شارك الرئيس عبدالفتاح السيسي في العاصمة المجرية بودابست في قمة مصر والدول الأعضاء في تجمع فيشجراد، والذي يضم كلاً من المجر وبولندا والتشيك وسلوفاكيا.
وقال السفير بسام راضي، المتحدث الرسمي باسم رئاسة الجمهورية، إن الرئيس توجه في بداية جلسات القمة المغلقة بالشكر والتقدير لدولة المجر الصديقة على استضافتها للمرة الثانية على التوالي لقمة مصر ودول تجمع فيشجراد، وهو المحفل الرئاسي الذي تهتم مصر كثيراً بدورية انعقاده للمساهمة في الارتقاء بالتنسيق والتعاون بين مصر ودول هذا التجمع الأوروبي المهم.
من جانبهم، عبر رؤساء دول فيشجراد عن الترحيب بالرئيس والالتقاء بالرئيس مجددا، والحرص على الاستماع إلى رؤية الرئيس تجاه الأوضاع في الشرق الأوسط على خلفية الدور الحيوي الذي تقوم به مصر بقيادة الرئيس نحو استقرار المنطقة، وكذلك شمال أفريقيا والأمن الإقليمي بأسره.
وتناول الرئيس، من جانبه تطورات الاوضاع في الشرق الأوسط والتحديات العديدة التي تموج بها المنطقة، وعلى رأسها تعدد الأزمات في عدد من الدول وانهيار مفهوم الدولة الوطنية، إلى جانب ضعف مؤسسات تلك الدول التي تعاني من وطأة الأزمات، وهو ما يفرض بذل أقصى الجهود لإنهاء هذا الوضع وتحقيق الأمن والاستقرار والسعي إلى حلول سياسية لتلك الأزمات.
كما أضاف الرئيس أنه في مقدمة التحديات التي تواجه المنطقة، وكذلك أفريقيا، هو خطر الإرهاب وما ينتج عنه من تهديد لمقدرات الدول وأمن شعوبها، وهو التحدي الذي نجحت مصر إلى حدٍ كبير في مواجهته واحتوائه بانتهاج مسار شامل ومتكامل لا يقف عند حدود المواجهات الأمنية، ولكن يتضمن أيضاً الأبعاد الاجتماعية والتنموية والثقافية، وهي وإن كانت مقاربة وطنية، إلا أنها بكل تأكيد تستدعي تضافراً دولياً مخلصاً لدعمها وتعزيزها.
كما أكد الرئيس، أنه بالتوازي مع مكافحة الإرهاب، وما ينجم عنه من زعزعة الأمن والاستقرار، تنشأ موجات الهجرة غير المشروعة، على خلفيات متعددة، من بينها التردي الاقتصادي، وتأجيج الصراعات الداخلية في بعض الدول مثل ليبيا وسوريا والعراق واليمن من خلال تدخل بعض الدول الإقليمية في الشئون الداخلية لهذه الدول وتأليب الهويات المختلفة ضد بعضها سواء كان هذا الاختلاف في الدين أو المذهب أو العرق؛ الأمر الذي يتسبب في موجات ضخمة من اللجوء والنزوح، مشدداً على أن مواجهة الهجرة غير المشروعة بفاعلية تتطلب في المقام الأول معالجة جذورها ومسبباتها قبل أعراضها، وفي مقدمتها تسوية الصراعات الإقليمية، والتصدي بحزم ووضوح لمحاولات بعض الدول استغلال هذه الصراعات لاستعادة الدولة الوطنية ومؤسساتها مقاليد الأمور في هذه الدول، مما يتطلب موقفاً قوياً من مختلف الدول والكيانات، ومن بينها الاتحاد الأوروبي، رغم نجاح الجهود المصرية أكثر من غيرها في وقف الهجرة غير المشروعة عبر حدودنا البحرية بشكل تام منذ عام ٢٠١٦.
وفيما يتعلق بالفكر المتطرف، أوضح الرئيس أنه ينبع بالأساس من ترجمة لفهم خاطئ لصحيح الدين وقيمه السمحاء التي تقوم على التنوع وتقبل الآخر والسعي للبناء والخير للجميع.
