يحتل المخرج المسرحى إميل جرجس، مكانة كبيرة بين المسرحيين، رشحته إدارة الخدمات الفنية بوزارة الثقافة، إلى تأسيس أول فرقة مسرحية فى أسوان، أتبعها فرق الأقاليم بالثقافة الجماهيرية، قدم خلالها عددا كبيرا من الأعمال المسرحية، دعته دولة اليمن لتأسيس فرقة مسرحية بها، ويعد صاحب أول معرض فى مصر لماكيتات وتصميمات وديكورات العروض المسرحية.
وبلغ رصيده المسرحى 110 عرضا بين تصميم الديكور والإخراج من بينها: «وابور الطحين، الزوبعة، شروع فى جواز، أدهم الشرقاوي، ليالى الحصاد، حسان وكلمة الموال، الأرض، موال زهران»، وغيرها من العروض التى تظل حاضرة فى أذهان الجميع.
وكرمه المهرجان القومى للمسرح المصري، هذا العام فى نسخته الرابعة عشرة، من بين 10 رموز مسرحية، وذلك تقديرا لمجهوداته الفنية والإبداعية فى الثقافة الجماهيرية، والمسرح، والثقافة بشكل عام، وتاريخه الفنى يشهده الجميع.
«البوابة نيوز»، التقت المخرج المسرحى إميل جرجس، أحد مكرمى الدورة الـ14 للمهرجان القومى للمسرح، للحديث عن التكريم، وبداية مشواره مع الإخراج وأبرز المحطات التأسيسية لفرق الأقاليم.. مزيد من التفاصيل فى نص الحوار:
■ ماذا تمثل جائزة المهرجان القومى للمسرح المصرى للمخرج إميل جرجس؟
- تُمثل هذه الجائزة عاملا كبيرا ومشرفًا، وأوجه الشكر لزملائى فى إدارة المهرجان على هذا التكريم، لأن ما قدمته للثقافة الجماهيرية والمسرح والثقافة بشكل عام، له تاريخ طويل يشهده الجميع، منذ أن تخرجت فى المعهد العالى للفنون المسرحية قسم الديكور حتى وقتنا هذا، حتى أصبحت الثقافة الجماهيرية مُهمة فى حياتى وهذا ما يدفعنى للاستمرار بها.
■ متى بدأت رحلتك مع الإخراج؟
- تخرجت فى المعهد العالى للفنون المسرحية بأولى دفعات قسم الديكور فى مصر عام ١٩٦٣، التى ضمت ٩ خريجين من بينهم: الدكتور سمير أحمد، الدكتور هانى جابر، وغيرهم، حتى عُينت فى مصلحة الاستعلامات بإدارة «الخدمات الفنية» فى وزارة الثقافة.
ومن مهام عمل هذه الإدارة توليها أغلب الأعمال الفنية سواء فى المسرح أو المعارض الفنية منها معرض الكتاب، والديكورات، وغيرها، وذلك بتوجيهات من الأساتذة الكبار أمثال الدكتور صلاح عبدالكريم، والدكتور عبدالفتاح البعلي، الذين كانوا دائمًا داعمين لنا فى العمل بها.
وكُلفت بعد ذلك بالعمل فى مجلة «الرسالة» لمدة أربع سنوات، الذى يرأس تحريرها الكاتب أحمد حسن الزيات، وكان أول عمل فى الديكور بمسرحية «شروع فى جواز» لمحمود السباع، التى قُدمت على خشبة المسرح العائم بالمنيل فى الستينيات، من البطولة سمير صبري، زوزو نبيل، وغيرهما.
■ رشحت من قبل إدارة الخدمات الفنية بالوزارة لتكوين فرقة مسرحية بأسوان.. حدثنا عن هذه التجربة!
- كانت أسوان بداية نقطة الانطلاقة فى عالم الإخراج، أسست فيها فرقة أسوان المسرحية فى العام ١٩٦٦، التى تواصل عملها حتى الآن، قدمت خلالها ديكورا وإخراج الأربع مسرحيات وهي: «وابور الطحين» للمؤلف نعمان عاشور، «أدهم الشرقاوى» للمؤلف نبيل فاضل، «الزوبعة»، و«ليالى الحصاد» لمحمود دياب.
كما طُلبت من إحدى الشركات فى النوبة أثناء مراسم نقل معابد أبوسبل، لتقديم مسرحية «الزوبعة» لمدة أربعة أيام فى منطقة أبوسمبل، والذى شاهدنا خلالها مراحل نقل هذه المعابد فى أبهى صورة حضارية؛ وجاء المؤلف على سالم لتقديم عرضين من بينهما «الرجل اللى ضحك على الأبلسه»، من تأليفه وإخراجه.
وصممت له الديكور المسرحية، حتى واصلت الفرقة مسيرتها الفنية بعد ذلك، وكان قصر ثقافة أسوان أول قصر افتتح عام ١٩٦٦ ضمن الخطة الخمسية فى مصر، التى وضعت فى عهد الزعيم الراحل جمال عبدالناصر، والدكتور ثروت عكاشة وزير الثقافة، وكانت تجربة ناجحة، أعقبها افتتاح قصر ثقافة سوهاج.
