قبل عدة أسابيع، ألقي القبض على شخص يُطلق على نفسه "سمكري البني آدمين"، وألقت القضية بظلالها على الواقع، بسبب الجدل الذي دار حول عملية منح التراخيص لمراكز العلاج الطبيعي، إضافة لفوضى الحصول على الشهادات العلمية والطبية التي يزعم معظم مُنتحلي الصفة الحصول عليها.
وعمليات انتحال الصفة ليست مقصورة على مهنة معينة كالأطباء أو ضباط الشرطة، لكنها تصل إلى حد الادعاء بالصلة بمؤسسات سيادية أو الزعم بالعمل بجهات عليا، ويفسر ذلك الطب النفسي بأن ذلك يكون نتيجة للحرمان العاطفي أو الفشل المهني.
وخلال الأعوام الثلاثة الأخيرة طفت على السطح عدد كبير جدًا من قضايا انتحال الصفة، وكان العامل المشترك فيها هي فوضى الحصول على الشهادات العلمية أو الحصول على أدوات مثل الأسلحة النارية أو أجهزة اللاسلكي لاكتمال عملية النصب على المواطنين.
أبرز جرائم انتحال الصفة
في ٢٠١٩، اكتشفت مباحث أمن القاهرة، ادعاء "موظف أمن" انتحال صفة رئيس مباحث قسم شرطة التجمع الخامس وقيامه بالنصب على أصحاب المحلات والاستيلاء على أموالهم. ويُوضح محضر تحريات النيابة، أن هذا الشخص قام بالنصب على صاحب محل للإكسسوارات، إذ حصل على قطعة إكسسوار غالية الثمن ثم انصرف دون الدفع.
وفي المرة الثانية؛ حضر مستقلًا سيارة ماركة مرسيدس وبحوزته سلاح ناري وجهاز لاسلكي واستولى على قطعتين إكسسوار أخريين، لكن صاحب المحل رفض ذلك، فقام بتهديدهم ثم استولى على ٥٠٠ جنيه، وبعد إبلاغ صاحب المحل تم القبض عليه.
وفي نفس العام، كشفت تحريات النيابة العامة، أن مسجل خطر قام بإنشاء كيان وهمي وانتحل صفة "سفير سابق" بعدد من المنظمات العربية والدولية، وادعى قدرته على تمكّين المواطنين من العمل كسفراء، ومنحهم جوازات سفر وبطاقات هوية دبلوماسية مزورة.
وتُؤكد التحريات، أن الشخص استطاع النصب على بعض الشخصيات العامة وبعض رعايا الدول العربية والأجنبية أيضًا، وإمعانًا لإدخال الغش والتدليس على ضحاياه قام بإنشاء كيان تحت مسمى "الوحدة العربية والتعاون الدولي، هيئة دولية عربية دبلوماسية"، اتخاذه من سكنه بدائرة قسم شرطة أول أكتوبر وكرًا لممارسة نشاطه الإجرامي.
وفي عام ٢٠١٩ أيضًا، انتحل أحد المواطنين صفة مستشار إعلامي ببعض الجهات الحكومية وصحفي بإحدى الصحف ومعد برامج ببعض القنوات الفضائية، ومن خلال ذلك استطاع النصب والاستيلاء على أموال من المواطنين بزعم قدرته على تعيينهم في الجهات الحكومية، بعد إيهامهم بأنه على صلة بكبار المسئولين بالدولة.
ووفقًا لهيئة الرقابة، فإن المُتهمين زورا أختامًا بأسماء أعضاء هيئة الرقابة الإدارية، وادعاء قدرتهما على تخصيص أراض لكثير من المواطنين بمشروع الـ٧٠ ألف فدان بمدينة السادات في محافظة المنوفية، والحصول منهم على مبالغ مالية نظير ذلك.
ولم يكن الإعلان الأخير هو الأول من نوعه في حالات انتحال صفات المسئولين الكبار، إذ تمكنت الرقابة الإدارية في يونيو ٢٠١٨، القبض على محام انتحل صفة مستشار بإحدى الجهات الرقابية، بغرض الاحتيال على رجال الأعمال من أصحاب الشركات العاملة بتصنيع ودرفلة حديد التسليح. وعمل على إيهامهم بوجود مخالفات كبرى بشركاتهم، نتيجة علمه ببعض البيانات الضريبية الخاصة بتعاملات الشركات، ويتولى الحصول على مقابل مادي نظير التغاضي عن المخالفات المزعومة.
