قررت المحكمة الدستورية العليا، برئاسة المستشار سعيد مرعي عمرو، رئيس المحكمة، الحكم في الدعوي رقم 97 لسنة 30 قضائية " دستورية "، بعدم دستورية نص البند (هـــ) من المادة (502) من القانون المدني، في مجال سريانها على هبة أي من الوالدين لابنه.
وصرح المستشار محمود محمد غنيم- نائب رئيس المحكمة، ورئيس المكتب الفني- بأن الحكم تأسس علي أن المشرع استقي حكم النص المطعون فيه من الفقه الحنفي، الذي منع رجوع الوالد في هبته لابنه، ولو كان لديه عذر يبيح ذلك، حال أن جمهور الفقهاء من المالكية والشافعية والحنابلة وعلماء المدينة يجيزون ذلك. وقد دل الفقهاء باختلافهم هذا علي عدم وجود نص قطعي الثبوت والدلالة في مبادئ الشريعة الإسلامية يحكم هذه المسألة.
وأضاف من ثم تعتبر من المسائل الظنية التى يجوز فيها الاجتهاد، وهي بطبيعتها متطورة، تتغير بتغير الزمان والمكان.
وإذا كان الاجتهاد فيها حقًا لأهل الاجتهاد، فمن باب أولي يكون هذا الحق لولي الأمر ( المشرع)، ينظر في كل مسالة بما يناسبها، في إطار المقاصد الكلية للشريعة الإسلامية، بما تقوم عليه من الحفاظ علي الدين والنفس والعقل العرض والمال.
متي كان ذلك، وكان منع الأب من الرجوع في الهبة يجعله في حرج شديد، ويرهقه من أمره عسرًا، ويعرضه لمذلة الحاجة بعد أن بلغ من العمر عتيا، إذا أحوجته الظروف لاسترداد ما وهبه لابنه، ورفض الابن إقالته من الهبة، إضرارًا به، مستغلًا أن النص المطعون فيه يمنع الأب من الحصول علي حكم قضائي في هذا الشأن، ضاربًا عرض الحائط بالواجب الشرعي والأخلاقي لبر الوالدين، وعدم عقوقهما، والاحسان إليهما وطاعتهما في غير معصية.
وأوضح أنه يكون منع القضاء من الترخيص للأب في الرجوع في الهبة، ولو توافر له عذر يبيح ذلك، فضلاً عن كونه يصادم ضوابط الاجتهاد والمقاصد الكلية لشريعة الإسلامية، فإنه يكون قد انطوي علي تمييز غير مستند لمبرر موضوعي بحسب صلة القرابة المحرمية التي تربط الواهب بالموهوب له، وذلك بالمخالفة لأحكام المواد (97،92،53،2) من الدستور.