الجمعة 03 مايو 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

بوابة العرب

عبدالقدير خان.. أبو القنبلة النووية الباكستانية

عبد القدير خان
عبد القدير خان
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news

أعلن التليفزيون الوطني الباكستاني، اليوم الأحد، وفاة عبدالقدير خان، مهندس البرنامج النووي الباكستاني، عن عمر يناهز الـ85 عاما.

ولد العالم الباكستاني في 1 أبريل عام 1936، حيث ولد في الهند، أثناء الاحتلال البريطاني للهند، حيث نشأ في عائلة متدينة بسبب والدته.

تخرج خان من الثانوية ثم هاجر إلى باكستان عام 1952، ليتوفى والده عقب ذلك في الهند وبالتحديد عام 1957، حيث لم يترك بلاده مع أبنائه.

تخرج عبدالقدير من كلية دیارام جيته للعلوم بجامعة كراتشي عام 1960، وعمل في وظيفة مفتش للأوزان والقياسات، وهي وظيفة حكومية من الدرجة الثانية، إلا أنه استقال منها بعد ذلك.

ثم سافر لاستكمال دراسته فالتحق بجامعة العاصمة الألمانية برلين، حيث درس لمدة عامين علوم المعادن، ونال الماجستير عام 1967 من جامعة دلفت التكنولوجية بهولندا ودرجة الدكتوراه عام 1972 من جامعة لوفين البلجيكية.

وسافر هولندا بسبب رغبته الزواج بـ"هني" الهولندية، التي قابلها صدفة في ألمانيا، وبالفعل تمت مراسم الزواج في أوائل الستينيات بالسفارة الباكستانية بهولندا.

حاول الرجوع إلى باكستان ولكن دون جدوى، ليتقدم إلى وظيفة في مصانع الحديد بكراتشي بعد نيله لدرجة الماجستير، ولكن رفض طلبه بسبب قلة خبرته العملية، وبسبب ذلك الرفض أكمل دراسة الدكتوراه في بلجيكا؛ ليتقدم مرة أخرى لعدة وظائف بباكستان، ولكن دون تسلم أية ردود لطلباته. في حين تقدمت إليه شركة FDO الهندسية الهولندية ليشغل لديهم وظيفة كبير خبراء المعادن فوافق على عرضهم.

وفي ذلك الحين كانت شركة FDO الهندسية على صلة وثيقة بمنظمة اليورنكو، أكبر منظمة بحثية أوروبية والمدعمة من أمريكا وألمانيا وهولندا.

واتهم البعض هذه المنظمة بتخصيب اليورانيوم من خلال نظام آلات النابذة Centrifuge system.

وفي عام 1974 فجرت الهند قنبلتها النووية الأولى في حينها كان الدكتور عبدالقدير خان قد وصل إلى مستقبل مهني ممتاز بكونه واحد من أكبر العلماء الذين عملوا في هذا المجال وأيضا كان له حق الامتياز في الدخول إلى أكثر المنشآت سرية في منظمة اليورنكو وكذلك إلى الوثائق الخاصة بتكنولوجيا الآلات.

ونتيجة لتجارب الهند النووية أرسل خان رسالة إلى رئيس وزراء باكستان "ذو الفقار علي بوتو" قائلا فيها: "أنه حتى يتسنى لباكستان البقاء كدولة مستقلة فإن عليها إنشاء برنامج نووي".

وعقب ذلك، دعاه رئيس باكستان إلى زيارتها بعد تلك الرسالة، ثم دعاه مرة أخرى في عام 1975 وطلب منه عدم الرجوع لهولندا ليرأس برنامج باكستان النووي.

أبلغ خان زوجته الهولندية بالخبر والذي كان يعني تركها لهولندا إلى الأبد وافقت هي على قراره عندما علمت برغبته في تقديم شيء لبلده.

في عام 1975 ترك خان هولندا بشكل مفاجئ وفي عام 1976 عاد إلى باكستان ومنذ ذلك الحين استقرت عائلة خان في باكستان.

