لقد اندلعت حرب أكتوبر 1973، وتهافتت المشاهير آنذاك على القيام بأدوار بطولية لمساعدة الوطن وقت المحنة حتى تحولت لانتصار عظيم سطره التاريخ بأحرف من ذهب، ولعل أبرز هذه الأدوار، حينما توجه الملحن الراحل بليغ حمدي رفقة أميرة الغناء العربي «وردة»، إلى مبنى الإذاعة والتليفزيون، واصطحبا معهما الشاعر عبدالرحيم منصور، عصر يوم 6 أكتوبر.
تفاجئ الثلاثي بمنعهم من الدخول من قبل الأمن، ليصرخ بليغ حمدي قائلًا: «هاتوا وجدي الحكيم»، حيث كان الأخير مسئولًا بالإذاعة، حتى حضر وجدي وحاول التفاهم معه، مشيرًا بأن الحرب بدأت ولا يصلح دخول الإذاعة في هذا الوقت، الأمر الذي أدى إلى انفعال حمدي.
وحذر بليغ المسؤولين وقتها، بأنه سيحرر محضرًا بمنعه الغناء لبلده، ومع إصراره على الدخول، سمح له بابا شارو (محمد محمود شعبان) مدير الإذاعة بالدخول.
وواجه بليغ ووردة عائقًا جديدًا بعدم وجود ميزانية في الإذاعة لعمل اغاني جديدة، ليعبر حمدي برد فعله الذي أظهر فيه كل الحب لبلده بكتابة إقرار أنه متحمل جميع مصاريف الأغاني من كلمات وفرقة موسيقية.
واستدعى بليغ حمدي، أحمد فؤاد حسن قائد الفرقة الماسية، الذي رفض تقاضي أي أجر أو مبالغ عن عمله ونفس الأمر مع الشاعر عبدالرحيم منصور، وبدأت الفرقة الماسية الحضور تواليًا لمبنى الإذاعة والتليفزيون.
حكاية أول أغنية عن حرب أكتوبر
وكتب منصور، أغنيتين هما (بسم الله) و(أنا على الربابة)، وبدأ بليغ في تلحين الأغنية الأولى وانتهى منها عند مغرب يوم السادس من أكتوبر، ولكن لم يحضر الكورال لظروف حظر التجوال بسبب الحرب، ليضطر الملحن الراحل لجمع جميع العاملين بمبنى الإذاعة، بالإضافة إلى عمال الشاي وغيرهم، وقام بتحفيظهم اللحن وعند الساعة الثانية عشر من 6 أكتوبر، كان بليغ يسجل الأغنية، والتي سمعها بابا شارو فجر يوم 7 أكتوبر مندهشًا .. كيف قام بليغ حمدي ومعاونيه بهذا العمل الرائع في هذه الساعات القليلة، وأذيعت الأغنية صباح يوم السابع من أكتوبر كأول أغنية جديدة عن حرب أكتوبر المجيدة.
وكانت وردة، ظهرت في حالة إعياء في مبنى الإذاعة والتليفزيون، جالسة علي أحد الكراسي خالعة لحذاءها في انتظار دورها في تسجيل أغنية (وأنا على الربابة بغني).