وخلال العام الحالي، اكتُشف عدد كبير من جرائم مُنتحلي الصفة ، يأتي على رأسها القضية التي كشفتها مباحث أمن الجيزة في فبراير الماضي، حيث انتحل حلاق صفة طبيب "أمراض باطنة"، وزوجته انتحلت صفة "طبيبة تجميل"، وتمكنا هذين الشخصين تكوين ثروة ضخمة من وراء عمليات النصب هذه خلال السنوات الثلاث الأخيرة.
وتكشف أوراق القضية، أن الحلاق وزوجته افتتحا أربع عيادات طبية بمناطق مختلفة بمحافظة الجيزة، وأطلق على نفسه لقب "طبيب الغلابة" بدعوى حصوله على مقابل مالي زهيد في الكشف على المرضى في المناطق الشعبية.
وتُوضح، أن المتهم بدأ حياته بالعمل في صالون حلاقة بمحافظة الغربية ثم بعد حصوله على شهادة الثانوية العامة التحق بكلية العلوم، لكنه فشل في استكمال الدراسة، فاضطر للعمل ممرضًا في عيادة طبيب بالدقي، إلى أن تمكّن من الحصول على ترخيص مزور لممارسة مهنة الطب.
يذكر أيضًا أنه قام بمساعدة زوجته في افتتاح عيادة طبيب تجميل وأسسّا معًا مركزًا طبيًا للكشف عن مرضى الأمراض الباطنية وملحق به عيادة للأمراض الجلدية، موضحا أنه بحث عن الموضوعات الطبية على مواقع الإنترنت، وحصل على كل المعلومات التي تمكنه من فتح عيادة طبية.
كيانات وهمية
كما انتشرت في الفترات الأخيرة كيانات تحت مسميات عديدة جميعها يشترك في أنه “نقابة للصحفيين أو الإعلاميين أو المراسلين” بل الأسوأ أن أصحاب تلك النقابات الوهمية يدعون الشباب عبر منصات التواصل الاجتماعي المختلفة إلى الالتحاق بنقاباتهم لمنحهم صفة “صحفي” أو “إعلامى” في بطاقة الرقم القومي وذلك مقابل مبلغ مالي عن كل صفة.
المؤسسات الموازية لنقابة الصحفيين جعلت من الصحافة مهنة من لا مهنة له، وإذا كانت مهنة الصحافة تضم متخصصين مختلفين مثل الأطباء والمهندسين والمحامين وغيرهم من الأشخاص العاديين لهذه المهنة فليس من حق الآخرين أن يستخدموا اسمها للابتزاز والتحصيل ملايين الجنيهات من الشباب الساعي لفرصة عمل.
وبدأت الكيانات الصحفية الموازية في الظهور والتوسع مع تبني الدكتور أحمد البرعي وزير القوى العاملة الأسبق في حكومة الدكتور عصام شرف الفكرة المستخدمة حاليا في الولايات المتحدة وعدة دول أوروبية ولكن بطرق شرعية وقانونية وتنسيق كامل بينهم لخدمة المواطن والمهني، حيث يرى أن هذه طريقة لإنهاء معاناة ملايين المصريين مع النقابات وخلق حالة من التنافس مع النقابات القديمة وهو ما ينعكس من حيث جودة الخدمات المقدمة لأعضائها ومع الوقت تجاوزات هذه النقابات الموازية صلاحياتها وخالفت القانون وأصبحت تنافس الكيان النقابي الشرعي الوحيد تطبيقا لنص الدستور بأن تنشأ نقابة واحدة لكل مهنة فلاحقت هذه الكيانات الدعاوى القضائية.
19 ألف صحفي منتحل الصفة
ويقول الدكتور عصام عبدالسلام، أستاذ الإعلام الاجتماعي، إن مصر بها نحو 19 ألف صحفي منتحل صفة لأنه ينتمي إلي كيان غير شرعي وغير قانوني، مطالبا بتعديل في القانون من شأنه أن يمنع إنشاء مؤسسات مثل المنظمات غير الحكومية وغيرها التي تنافس النقابات المهنية الشرعية.
وأضاف: "يعرّف قانون الصحافة والإعلام الصحفي بأنه أي عضو مدرج على جدول أعمال نقابة الصحفيين والإعلامي هو أي عضو مدرج على جدول أعمال اتحاد إعلامي وأضاف أن المادة 19 الخاصة بالنقابة الإعلامية يحظر ممارسة الأنشطة الإعلامية لغير الملتحقين بالبرنامج النقابي إلا بعد الحصول على ترخيص مؤقت للقيام بذلك.
وأشار إلى أن قضية منتحلي الصفة والمؤسسات الوهمية هو شأن مجتمعي ويحتاج إلى مناقشة عامة تظهر أن هذا الموضوع أكبر من أمكانيات النقابة والمجلس ويتطلب تضامن الجميع.