في عام 1974 أطلقت مفوضية الطاقة الذرية الباكستانية برنامج تخصيب اليورانيوم. وفي عام 1976 انضم خان إلى المفوضية إلا أنه لم يستطع إنجاز شيء من خلالها.

وفي شهر يوليو من نفس العام أسس معامل هندسية للبحوث في مدينة كاهوتا القريبة من مدينة روالبندي بعدما أخذ الموافقة من رئيس الوزراء ذو الفقار علي بوتو بأن تكون له حرية التصرف من خلال هيئة مستقلة خاصة ببرنامجه النووي.

وفي عام 1981 وتقديرا لجهوده في مجال الأمن القومي الباكستاني غير الرئيس الأسبق ضياء الحق اسم المعامل إلى معامل الدكتور عبد القدير خان للبحوث. وأصبحت المعامل بؤرة لتطوير تخصيب اليورانيوم حيث عمل خان على العديد من المشاريع لتطوير الأسلحة الباكستانية النووية.

يتلخص إنجاز الدكتور عبدالقدير خان العظيم في تمكنه من إنشاء مفاعل كاهوتا النووي في ستة أعوام، والذي يستغرق عادة عقدين من الزمان في أكثر دول العالم تقدما، وكان ذلك بعمل ثورة إدارية على الأسلوب المتبع عادة من فكرة ثم قرار ثم دراسة جدوى ثم بحوث أساسية ثم بحوث تطبيقية ثم عمل نموذج مصغر ثم إنشاء المفاعل الأولي، والذي يليه هندسة المفاعل الحقيقي، وبناؤه وافتتاحه.

واستخدم فريق الدكتور خان تقنية تخصيب اليورانيوم لصناعة أسلحتهم النووية.

وبالطبيعي يتم تخصيب اليورانيوم باستخدام أساليب غاية في الدقة والتعقيد وتمكنت معامل كاهوتا من ابتكار تقنية باستخدام آلات النابذة، والتي تستهلك عُشر الطاقة المستخدمة في الأساليب القديمة. تدور نابذات كاهوتا بسرعات تصل إلى 100 ألف دورة في الدقيقة الواحدة.

وقام الفريق الباكستاني بتصميم النابذات وتنظيم خطوط الأنابيب الرئيسية وحساب الضغوط وتصميم البرامج والأجهزة اللازمة للتشغيل. استغرق العمل على مشروع بناء الآلات النابذة ثلاث سنوات فقط.

امتدت أنشطة معامل خان البحثية لتشمل بعد ذلك برامج دفاعية مختلفة، حيث تصنع صواريخ وأجهزة عسكرية أخرى كثيرة وأنشطة صناعية وبرامج وبحوث تنمية، وأنشأت معهدا للعلوم الهندسية والتكنولوجية ومصنعًا للحديد والصلب، كما أنها تدعم المؤسسات العلمية والتعليمية.

وتعد التجارب النووية الست التي قامت بها باكستان في مايو 1998 بمثابة تأشيرة دخول باكستان إلى الدول النووية، وأصبح عبد القدير خان بسببها بطل باكستان الثاني بعد محمد علي جناح، أول رئيس لباكستان، كما أطلقت عليه الصحافة لقب " أبو القنبلة الذرية الإسلامية "، وامتلأت شوارع المدن الباكستانية بصورة، خاصة مع المجهودات الخيرية التي كان يقوم بها مثل إنشاء العديد من المدارس، وحملته لمكافحة الأمية.

وفي تلك الفترة، نال خان 13 ميدالية ذهبية من معاهد ومؤسسات قومية مختلفة، ونشر حوالي 150 بحثًا علميًا في مجلات علمية عالمية، كما مُنح عام 1989 وسام هلال الامتياز.

وفي 22 من شهر أغسطس من عام 2006 أعلنت السلطات الباكستانية أن الدكتور عبدالقدير خان يعاني من سرطان في البروستاتا وأنه تحت العلاج.

وفي 9 سبتمبر من نفس العام أجريت له عملية استئصال الورم في مستشفى بكراتشي.