وكان أول رئيس لـ«إدارة الثقافة» التى أطلق عليها «الثقافة الجماهيرية» سعد كامل، وعندما جاء بعده سعد وهبة حول هذه الإدارة إلى وكالة إدارة الثقافة، كلفنى بتكوين فرق مسرحية فى الأقاليم، وعقد اجتماعا مع ١٥ مخرجا آخرين، تحملوا العبء فى تكوين هذه الفرق من بينهم: سمير العصفورى، كرم مطاوع، وغيرهما.
وأصبحت «الثقافة الجماهيرية» تسمى حاليا الهيئة العامة لقصور الثقافة، وأطالب بعودة اسم الثقافة الجماهيرية مرة أخرى، لأنها كانت أهم إدارة فى وزارة الثقافة.
■ماذا عن استقبالك لسيمون دى بفوار وجان بول سارتر فى أول زيارة لهما إلى أسوان؟
- كانت أول زيارة لهما فى القاهرة عام ١٩٦٦، وأثناء زيارتهما لأسوان شهد مسرحية «الزوبعة»، وكان حدثا مهما بالنسبة لى وللمثقفين أيضا، التقيته عقب انتهاء العرض بالقاعة مرحبا به، وعندما سألته عن رأيه فى العرض أبدى إعجابه الشديد بهذا العمل، وأعرب عن سعادته به، وهذا ما تناولته الصحف والمجلات.
■ ما الفرق التى أسهمت فى تأسيسها فى الأقاليم؟
- أعدت تكوين فرقة الفيوم المسرحية، وقدمت تجربة حول فكرة الثأر فى الصعيد، بعنوان «حسان وكلمة الموال»، قدمت فى قرية سيلين بالفيوم، تلك الحدائق الخضراء التى تحوى مجموعة من عيون مياه الاستشفاء لمرضى الروماتيزم، حتى أصبحت قرية سياحية، هذا بالإضافة إلى تقديم ثلاثة عروض أخرى حتى العام ١٩٧٨.
كما قدمت عرضا عن حادثة دنشواى الشهيرة بعنوان «موال زهران»، و«ملحمة دنشواى» فى محافظة المنوفية، للشاعر عبدالعزيز عبدالظاهر، وكذلك مسرحية «حلاق بغداد».
كوّنت فرقة الوادى الجديد، قبل أن تصبح محافظة بعامين، قدمت خلالها عرض «الأرض»؛ إلى جانب تكوين فرقة العريش المسرحية فى سيناء، قدمت خلالها عرض «الزوبعة»، وكل هذه الفرق ما زالت قائمة حتى الآن ولكن الخط البيانى لها أصبح أقل بكثير عما سبق.
■ لماذا تحولت مسرحية «عُطيل» إلى اللهجة الصعيدية؟
- عندما أسست فرقة قنا المسرحية فى ١٩٦٩، كانت تضم ٣٠ عضوا، فاقترح سعد وهبة مدير إدارة الثقافة، تقديم مسرحية «عُطيل» لشكسبير بالعامية، والتواصل مع المؤلف نعمان عاشور لتحويلها، ولكن اعتذرت عن هذا الأمر مقترحا تقديمها باللهجة الصعيدية مع تغيير اسم العمل ليصبح «عطا الله»، وقد حضر الافتتاح الدكتور ثروت عكاشة، وزير الثقافة.
كما كوّنت أول فرقة للآلات الشعبية تابعة لفرقة قنا المسرحية، وقد ضمت كلا من: شوقى القناوي، وعازفى الربابة شمندي، ومتقال، بالإضافة إلى مجموعة من الراقصين الشعبيين، التى شاركت فى عرض «عطا الله» وهى تجربة رائعة تمامًا، أتبعها مجموعة من المسرحيات، إلى أن انضم الفنان فؤاد خليل، لفرقة قنا بعد ذلك، وشارك فى عرضين من إخراجي، وكانت العروض المنتجة للفرقة تجوب أقاليم مصر.
■ أسهمت فى تأسيس أول مسرح عائم للثقافة الجماهيرية فى ١٩٧٨، فهلا حدثنا عن هذه الفكرة؟
- كانت هناك فكرة مسرح متنقل تابع لوزارة التربية والتعليم، يجوب المحافظات، من أجل نشر الثقافة، بدءا من نادى التجديف بجاردن ستي، ومن هنا بدأنا فى تنفيذ نفس الفكرة، بإحضار مركب أُسوة بالمسرح العائم بالمنيل، وقدمت خلاله فرقة السامر المسرحية مجموعة من العروض المنوعة، وكان برنامجًا ناجحًا، حاولنا من خلاله نجوب الأقاليم عن طريق رحلة نيلية لكن لم يسع الأمر لهذا.
