الجمعة 03 مايو 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

آراء حرة

تصريحات دغدغة المشاعر وشرعية طالبان

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news

التصريحات شيء والواقع شيء آخر، هذا هو الأمر الذي يجري بين الولايات المتحدة الأمريكية، وعدوها "الصديق" في أفغانستان، والمتمثل في حركة "طالبان".

فقد ملأت واشنطن الدنيا ضجيجًا حول طالبان، وأنها ستتخذ العديد من الإجراءات ضد الحركة، بينما تجري سرًا وعلنًا اتصالات ولقاءات بين الطرفين، وآخرها ما جرى في العاصمة القطرية الدوحة، حيث أجرى وفد أمريكي رفيع المستوى، برئاسة نائب مدير وكالة المخابرات المركزية، محادثات مع كبار مسئولي طالبان وهو ما أكده مسئولون أمريكيون ومن طالبان، وهو ما يراه البعض بأنه أول مباحثات مباشرة في عهد إدارة بايدن مع الحركة.

وبغض النظر عن هذا التوصيف، فإن الاتصالات مع "طالبان" من جانب واشنطن، لم تتوقف، وهي اتصالات تلعب الدور الأساسي فيها المؤسسات الرسمية الحاكمة في "واشنطن" ومنها المخابرات، في كل العهود، بحثًا عن مخرج، بعد الفشل الكبير الذي منيت به الولايات المتحدة.

ما يجري من مباحثات يؤكد أنه اعتراف بطالبان، بل يعطيها الشرعية التي تبحث عنها، ومن غير المنطقي قبول ما تقوله واشنطن، بأن هذه الاجتماعات لا تتعلق بمنح الاعتراف أو إضفاء الشرعية، أو كما قال مسئول أمريكي لصحيفة واشنطن بوست "ما زلنا واضحين في أن أي شرعية يجب أن تكتسب من خلال تصرفات طالبان"!!.. فمثل هذا الكلام لا يقبله عقل، فلاشك أن هناك ترتيبات جرت، وأمور جرت وتجرى سرًا.

وعلينا أن نلاحظ ما قالته وسائل الإعلام الأمريكية، بأن المحادثات بين عناصر من طالبان، والمخابرات الأمريكية برئاسة نائب مدير وكالة المخابرات المركزية ديفيد كوهين، بأنها تركزت على المرور الآمن من أفغانستان، وتحقيق المطالب الدولية لحركة طالبان بتشكيل حكومة شاملة واحترام حقوق المرأة والأقليات، والأزمة الإنسانية المتفاقمة في أفغانستان.

فهذا كلام لدغدغة المشاعر، والتغطية على كل خطوات الفشل في إدارة الأزمة، فالولايات المتحدة والدول الأوروبية وغيرها لا يتوقفون عن التصريحات، فيما تنفذ طالبان رؤيتها، وتعمل على تنفيذ استراتيجيتها، وفي ذات السياق، تجري الاتصالات لحماية المصالح.

الأمور الأكثر وضوحا أن "أمير خان متقي" وزير خارجية حكومة طالبان "بالوكالة"، ومدير المخابرات، ورئيس وفد "طالبان" في مباحثات الدوحة، كان واضحا في مطالبه، وفق بيان لوكالة أنباء بختار الحكومية الأفغانية، بقوله "إن المناقشات الإنسانية أبرزت ضرورة مساعدة أفغانستان "طالبان" في حملة التطعيم ضد فيروس كورونا". 

والخارجية الأمريكية ردت على ما تردد بشأن موافقة حكومتها على إرسال جرعات لقاح فيروس كورونا إلى أفغانستان، وقالت التعبير السياسي الشهير "لا تعليق"، ومن المهم أن نأخذ بعين الاعتبار أن الوفد الأمريكي ضم أيضًا "توم ويست"، ممثلًا عن الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية، وهو وما يعين جانب "مالي" في المباحثات.

وقال متقي "طرحنا عددًا من القضايا السياسية للمناقشة"، و"أوضحنا لهم "أي الأمريكيين" أن زعزعة استقرار أفغانستان وإضعاف الحكومة الأفغانية ليس في مصلحة أحد"!!.. وهو ما يمثل رسالة واضحة على موقف قوة، أو ربما تهديد، أو التلويح بالتوجه نحو أطراف أخرى تتضامن مع "طالبان"،.. ليعود متقي ويؤكد على "الاتفاق على مواصلة هذه المفاوضات في المستقبل".

والكلام عن حجب الشرعية عن "طالبان"، هو مجرد حديث في المطلق، فالمعلومات الرسمية التي نقلتها وسائل الإعلام، تؤكد أن عددًا من الدول أقامت اتصالات مع طالبان، وتجري ترتيبات لعقد اجتماع مع الاتحاد الأوروبي.

وفي بيان رسمي، دعت مجموعة العشرين لعقد جلسة خاصة بشأن أفغانستان قبل أن تعقد المجموعة قمتها في روما نهاية أكتوبر الجاري، فيما دعت روسيا، حركة طالبان لحضور اجتماع يوم 20 أكتوبر في موسكو لمجموعة "تنسيق موسكو"، للتشاور حول أفغانستان تضم روسيا والصين إيران وباكستان والهند، مع ملاحظة أن "موسكو وبكين أبقتا على سفارتيهما في كابول".

هذا هو الواقع، فالمصالح هي الجانب الأغلب، من الغرب تجاه "طالبان"، وإطفاء الشرعية عليها، واقع لا ينكره سوى تصريحات دغدغة مشاعر من أضيروا من سيوف الإرهاب.