من جانبهم؛ أكد زعماء دول تجمع فيشجراد على تثمينهم البالغ لجهود الرئيس في قيادة مصر في إطار من السياسات المتوازنة والثابتة والشديدة الاعتدال، والتي انعكست في نجاحات كبيرة تمثلت في دحر الإهراب في مصر ووقف موجات الهجرة غير الشرعية، وهي أمور تهتم بها أوروبا كثيراً، مشيرين إلي أنهم سوف يبذلون جهودهم داخل الاتحاد الأوروبي لتوضيح ما تقوم به مصر بقيادة الرئيس في هذا السياق لمزيد من الإيضاح لصورة الأوضاع في مصر ودعمها في مسلكها في التعامل مع كافة القضايا ذات الصلة، وكذلك الجهود التنموية الكبيرة التي تبذل حالياً داخل مصر لرفع مستوى معيشة المواطنين والارتقاء بالخدمات وجميع مناحي الحياة.
وفي هذا الإطار؛ أكد الرئيس تطلع مصر لمزيد من التعاون مع دول فيشجراد لنقل الخبرات والتكنولوجيا وتوطين الصناعة والتعاون في مجال التعليم والتدريب و الجامعات في مصر، أخذاً في الاعتبار البنية التحتية الحديثة التي باتت تتمتع بها مصر حالياً، والتي تعتبر أساس نجاح لأي تعاون مشترك، مضيفاً أن مصر تنمو وتتقدم بمعدلات غير مسبوقة في تاريخها الحديث، أخذاً في الاعتبار حجم التحديات المتراكمة وقلة الموارد.
وقال الرئيس عبدالفتاح السيسي، في قمة مصر ودول الفيشجراد : “نحن قيادة تحترم شعبها وتحبه وتسعى من أجل تقدمه” وهناك ضرورة لتفهم اوروبا لما يحدث في مصر.
كما أكد الرئيس بالمؤتمر الصحفي لقمة دول الفيشجراد ومصر"إن مصر لم تترك اللاجئين الذين تستضيفهم ليلقوا مصيرهم في البحر أو للمجهول، بل تدمجهم في المجتمع المصري مضيفا سيادته أن مصر لم تقبل من منظور أخلاقي أو إنساني أن تجمع اللاجئين في معسكرات، أو تصدرهم إلى أوروبا عن طريق الهجرة غير الشرعية.
وأوضح الرئيس أن مصر تسعى للتقدم في المجالات كافة؛ من أجل توفير حياة كريمة للمواطنين، مشيراً إلى المبادرة التي تحمل نفس الاسم - حياة كريمة- والتي تستهدف تطوير حياة 60 مليون إنسان بالريف المصري.
كما التقى الرئيس عبد الفتاح السيسى مع "يانوش أدير" رئيس جمهورية المجر في مقر القصر الرئاسي ببودابست، وذلك في إطار اليوم الثاني للزيارة الرسمية للرئيس للمجر.
وقد أقيمت للرئيس مراسم الاستقبال الرسمي، وتم عزف السلامين الوطنيين واستعراض حرس الشرف.
وقال السفير بسام راضي المتحدث الرسمي باسم رئاسة الجمهورية، إن الرئيس أجرى مباحثات منفردة تلتها مباحثات موسعة مع رئيس المجر، حيث أعرب فى مستهلها عن تقدير مصر لحفاوة الاستقبال المجري، مشيداً بعلاقات الصداقة المصرية المجرية المتينة، وما بلغته من مستوى متقدم على مختلف الأصعدة خلال الفترة الأخيرة، ومعرباً عن تطلع مصر لتعميقها وتعزيزها، لا سيما على المستويين الاقتصادي والتجاري من خلال تعظيم حجم الاستثمارات المجرية في مصر.
وأوضح المتحدث الرسمى، أن الرئيس المجري رحب بالرئيس والوفد المرافق له، معرباً عن تقدير المجر لمصر على المستويين الرسمى والشعبى، واعتزازها بالروابط الممتدة التى تجمع بين البلدين الصديقين.
كما أشاد الرئيس المجري بالتجربة التنموية الناجحة التي تشهدها مصر حالياً بقيادة الرئيس في جميع المجالات والمشروعات القومية الكبرى الجارى تنفيذها، مؤكداً حرص بلاده على مساندة جهود مصر التنموية ودعمها فى كافة المجالات من خلال تبادل الخبرات والاستثمار المشترك.
