ساعات من الرعب عاشها سكان حي السلام بمحافظة الإسماعيلية، زخات الرصاص وارتقاء شهيدين وقتل تاجر سلاح، الواقعة ليست غريبة على ملفات الشرطة، يوميا دفاترهم متخمة بأشكال متنوعة من الجريمة في مناطق جغرافية معروفة تاريخيا بمثل تلك الجرائم، الغريب هو أن يكون ميدان الصراع هذه المرة على أرض المدينة الهادئة، الإسماعيلية التي كان اسمها ذات يوم باريس الصغرى، الإسماعيلية تتحول منذ سنوات وتتوحش وتفقد ملامحها.
قبل أيام تأكدت الأخبار من اختباء تاجر سلاح وعصابته في شقة داخل حي السلام صاحب الكثافة السكانية المرتفعة، وتحركت مأمورية الشرطة في الثانية بعد منتصف الليل، في هدوء وتعاون من الجيران حتى إن أحدهم فتح شقته لهم لتكون معبرا للشقة المستهدفة من خلال البلكونة، وجاءت الرياح بما لا تشتهي السفن، عتيد الإجرام يفتح النار بشكل عشوائي ومتوتر ليرتقي المقدم أحمد جابر نصار والرائد عبدالرحمن عادل ويصاب العميد هيثم وجيه والمقدم أحمد صلاح، هذه المعركة القصيرة تقول إن قيادات المأمورية كانوا في مقدمة الصفوف، لم يتردد واحد منهم في صف خلفي، هذا الارتباك المباغت ساعد المجرمين في اعتلاء سطح البيت واحتلاله وبدء معركة غير متكافئة لوجستيا، لأنه من المعروف قدرة المكان المرتفع على السيطرة والتحكم، وبالرغم من ذلك وعلى مدى ساعات نجحت الشرطة في قنص أحدهم وقالت الأنباء إنه تم القبض على ثلاثة وهم بقية التشكيل العصابي.
ما يهمني هنا هو الإشارة إلى محافظة الإسماعيلية والتي سبق لنا الكتابة عنها محذرين من أن مدينة الإسماعيلية سوف تكون الحديقة الخلفية لأشكال متنوعة من الجريمة بما فيها الإرهاب المتأسلم بعد الضغط عليه وحصاره في سيناء صارت الإسماعيلية ملاذا آمنا لهم، ومن منا ينسى أن الإرهابي هشام عشماوي قد أقام فيها كمحطة ترانزيت قبل دخوله سيناء، ولم ننس التفجير الذي تم من خلاله أمام مبنى المخابرات والتفجير الآخر الذي تم أمام معسكر الأمن المركزي في منطقة عز الدين، قلنا ونعرف أن هناك مجهودات تبذل لتطهير المدينة، ولكن ما زال الحصاد محدودا.
وتأتي جريمة حي السلام الأخيرة لتدلل على ما نقوله، وليس بعيدا عن السياق ولكن في صلبه نشير ونؤكد ونكرر أن الإرهاب يبدأ فكرا، الإسماعيلية التي شهدت ميلاد جماعة الإخوان المتأسلمين الإرهابية ما زالت تحت الخطر، انفلات غير مبرر في ريف الإسماعيلية وبروز ظاهرة مشايخ الصدفة واستحواذهم على قطاعات ريفية كاملة، سباق محموم للمزايدة واستعادة السلفيين لمواقعهم في مراكز حيوية بالمحافظة لن نكتب أسماءها، لأنني على ثقة من أن الأجهزة تعرف تماما مناطق الارتكاز لبذور التطرف، وكذلك غياب محافظ الإسماعيلية عن الظهور في محافل ثقافية لدعمها وإعلان انحيازه للتقدم، وقد رأيت ذلك بعيني الأسبوع الماضي عندما غاب عن افتتاح مؤتمر أدبي.
وحتى لا يسرقنا موضوع الإرهاب عن جريمة حي السلام نعاود الحديث ونشير إلى تكامل تلك الجرائم تاجر المخدرات وتاجر السلاح وتاجر الدم الإرهابي كلهم في حلف واحد، بجمعهم التخريب ويردعهم القانون الفعال، وطالما هناك في الإسماعيلية مناطق محررة بعيدة عن سيطرة الأمن سيظل الخوف قائم، ومن تلك المناطق على سبيل المثال لا الحصر تلك المزارع الشاسعة في جمعية العاشر من رمضان والتي تبلغ مساحتها ٢٢ ألف فدان وأنا واحد من المترددين عليها لعمل هناك، هل تعلم الدولة أن أسوار المزرعة الـ٢٠ فدانا صارت تضم داخلها مجتمعات سكنية نوعية لا يدخلها غريب وقد أغلقت تلك المجتمعات الصغيرة على نفسها ببوابة من حديد، ربما تكون هذه المعلومة ليست جديدة على الأجهزة لذلك من حقنا أن نسأل: هل مثل هكذا من تصرفات هي تصرفات طبيعية؟
لقد احترقت دماء شعب الإسماعيلية وهو يودع شهيدين ضاعت أعمارهما غدرا من جاهل جهول، لذلك لم يعد الصمت ممكنا، ونحن لا نطلب المستحيل نطلب توفير سلعة الأمن النادرة وإنقاذ الناس من صيع الموتوسيكل الصيني والسنجة والمطواة في منطقة الخامسة بالشيخ زايد ومن المجرمين الصغار تجار الكيف في حي البلابسة والحكر والمحطة الجديدة ومن فوضى كيلو ٢ وكيلو ٧ وكيلو ٩ ملاعب المخدرات والسرقة والسلاح.. طبعا تعرفونهم وبالاسم ولكن بعضكم ما زال يتفرج.
آراء حرة
الإسماعيلية والبلطجة وثالثهما الإرهاب
تابع أحدث الأخبار
عبر تطبيق