تسبب قرار الحكومة الإثيوبية بطرد مسئولى الأمم المتحدة، أواخر شهر ديسمبر المنصرم، فى غضبة عالمية ضد رئيس الوزراء الإثيوبى آبى أحمد، المتهم بارتكاب جرائم حرب، ضد عرقية التيجراى الذى يعانى منهم ٥ ملايين شخص في حاجة لمساعدات إنسانية، ويستخدم التجويع كسلاح حرب.
وقال الكاتب الأمريكى من أصل إثيوبى ماوى أسيدوم، فى مقال له بصحيفة "واشنطن بوست" الأمريكية، إنه يجب على الولايات المتحدة تصنيف ما يحدث من الحكومة الإثيوبية تجاه عرقية تيجراى بالإبادة الجماعية.
وأضاف "أسيدوم" أنه "على مدى الأشهر الـ١١ الماضية، قتلت حكومة رئيس الوزراء الإثيوبى أبى أحمد واغتصبت وعذبت أبناء تيجراي بشكل جماعي"، متسائلا "هل ستصنف إدارة بايدن هذه الأعمال بأنها إبادة جماعية وتفرض عواقب مناسبة؟" واستطرد "إذا لم يكن الأمر كذلك، فإن الولايات المتحدة ستعطى الضوء الأخضر بشكل فعال للإبادة الجماعية لأى زعيم لا يرحم بما يكفي لاتباع طريقة أبى أحمد والعنف الجنسى واستخدام المجاعة كأسلحة حرب".
وأوضح الكاتب الأمريكى مؤلف كتاب "عن الخنافس والملائكة: رحلة صبى رائعة من مخيم للاجئين إلى هارفارد" أن "القضية المرفوعة ضد إدارة أبى واضحة ومباشرة، فتصرفات حكومته كما وصفها عدد لا يحصى من المراقبين الدوليين، تتناسب مع تعريف الأمم المتحدة للإبادة الجماعية.
وتُعرِّف الأمم المتحدة الإبادة الجماعية بأنها "أعمال تُرتكب بنية التدمير الكلى أو الجزئى لجماعة قومية أو إثنية أو عرقية أو دينية"، وتدعو إلى خمسة أعمال إبادة جماعية محددة". وأكد أنه تم توثيق قيام الحكومة الإثيوبية بارتكاب أربعة من هذه الأفعال الخمسة: وهى "قتل أعضاء المجموعة"، و"فرض إجراءات تهدف إلى منع الإنجاب داخل المجموعة"، و"التسبب في ضرر جسدى أو عقلى خطير لأعضاء المجموعة" و"عمدًا" إلحاق الأذى بالجماعة بظروف معيشية يُقصد بها تدميرها المادي".
وتابع ماوي أسيدوم "عند غزو تيجراى فى نوفمبر ٢٠٢٠، قطعت حكومة أبي جميع الاتصالات وقيدت الوصول إلى تيجراى، ولم يكن لدى الأقارب المذعورين في الخارج أي وسيلة للاطمئنان على أحبائهم، وكان التزام أبي بالسرية قويًا لدرجة أن قواته أطلقت النار واعتقلت عمال الإغاثة التابعين للأمم المتحدة الذين كانوا يحاولون مساعدة اللاجئين فى تيجراى".
وقال الكاتب الأمريكى ماوى أسيدوم خاطر الصحفيون وعمال الإغاثة بحياتهم لنشر روايات مروعة عن جرائم حرب عبر تيجراي، من قبل القوات الإثيوبية والإريترية، ومئات المدنيين ذبحوا خارج كنيسة في مدينة أكسوم المقدسة في إثيوبيا.
وبحسب ما ورد تركت جثثهم المتعفنة للضباع؛ إلى جانب مقتل عشرات المدنيين من قبل الطائرات الحربية الإثيوبية فى سوق مزدحمة في توجوجا، ناهيك عن جرائم القتل الجماعي غرب تيجراي التي أشار إليها لاحقًا وزير الخارجية أنطوني بلينكين بأنها أعمال "تطهير عرقى".
