بلغت أسعار الغاز في أوروبا مستويات قياسية وتتفاقم يوما بعد الآخر، حيث تواجه بريطانيا نقصا وايطاليا في المعروض أشبه بما حدث أواخر السبعينيات، في الوقت الذي تغلق فيه المصانع الصينية أبوابها بسبب نقص الطاقة ما يفتح الباب علي مصراعيه للتنبؤ بأزمة عالمية تدخل الإقتصاد العالمي في دائرة الركود، ووسط هذه الضبابية كانت أسعار النفط هي الرابح الوحيد حيث ارتفعت أسعار النفط، أمس الإثنين، أكثر من 2 % لتواصل مكاسبها في ظل أزمة طاقة تعصف باقتصادات عالمية وقيود على الإمدادات من كبار المنتجين، كما ارتفعت أسعار الفحم والغاز والكهرباء إلى مستويات غير مسبوقة في الأسابيع القليلة الماضية مدفوعة.
وتسبب النقص الكبير للطاقة في آسيا وأوروبا وأمريكا، في رفع أسعار النفط والغاز والكهرباء والفحم حيث ارتفع خام برنت 2.17 دولار، بما يعادل 2.6 %، ليستقر عند 84.56 دولارا للبرميل وهو السعر الأعلى منذ أكتوبر 2018، أما الخام الأميركي فقد ارتفع 2.67 دولار بما يعادل 3.4 %، ليصل إلى 82.02 دولارا للبرميل، وهو أعلى مستوياته منذ أواخر العام 2014.
وتعتمد دول أوروبا، على الغاز الروسي بنسبة 35 %، عبد شركة "غازبروم" الروسية وتتسابق دول أوروبا لملء مستودعاتها من الغاز الروسي قبيل تفاقم الأزمة.. حيث يصل إنتاج روسيا من الغاز إلى نحو 669 مليار متر مكعب، فيما تصل صادرتها منه إلى 197 مليار متر مكعب، كأكبر مصدر للغاز في العالم.
وتسعي الشركة الروسية "غازبروم" لرفع توقعاتها حول السعر الذي سوف يتم به تصدير الغاز إلى أوروبا وتركيا به خلال العام الجاري، من 270 دولارًا إلى ما بين 295 و330 دولارا لكل ألف متر مكعب فيما تتوقع روسيا زيادة إمداداتها لأوروبا وتركيا والصين إلى 197.3 مليار متر مكعب هذا العام.
يأتي ذلك في الوقت الذي تنفس فيه الإقتصاد العالمي الصعداء بعد "جائحة كورونا" وتحقيق معدلات نمو متقدمة خاصة بعد توافر اللقاحات وعودة الأنشطة الإقتصادية وفتح المصانع والشركات، لكن حالة من الضبابية عادت من جديد لتسطر علي مستقبل الإقتصاد الدولي خلال الأشهر المقبلة بعد أزمة الطاقة في أوروبا، وانعكاساتها على العالم والتباطؤ في أمريكا والصين والهند فضلا عن ارتفاع نسب التضخم في العالم.
وبسبب انخفاض مخزون الفحم بشكل هائل تواجه الهند أزمة غير مسبوقة في مجال الطاقة، حيث تعتمد أكثر من نصف محطات توليد الطاقة بالهند علي الفخم كما تعتمد عليه في توليد 70 % من الكهرباء ما يهدد الاقتصاد الهندي بشكل كبير.
ويخشي من اتباع دول العالم سياسيات حمائية مثلما حدث في بداية وباء كورونا، واعتماد البنوك المركزية أدوات وخطط اقتصادية لحماية الاقتصاد من التبعات المنتظرة للأزمة، وهو ما سيؤثر حتما علي معدلات النمو.
وتواجه أوروبا نقصا هائلا في إمدادات الغاز، ما ضاعف من أسعار الغاز عدة مرات، مع زيادة الطلب على الغاز الطبيعي المسال حول العالم، فقد ارتفعت أسعار الغاز بنسبة تصل إلى نحو 400 %، بعد انخفاض المخزون مع زيادة الطلب مع عودة النشاط الاقتصادي الصناعي وسط توقعات بتواصل ارتفاع الأسعار خلال الشهور الثلاثة المقبلة وخلال فصل الشتاء بما يزيد الضغوطات على المستهلكين وعلي الصناعات كثيفة الاستهلاك للطاقة بشكل خاص، وينعش آمال الدول المصدرة للنفط والغاز.
دول أوروبا تعتمد على الغاز الروسي بنسبة 35 بالمئة، مشيرًا إلى سيطرة شركة غازبروم الروسية على سوق الغاز في القارة العجوز، وفي الوقت الذي تسعى فيه موسكو لرفع مخزونها من الغاز قبل الشتاء، تسابق دول أوروبا الزمن لملء مستودعاتها من الغاز قبيل الفصل نفسه.
وتعد هذه الأزمة هي أولى أزمات الطاقة بعد بدء التحول إلى الطاقة النظيفة، فقد هز النقص في الغاز الطبيعي والكهرباء من بريطانيا إلى الصين في ظل عدم وجود طريقة سهلة لتخزين الطاقة المولدة من المصادر المتجددة.
ويمكن لمصر الاستفادة من هذه الظروف بعد أن تمكنت من تحقيق الإكتفاء الذاتي من الغاز الطبيعي، وأصبحت دولة مصدرة وبالتالي فإن ارتفاع أسعار الغاز على المستوى العالمي سيخدم الموازنة المصرية ويقلل عجز الموازنة العامة.