تحل اليوم الثلاثاء ذكرى ميلاد الشاعر عبد الرحمن شكري، ابن محافظة بورسعيد، الذي يعد من الشعراء الرواد في تاريخ الأدب العربي الحديث، فهو ثالث ثلاثة من أعمدة مدرسة الديوان، التي وضعت مفهوم جديد للشعر في أوائل القرن العشرين، أما صاحباه الآخران فهما عباس العقاد، وإبراهيم المازني.
كان "شكري" شاعرا مجددا ومفكر أصيل حريص على اللغة العربية الفصحى، وناقدا لعبت آراؤه النقدية دورا كبيرا في الأدب العربي الحديث، ووجهته نحو وجهة تجديدية بناءة.
قال عنه عباس العقاد بعد رحيله في مقالة نشرت بمجلة الهلال "فبراير 1959": "عرفت عبد الرحمن شكري قبل خمس وأربعين سنة، فلم أعرف قبله ولا بعده أحدًا من شعرائنا وكتابنا أوسع منه اطلاعًا على أدب اللغة العربية وأدب اللغة الإنجليزية، وما يترجم إليها من اللغات الأخرى، ولا أذكر أنني حدثته عن كتاب قرأته إلا وجدت منه علمًا به وإحاطة بخير ما فيه".
وتابع: "وكان يحدثنا أحيانا عن كتب لم نقرأها ولم نلتفت إليها ولا سيما كتب القصة والتاريخ، مع سعة اطلاعه صادق الملاحظة، نافذ الفطنة، حسن التخيل، سريع التمييز بين ألوان الكلام. فلا جرم أن تهيأت له ملكة النقد على أوفاها؛ لأنه يطلع على الكثير ويميز منه ما يستحسنه وما يأباه، فلا يكلفه نقد الأدب غير نظرة في الصفحة والصفحات يلقى بعدها الكتاب وقد وزنه وزنا لا يتأتى لغيره في الجلسات الطوال".
كتب "شكرى" عددا من دواوين الشعر منها: "ضوء الفجر، لَآلئ الأفكار، أناشيد الصبا، زهر الربيع، الخطرات، الأفنان، أَزهار الخريف"، ونشر ديوانه الثامن بعد موته ضمنَ الأعمالِ الكاملة، بالإضافة إلى كتابته 3 كتب هي: "الاعتراف، الثمرات، حديث إبليس"، إلى جانب 21 قصيدة مستقلة.
اهتم "شكري" بالإصلاح الاجتماعي، فعالج بعض المشاكل الاجتماعية في قصائده، مثل مشكلة الطفولة وما يصيب الطفل من يتم ومرض، كما اهتم أيضا بمشكلة الجهل والفقر، وكان يرى أن جمال الحياة إنما هو هبة العباقرة والمصلحين الذين لهم الفضل في تغيير مجرى تاريخ البشرية. يقول في قصيدة بعنوان "اليتيم"
وما اليُتم إلا غربة ومهانة
وأي قريب لليتيم قريب؟
يمر به الغلمان مثنى وموحداً
وكل امرئ يلقى اليتيم غريب
يرى كل أم بابنها مستعزة
وهيهات أن يحنو عليه حبيب
يسائله الغلمان عن شأن أهله
فيحزنه ألا يجيب مجيب
إذا جاءه عيد من الحول عاده
من الوجد دمع هاطل ووجيب
كأن سرور الناس بالعيد قسوة
عليه تريق الدمع وهو صبيب
عزاؤك لا يلملم بك الضيم
إننا يتامى ولكن الشقاء ضروب
فهذا يتيم ثاكل صفو عيشه
وذاك من الصحب الكرام سليب.