وأكد الرئيس، من جانبه أن الاستثمارات والصناعات المجرية لديها فرصة كبيرة حالياً للتواجد فى السوق المصرية للاستفادة من البنية التحتية الحديثة فى مصر وللنفاذ منها إلى الأسواق الأفريقية، خاصةً فى ضوء اتفاقيات التجارة الحرة التى تجمع مصر مع مختلف التكتلات الاقتصادية الإقليمية، مؤكداً الترحيب الشعبى فى مصر بالتعاون مع المجر وزيادة استثماراتها وأنشطتها التجارية.
كما أشاد الجانبان بمستوى التعاون والتنسيق الجاري بين البلدين الصديقين في مجال الموارد المائية وإدارتها، خاصةً ما يتعلق بمحطات معالجة المياه، وذلك في ضوء الخبرات والتكنولوجيا المتقدمة لدى المجر في هذا المجال.
وأضاف المتحدث الرسمي، أن المباحثات تناولت عدداً من القضايا الإقليمية والدولية ذات الاهتمام المشترك، خاصةً ما يتعلق بتطورات الأزمة الليبية، والأوضاع في أفغانستان، والجهود المشتركة للتصدي لتداعيات جائحة كورونا، حيث عكست المناقشات تفاهماً متبادلاً بين الجانبين إزاء سبل التعامل مع تلك الملفات.
وأشاد الرئيس المجري في هذا الإطار بالدور المحوري الذى تضطلع به مصر على صعيد ترسيخ الاستقرار فى الشرق الأوسط وأفريقيا، بالإضافة إلى جهودها الحثيثة في إطار مكافحة الهجرة غير الشرعية وتحقيق التعايش بين الأديان ودعم الحلول السلمية للأزمات القائمة بمحيطها الإقليمي.
كما تم تبادل الرؤى بشأن جهود مكافحة الإرهاب والفكر المتطرف، في ضوء ما تمثله تلك الظاهرة من تهديد حقيقي على مساعي تحقيق التنمية في المنطقة والعالم، حيث أكد الرئيس ضرورة تضافر جهود المجتمع الدولي لحصار تلك الآفة على كل المستويات، في حين أشاد الرئيس المجري بالمقاربة الشاملة التي اتبعتها مصر في الحرب على الإرهاب من خلال علاج جذور المشكلة عبر دعم التنمية الاقتصادية والاجتماعية ومحاربة الفكر المتطرف الذى يؤدى إلى الإرهاب.
كما تطرقت المباحثات إلى التطورات الجارية في قضية سد النهضة، حيث أكد الرئيس على الموقف المصري القائم على ضرورة التوصل إلى اتفاق قانوني ملزم ينظم عملية ملء وتشغيل سد النهضة، وذلك استناداً إلى قواعد القانون الدولي والبيان الرئاسي لمجلس الأمن في هذا الشأن، في حين أعرب الرئيس المجري عن تفهم بلاده التام لموقف مصر وأهمية مياه النيل بالنسبة لها، مؤكداً أن تسوية هذه القضية من شأنها تعزيز الاستقرار بالمنطقة بالكامل.
كما تم أيضاً تبادل وجهات النظر بشأن تطورات عملية السلام، حيث ثمن الرئيس المجري التحركات المصرية الأخيرة في هذا الصدد، والتي أفضت إلى تحقيق وتثبيت الهدوء بين الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي وتحسين الأوضاع الإنسانية والمعيشية للفلسطينيين، خاصةً من خلال المبادرة المصرية لاعادة إعمار غزة.
كما أكد الرئيس السيسي خلال المؤتمر الصحفي المشترك مع الرئيس المجري “انه من المهم أن تتحول التصريحات الاثيوبية بشأن عدم المساس بالحقوق المصرية في مياه النيل إلى اتفاق ملزم حول قواعد ملء وتشغيل السد، وأن مصر تريد فقط التحصل على حصتها من المياه دون تأثير أو نقص منها، مؤكدا كذلك أن مصر ليس لديها مصدر للمياه إلا نهر النيل الذي قامت عليه حضارة مصر منذ آلاف السنين”.