غياب الرقابة
ويقول الدكتور محمد حسن خليل، رئيس لجنة الدفاع عن الحق في الصحة، إن حقيقة الأزمة بين نقابة الأطباء وبين نقابة العلاج الطبيعي، هو تخطي طبيب العلاج الطبيعي دورها، ذلك أن دور الطبيب هو التشخيص وكتابة الدواء ووصف التمارين للمريض، أما طبيب العلاج الطبيعي فهو دوره مكمل لدور الطبيب من حيث الإشراف على أداء التمارين وغيره، ولايحق له كتابة أو وصف دواء للمريض.
وكانت نقابة العلاج الطبيعي أصدرت بيانا حول أزمة عدم اعتراف نقابة الأطباء بها خلال الأيام الماضية، قالت فيه إن نقابة الأطباء ترى أخصائي العلاج الطبيعي من الفئات المساعدة وليس طبيبًا، وتضم النقابة خريجي كليات العلاج الطبيعي الذين بلغ عددهم في مصر ٧٠ ألف طبيب علاج طبيعي بواقع ٢٦ كلية في ربوع مصر.
ويُضيف خليل لـ"البوابة"، أن هدف أخصائي العلاج الطبيعي من تخطي دوره ووصف وكتابة دواء كيميائي هو المكسب المادي، لكن ذلك يأتي على حساب المرضى؛ موضحًا أن خريجي كلية العلاج الطبيعي غير مؤهلين لوصف دواء كيميائي لأنهم لم يدرسوا علم وصف الأدوية في الكلية، ومع ذلك فكثيرًا ما تجد روشتات طبية من خريجي العلاج الطبيعي.
ويُشير رئيس لجنة الدفاع عن الحق في الصحة، إلى أن هناك فوضى في حصول مراكز العلاج الطبيعي وغيرها على التراخيص، بسبب غياب الرقابة وبسبب انتشار الجهل والخرافات بين المواطنين، إذ كثيرًا ما تجد ما يصفون أنفسهم بالطب البديل أو غيره وهذا دليل على الفوضى والجهل.
وحول حصول أدوية يتم الإعلان عنها في مراكز العلاج الطبيعي على تراخيص من وزارة الصحة، يُوضح خليل، أن هذه الأدوية تحصل على تراخيص مكملات غذائية وليست أدوية، لكن يتم الإعلان عنها كأدوية ويتم استهلاكها من المواطنين باعتبارها أدوية وهذا مخالف للتراخيص والقوانين.
ويُتابع، أن مراكز العلاج الطبيعي أو العلاج بالأعشاب أو مراكز الطب البديل كل هذه مراكز وهمية تحصل على تراخيص مزورة أو تقوم بالتحايل للحصول على تراخيص بأنها مراكز للعلاج الطبيعي.
ووفقًا لبيان نقابة أطباء العلاج الطبيعي، فإن هناك أزمة بينهم وبين خريجي كليات التربية الرياضية الذين يحصلون على تراخيص "معالج طبيعي" في الصالات الرياضية وغيره، وذلك على الرغم من كونهم غير مؤهلين لذلك.
ويلفت رئيس لجنة الدفاع عن الصحة إلى أن أغلب هذه المراكز تحصل على تراخيص من إدارة العلاج الحر بوزارة الصحة، لكن هنا دور غائب وهو التفتيش، إذ لا يمكن لوزارة الصحة أو إدارة العلاج الحر الاكتفاء بإعطاء التراخيص ولكن يجب أن يتم التفتيش والرقابة عليهم.
ويُشدد على ضرورة تنبيه وزارة الصحة على ضرورة تعليق تراخيص العيادة أو المركز الطبي الصادر من وزارة الصحة في مكان ظاهر ومعلوم بالعيادة أو المركز الطبي، إضافة لضرورة تعليق الشهادات الطبية الحاصل عليها الطبيب في مكان ظاهر أيضًا.
مُنتحل الصفة.. سيكوباتي
و يُحلل الدكتور جمال فرويز، استشاري الطب النفسي، مشكلة انتحال الصفة قائلًا: "مشكلة مترسخة من الصغر، العائلة تقوم بزراعتها في ابنها دون وعي بذلك، ولما يكبر الطفل تزيد المشكلة وتصبح أزمة، إلى أن يُكبر وتُصبح الصفة التي أعطتها لها الأسرة تُشكل جزءًا من حياته، ولا يستطيع الاستغناء عنها".
