتعبير "نافذة السماء" هرم خوفو الأكبر الكائن في منطقة الجيزة بادئا الرواية بأحداث تبدأ في المستقبل في عام 2010 في مدينة 6 اكتوبر، بما يحمله ذلك من رمزية الانتصار والزهو العسكري، لكي ينسحب هذا الانتصار العسكري علي الحياة العلمية المصرية، فيتوقع الكاتب أن تصبح مصر في ذلك التاريخ المستقبلي قوة علمية كبري، ربما كانت الاكبر في العالم بحسب تنبؤ الكاتب، وتصنع انتصارا آخر في مجال العلم.

وربما تتمكن الرواية من سد بعض الفراغ في مكتبتنا العربية التي تفتقر الي هذا النوع المهم من كتابات الخيال العلمي ، الذي يحفز علي الابداع والابتكار، ويلهم الشباب وطلاب العلم بالمزيد من النظريات العلمية التي تشعل الخيال، وتنير ظلمة العقول، وتفسح الطريق لمجالات وآفاق أكثر اتساعا من الوعي، والتفكير غير المحدود.

كما أن الرواية في جانبها الوطني، تسعي أيضا الي ضحد الأكاذيب والافتراءات التي تروجها الميديا الغربية حول تاريخنا المصري القديم، ولا تكف عن بث هذه الأكاذيب في كل وسائل الميديا، بما فيها الأعمال السينمائية والتي تعتبر من أسهل الوسائل للوصول الي المتلقي، فضلا عما تمتلكه السينما من أدوات ومؤثرات صوتيه وإبهار في الصور، يمكنها ان تتسلل لعقل المتلقي بسهولة ويسر، فتقلب الحقائق وتخلط السم في الدسم.

الرواية لم تخل من إشارة إلي أنها مجرد وحدة في سلسلة سوف تتوالي فيما بعد، ففي عنوان تمهيدي كتب المؤلف ببنط صغير "الرحلة الأولى"، قبل العنوان الرئيسي وهو "صراع حول نافذة السماء"، وهو ما يعني أن هناك رحلات ثانية وربما ثالثة ورابعة.

 كما أردف اسمه في أعلي الرواية، بتعريف آخر لما يكتبه وهو " روايات رحلات ايزيس".

وهو ما يؤكد علي أن فكرة الأجزاء المتعاقبة هي فكرة قائمة، وربما نفاجأ عما قريب بجزء جديد في نفس الاتجاه.

والرواية في مجملها تسد فراغا في مكتبتنا العربية بما تحمله من خصوصية لا تجدها في كتب الخيال العلمي التقليدية، ولا كتب التاريخ المعروفة، ولكنها امتلكت جانبيها الابداعي والعلمي، بما امتلكه المؤلف من خلفية علمية في مجاله الدراسي والمهني ،كمهندس استشاري حصل علي أعلي الشهادات العلمية في تخصصه ،مما مكنه من التميز في هذا النوع من الكتابة.التي تحتاج الي خلفية علمية مميزة ،بجانب القدرات الإبداعية للمؤلف، وهو ما لم يتوافر لكثيرين من المبدعين العرب، باستثناءات قليلة كان ابرزهم الدكتور مصطفي محمود، والدكتور أحمد خالد توفيق.

ويسعي كاتبنا الي أن تجد روايته فرصة في الظهور كعمل سينمائي ،لما لهذا الفن من قدرة علي العبور للخارج، حيث المتلقي المشبع بالاكاذيب التي تبثها السينما العالمية، والتي يسيطر عليها لوبي صهيوني يسعي دائما للعبث بتاريخ مصر القديم والحديث ،ولا سبيل للوقوف أمام ذلك إلا بعمل يخترق الحدود مثل السينما العالمية والترجمة التي يستعد لها حاليا بعدة لغات.