نظمت كلية الدراسات الإسلامية والعربية للبنين بالقاهرة، اليوم الأربعاء، مؤتمرها العلمي الدولي الثالث "الشباب في عيون التراث ضوابط التنشئة وآفاق الانطلاق"، وذلك بحضور الدكتور محمد الضويني، وكيل الأزهر الشريف، والدكتور علي جمعة، عضو هيئة كبار العلماء بالأزهر، والدكتور عباس شومان، وكيل الأزهر الأسبق، والدكتور إبراهيم الهدهد، رئيس جامعة الأزهر الأسبق، ولفيف من قيادات وعلماء الأزهر، وأعضاء مجلس النواب والشيوخ، وممثلين عن الكنيسة المصرية، وتستمر فعاليات المؤتمر لمدة يومين بمركز الأزهر للمؤتمرات.
في بداية كلمته بالمؤتمر، قال الدكتور الضويني: إن موضوع المؤتمر له أهمية كبيرة، حيث إنه يأتي في ظل عالم مشحون باشتباكات فكرية، واستقطاب حاد، ومحاولات مستميتة لتدمير دول وشعوب باستخدام أساليب متنوعة، تستهدف المادة الصلبة للوطن، وهم الشباب، وتسعى إلى قطع الشباب عن تراثهم بدعاوى زائفة، والتراث مكون قوي من مكونات الشخصية الوطنية، ومن هنا جاءت أهمية المؤتمر لتقطع الطريق على المغرضين حين تكشف عن موقع الشباب من التراث، ومدى عنايته بهم، وتظهر حق التراث على الشباب، وحق الشباب على التراث، وموقع التراث من حياتهم بما فيها من تغيرات متسارعة.
وأضاف وكيل الأزهر: "لقد تأملت كثيرا موضوع المؤتمر وما يهدف إليه لكني توقفت عند مصطلح جديد آمل أن ينال حظه من النظر في وقائع المؤتمر، ألا وهو «النصوص متجددة الدلالة»، وأعني به ما يحمله التراث بين جنباته من إشارات تؤكد تفاعل التراث مع الواقع، والنصوص ليست متجددة في ذاتها؛ إذ لا وحي بعد الوحي، وإنما يتجدد عطاؤها، فيأخذ كل جيل منها بقدر استعداداته، مادام لا يصادم قواعد العلماء الراسخين".
وأشار إلى أنه إذا كان لكل أمة ثروة تعتز بها، ورصيدا تدخره لمستقبلها وقوة تبني عليها مجدها ونهضتها؛ فإن في مقدمة هذه الثروة الشباب الذي يعد الدعامة الأساسية في المجتمع، والثروة الحية الحقيقية فيه، والأمل المرتجى على الدوام، وأن من مظاهر التحضر والرقي لدى الأمم أن تعتني بالشباب، وأن تهيئ لهم ما يجعلهم رجالا أكفاء أقوياء تقوم الأوطان على سواعدهم.
وأوضح أن الإسلام جاء بمنهج شامل كامل يعلي من قيمة الشباب، ويعمل على تربية نفوسهم، وتوجيه قلوبهم وأفكارهم ومشاعرهم، لافتا إلى أن الله قد وصف أهل الإيمان الذين أووا إلى الكهف فقال: {إنهم فتية آمنوا بربهم وزدناهم هدى}، وكان النبي عليه الصلاة والسلام محاطا بشباب الصحابة الذين نقلوا نور الوحي إلى الدنيا، وجعل أركان الدولة قائمة على أكتاف الشباب وجهودهم، علماء ودعاة وأمراء وقادة، ممن تنطق كتب التاريخ بآثارهم، مؤكدًا أن الإسلام راعى في تشريعه طاقات الشباب وقواه الكامنة، ووضع السبل التي تعينهم على تسخير تلك الطاقة في الخير والمعروف، وبما يعود عليهم بالفائدة في أنفسهم وأوطانهم، وبما ينفعهم في الدنيا والآخرة.
وبين وكيل الأزهر أن الارتباط بالجذور مسألة مؤثرة في ثبات هوية الشباب أمام الغزو الثقافي الذي يتعرضون له في كل وقت، مما يستوجب علينا جميعا أن نهيئ الشباب ونوجهه للتعامل مع مكونات التراث بمنحى يمكنهم من التواصل الفعال مع منجزاته جنبا إلى جنب مع مواكبة العصر، فلا يتخلفوا عن ركبه الحضاري، مؤكدا أن المحافظة على تراثنا وشبابنا مهمة قومية وطنية من الطراز الأول، وأن الأزهر حين يعنى بالتراث وبالشباب فإنما يعنى بترسيخ الشخصية الوطنية ذات المكونات الصلبة التي تستعصي على الذوبان أو الاختراق، متمنيا أن يكون هذا المؤتمر كشفا جديدا لعناية التراث بالشباب، وأن يكون سببا في متانة العلاقة بين الشباب والتراث.