ويقول "فرويز"، لـ"البوابة"، مدللًا على ذلك، أنه جاء أحد المرضى له كانت عائلته تناديه "إنت زي جدك وكان جده مدير أمن، حتى وصلت الأمور إلى أنه كان يقيم كمين أمني أسف منزلهم" وهذا المثال يُوضح مدى الاضطراب النفسي الذي يتعرض له الأطفال من صغرهم بسبب العواطف العائلية.
ويُضيف "فرويز"، أن اتجاه أغلب مُنتحلي الصفة للقيام بذلك تكون نتيجة للحرمان العاطفي، حيث إن هناك حالات لبعض المواطنين الذين لم تخدمهم في دخول كليات الشرطة أو الحربية أو الطب، فيقوم هؤلاء بتعويض ذلك بانتحال الصفة، ومنهم من يقوم بشراء البدلات العسكرية أو الشرطية أو بالطو الأطباء لإيهام أنفسهم بهذه الادعاء المزيف.
ويُشير استشاري الطب النفسي إلى أن أحد زملائه أثناء دراسته في كلية الطب افتتح عيادة طبية في إحدي القرى وهو في السنة الثالثة بكلية الطب وبدأ ممارسة المهنة، وهناك أحد الأشخاص أيضًا الذي انتحل صفة طبيب جراحة وهو لم يكمل دراسة الطب.
ويقول فرويز، إن هذا الاضطراب إما تكون عملية تعويضية للحرمان من شيء كان يريده، أو تكون نتيجة للعائلة التي ربت طفلها على ارتباطه بمهنة معينة، أو تكون بدعوى النصب والاستيلاء على أموال المواطنين وهذه هي الشخصية السيكوباتية، وهذه الشخصية التي تريد الحصول على أكبر مكسب مالي دون تعب أو جهد وهذا هو "النصاب".
ويُتابع فرويز، أنه يجب على الأسرة عدم إعطاء الطفل أو تحميله قدر أكبر من إمكانياته، حتى لا يؤثر ذلك على شخصيته فيما بعد، مضيفًا:"مش لازم العائلة تعيش ابنها في دور مش بتاعه، لازم يكون الحلم على قدر الإمكانيات لأن الحياة في النهاية مليئة بالصدامات". ويختم استشاري الطب النفسي، حديثه، بأن كثيرًا من الأشخاص مُنتحلي الصفة يقومون بتعويض فشلهم المهني بانتحال أو ادعاء صفات ومهن ليسوا أهلًا لها.
العقوبات: الحبس والغرامة عقوبة مُنتحلى الصفة
حدد قانون العقوبات، في الباب العاشر منه العقوبات المُقررة لانتحال الألقاب والوظائف والاتصاف بها بدون حق، ونصت المواد من ١٥٥ وحتى ١٥٩ على عقوبة كل من انتحل صفة الغير سواء كانت ملكية أو عسكرية، لأي غرض بدعوى النصب أو السرقة أو لإنهاء مصالح خاصة أو بارتدائه زيا عسكريًا أو شرطيًا، وتصل للحبس والغرامة.
ووفقًا للمادة ١٥٥ من القانون، فإنها نصت على كل من تدخل في وظيفة من الوظائف العمومية، ملكية كانت أو عسكرية، من غير أن تكون له صفة رسمية من الحكومة أو إذن منها بذلك، أو أجرى عملا من مقتضيات إحدى هذه الوظائف، يعاقب بالحبس.
كما نصت المادة ١٥٦، أنه على كل من لبس علنية كسوة رسمية بغير أن يكون حائزًا للرتبة التي تخوله ذلك أو حمل علنية العلامة المميزة لعمل أو لوظيفة من غير حق يعاقب بالحبس مدة لا تزيد على سنة. فيما نصت المادة ١٥٧، بأن يُعاقب بغرامة لا تتجاوز مائتي جنيه كل من تقلد علانية نشانًا لم يمنحه أو لقب نفسه كذلك بلقب من ألقاب الشرف أو برتبة أو بوظيفة أو بصفة نيابية عامة من غير حق.
ونصت المادة ١٥٨ على أن يُعاقب بغرامة لا تتجاوز مائتي جنيه كل مصري تقلد علانية بغير حق أو بغير إذن رئيس الجمهورية نشانًا أجنبيًا أو لقب نفسه كذلك بلقب شرف أجنبي أو برتبة أجنبية. كما نصت المادة ١٥٩، أنه في الأحوال المنصوص عليها في المادتين السابقتين يجوز للمحكمة أن تأمر بنشر الحكم بأكمله أو بنشر ملخصه في الجرائد التي تختارها ويكون النشر على نفقة المحكوم عليه.