وأضاف أسيدوم: "العيادات الصحية أبلغت عن وقوع عنف جنسى وحشى ضد النساء والفتيات فى تيجراي، وعالج الأطباء المصابون بالصدمة النساء العاجزات اللواتي تم حرق مهبلهن، وأخريات تعرضن للضرب فى مهبلهن، ثم حشوهن بالمسامير والحجارة.
وتعرضت نساء أخريات للاغتصاب الجماعى من قبل الجنود الذين أخبروهن أن أرحام تيجراي يجب ألا تنجب أطفالًا مرة أخرى". وفى أغسطس لخصت منظمة العفو الدولية هذا العنف المنهجى القائم على النوع الاجتماعى فى تقرير بعنوان "لا أعرف ما إذا كانوا قد أدركوا أنني كنت شخصًا".
ولفت الكاتب في مقاله المنشور الأسبوع الماضى، إلى أنه طوال كل هذه الشهور المليئة بالانتهاكات والجرائم، حافظ رئيس الوزراء الإثيوبى آبى أحمد، على رد مستمر على الاتهامات بارتكاب جرائم حرب: وهو "إنكار، وإنكار، وإنكار" وألقى باللوم دوما على تيجراى.
وتابع ماوي أسيدوم "عندما طردت قوات دفاع تيجراي جيوش أبى أحمد من ميكيلى صعدت حكومة أبي من لغة الإبادة الجماعية ضد التيجراي، حيث أطلق عليه رئيس الوزراء الإثيوبي اسم "الأعشاب" و"السرطان" و"الضباع النهارية".
وأكد أن رئيس الوزراء الإثيوبي انتقل بعد ذلك إلى الجزء الأكثر اتساقًا في منهجه ضد تيجراي باستخدام التجويع كسلاح حرب ضد المدنيين، واليوم تعاني ٧٩٪ من الأمهات الحوامل والمرضعات اللائي تم فحصهن من قبل الأمم المتحدة من سوء التغذية، ويواجه ما لا يقل عن ٥ ملايين من سكان تيجراي المجاعة.
وأوضح أنه "في الأسبوع الماضي فقط، صدم أبي العالم بطرد مسئولى الأمم المتحدة الذين يمكن أن يساعدوا في تخفيف حدة المجاعة، بما في ذلك رئيس اليونيسف في البلاد، وأشار السكرتير الصحفي للبيت الأبيض، جين باساكي إلى "إننا نشعر بقلق عميق من أن هذا الإجراء يستمر في اتباع نمط من قبل الحكومة الإثيوبية لعرقلة تسليم المواد الغذائية والأدوية وغيرها من الإمدادات المنقذة للحياة لمن هم في أمس الحاجة إليها".
وقال "إنه مع تزايد مواجهة إدارته للعقوبات والتداعيات الاقتصادية، حذر أبي أحمد العالم من التدخل في إثيوبيا، ويدعي هو وحكومته أن أي إجراءات لفرض المساعدات الإنسانية على المنطقة- أو إجبار حكومته على التفاوض مع قادة تيجراي المنتخبين- من شأنه أن ينتهك سيادة إثيوبيا". وبعد استعراض الأزمة بين تيجراي وآبي أحمد، والجرائم التي ارتكبتها الحكومة الإثيوبية استخلص "ماوي أسجيدوم" أنه "من خلال هذا المنطق، يمكن لأي زعيم ارتكاب إبادة جماعية وقتل الملايين من شعبه، أو يمحو مجموعة عرقية بأكملها، طالما أنه يفعل ذلك داخل حدوده.
وأكد أنه إذا فشلت إدارة بايدن في تسمية ما يحدث في تيجراي بالإبادة الجماعية، فستكون الرسالة واضحة لأي مجرم حرب في المستقبل: "سننظر في الاتجاه الآخر بغض النظر عما تفعله، يمكنك اغتصاب الفتيات بشكل جماعي، وتجويع شعبك، وقتل حشود من المدنيين، وردا على ذلك سوف نشارك فقط عبارات تبعث على القلق".