■ وماذا عن رحلة تأسيس فرقة مسرحية فى مالطا واليمن؟
- دُعيت فى العام ١٩٧٩ بالسفر إلى مالطا، قدمت خلال هذه الرحلة مسلسلين للأطفال، بالإضافة إلى عرض مسرحى مسجل، حتى اتجهت بعد ذلك لليمن من أجل تأسيس فرقة مسرحية، وعندما وصلت تفاجأت بحفاوة الاستقبال، فأعدت تكوين فرقة اليمن المسرحية التى تقسمت لثلاث شعب أطلق عليها اسم فرقة المسرح الوطنى اليمنى المسرحية.
وقدمت خلالها عرض «الفأر فى قفص الاتهام» وهو عن حدوتة هدم سد مأرب، حتى سافر هذا العمل عقب عرضه إلى الكويت، وكتب عنه الفنان سعد أردش مقالا فى مجلة «العربي»، إلى جانب مجموعة من المقالات الأخرى فى مختلف المجلات والصحف، أتبعه عرض آخر بعنوان «حلاق بغداد» للمؤلف ألفريد فرج، وكان فى ذلك الوقت مسافرا إلى لندن وعندما خاطبناه وافق على الفور.
وتُعد هذه التجربة من العروض الناجحة التى قدمت لألفريد فرج فى اليمن لأول مرة، كانت من المراحل المهمة، حيث عقدت ندوة عن هذا العرض، أدارها الدكتور عبدالغفار مكاوي، والشاعر اليمنى الراحل عبدالعزيز المقالح، ونشرت هذه الندوة فى الجريدة الرسمية، كنوع من أنواع المعرفة والثقافة.
■ ظل مسرح السامر مُتنفسًا ومنفذًا لكل فرق الأقاليم، فكيف ترى ذلك؟
- بعد العودة من رحلتى مالطا واليمن إلى القاهرة عُينت مديرا لفرقة مسرح السامر المسرحية، قدمت خلالها مسرحية «عنترة ٩٠» من بطولة فاروق نجيب، وفاء الحكيم، أحمد مرعي، سعيد صديق، لبنى الشيخ، يوسف إسماعيل، موسيقى فاروق الشرنوبي، أتبعه «سمراميس» من بطولة عزة بلبغ، أحمد صيام، سعيد صديق.
و«ليلة فى قصر الرشيد» من بطولة خليل مرسي، سعيد صديق، يوسف إسماعيل الذى لعب دور «بشار بن برد»، وهى من الأعمال المحببة لقلبي، ومن أروع الأدوار الذى برع الفنان يوسف إسماعيل فى أدائها، و«أغنياء فقراء ظرفاء» للمؤلف ألفريد فرج، من بطولة هناء الشوربجي، أتبعها مجموعة من العروض.
حتى ظل مسرح السامر متنفسا ومنفذا لكل فرق الأقاليم، التى تأتى له من جميع المحافظات لتقديم عروضها عليه، وتُعد فرقة السامر من أهم الفرق المسرحية العريقة، التى تحمل تاريخًا طويلًا رائعًا كاد يُسدل عليه ستار النسيان.
■ ساهمت بدور بارز فى المسرح الكنسى من ٢٠٠٦ حتى وقتنا هذا.. فكيف تنظر لهذه المرحلة؟
- يلعب المسرح الكنسى دورا كبيرا فى مجتمعنا المصري، ويهدف إلى تزويد الشباب بالقدر المناسب من المعلومات الثقافية، والروحية، والنفسية، والخبرات المختلفة التى تجعل منه عضوا عاملا فى الكنيسة والمجتمع.
وقد أنشأ البابا شنودة مهرجان الكرازة المرقسية، ويتولى أسقفيته نيافة الأنبا موسى، فى مصر، والسودان، وكل بلاد المهجر، وهو عرس ثقافى يشمل كل الفنون سواء مسرحا أو فنونا تشكيلية وغيرهما، والذى يُقام خلال شهرى أغسطس، وسبتمبر، أُشارك خلاله فى لجنة التحكيم، وبعض الندوات فى شكل اجتماعى توعوي، بناء على تكليفات نيافة الأنبا موسى.
وعندما اقترحت عليه لإصدار كتاب عن الدورات التدريبية للشباب فى المهرجان وافق على الفور وكتب مقدمته، ويحمل الكتاب عنوان «المسرح وعناصره الأساسية» فى جزئيه الأول والثاني، فالحديث عن المهرجان باستفاضة يحتاج لوقت طويل.
■ وماذا عن أول مهرجان للثقافة الجماهيرية؟
- أول مهرجان للثقافة الجماهيرية، كان بعنوان مهرجان المسرح فى الأقاليم، ووصل رصيد المهرجانات المسرحية فى قصور الثقافة، إلى عدد كبير حتى وقتنا هذا، فقد مر هذا المهرجان الأول على ٣ مراحل، الأولى بسوهاج، والثانية بكفر الشيخ، وقدمت العروض التى صعدت خلاله على خشبة المسرح القومي، واستمر المهرجان لمدة ١٠ أيام، تضمنت لجنة التحكيم أسماء كبيرة من بينهم: رشاد رشدي، كرم مطاوع، على الراعي، عبدالقادر القط، وغيرهم.