نقابة الأطباء: قانون مزاولة المهنة تحدد مهمة الطبيب
يقول الدكتور خالد سمير، عضو مجلس نقابة الأطباء، والأمين العام السابق للنقابة، إن انتحال صفة طبيب هي أكبر مشكلة تُواجه المصريين، إذ يقدر عدد المرضى الذين يُعالجون عند أناس ليسوا أطباء نحو ٨٠٪ من المواطنين، وهذا راجع لأسباب كثيرة.
ويُضيف "سمير"، لـ"البوابة"، أن أغلب المواطنين عند شعورهم بأي تعب يتوجه للصيدلية، ثم يشرح لمن يقف في الصيدلية آلامه، دون أن يعرف هوية الواقف في الصيدلية:"هل هو صيدلي؟ أم شخص بائع مساعد في الصيدلية؟ أو طبيب بيطري؟"؛ مضيفًا أن مصر من الدول القليلة التي تسمح ببيع الدواء دون روشتة معتمدة من الطبيب، واصفًا ذلك بالفوضى.
ويُتابع "سمير"، أن قانون مزاولة مهنة الطب حددت مهمة الطبيب وهي كل ما يختص التشخيص والحقن ووصف الدواء أو أخذ العينات من الجسم البشري أو كتابة التقارير الطبية، هذا هو ملخص وظيفة الطبيب؛ مشيرًا إلى أن قانون مزاولة مهنة الطب حدد عقوبة عامين لمن يقوم بانتحال صفة طبيب وغير حاصل على تراخيص مزاولة المهنة.
ويُكمل، أنه للحصول على تراخيص مزاولة مهنة الطب من وزارة الصحة، يجب أن يكون الشخص مصري الجنسية حاصل على بكالوريوس الطب والجراحة، وأدى فترة الامتياز في أحد المستشفيات التابعة لوزارة الصحة، ثم يحصل على ترخيص من وزارة الصحة ومن نقابة الأطباء بالعمل في مهنة الطب.
وحول تأثير مُنتحلي الصفة على وظيفة الطبيب؛ يقول "سمير"، إن ذلك يؤدي في كثير من الأحيان إلى تشويه شكل الطبيب، إضافة لتسبب كثير من هؤلاء في مشكلات صحية للمرضى مما ينتج عنه اعتداء أهالي المريض عليه.
وبالتالي تؤدي إلى عدم إحساس الطبيب بالأمان مما يكون له أثر نفسي على الأطباء من الخريجين الجدد الذين تكون أغلب أحلامهم هي السفر والعمل في الخارج بعيدًا عن المشكلات.
ويلفت عضو مجلس نقابة الأطباء إلى فوضى الحصول على شهادات طبية من جانب مُنتحلي الصفة، وغياب الرقابة في هذه النقطة تحديدًا، إضافة لمشكلة قانونية تتعلق بتقادم العمل بقوانين الصحة في مصر، حيث إن أغلبها مر عليه أكثر من ٥٠ عامًا، مدللًا على ذلك بقانون التحاليل الطبية الذي يمنح خريج كلية الطب البيطري والزراعة والطب والصيدلة فتح معامل تحاليل طبية. ويُشير إلى أن حالة القبض على من يدعي أنه ميكانيكي البشر أو من يدعي علاج المرضى دون دواء وهم في النهاية خريجو دبلومات فنية وهذه المراكز أغلبها يكون مسئولا عنها معالج طبيعي وهذه كارثة، ومع ذلك تكون لافتاتهم تكون معلقة في الشوارع وهذا نتيجة غياب الرقابة، أو حتى صالونات التجميل التي تقوم بإعطاء حقن البوتكس أو تصغير الثدي أو غيره من عمليات التجميل دون الحصول على شهادات علمية تسمح لهم بممارسة المهنة.
ويُوضح "سمير"، أن إدارة العلاج الحر بوزارة الصحة هي المسئولة عن الرقابة، لكن العلاج الحر ليس لديه الأعداد الكافية للرقابة على كافة الوحدات المرخص لها، فما بالك بكل هذه الوحدات غير الحاصلة على تراخيص.
إضافة إلى أن الرقابة على صالونات التجميل أو مراكز العلاج الطبيعي ليست مسئولية وزارة الصحة، لأن العاملين في هذه المراكز ليسوا أطباء، وبالتالي نطالب بضرورة استحداث ما يسمى بـ"شرطة الخدمات" تكون مسئوليته الرقابة على مثل هذه الخدمات المؤداة للمواطنين، إضافة لاكتشاف حالات النصابين من هؤلاء.