في طندتا_اسم طنطا القديم_يرقد الجسد الشريف للقطب الكبير السيد أحمد البدوي رضى الله تعالى عنه.
فهو:أحمد بن علي بن يحيى البدوي المولود بفاس ببلاد المغرب 596 هـ/1199 م - والمنتقل بطنطا 675 هـ/1276 م.
يمتد نسبه الى الإمام الحسين عليه السلام فهو شريف علوي، كان قد انتقل أجداده من مكة إلى العراق بعد فاجعة كربلاء واضطهاد الأمويين لهم عقب استشهاد السبط الشهيد الحسين بن علي عليهما السلام.
هذا الولي الكبير،الذي يعد واجهة التصوف في العالم الإسلامي،وهو إلى جانب ذلك يشكل نقطة إرتكاز التصوف في منطقة وسط الدلتا داخل الأراضي المصرية العامرة بمراقد آل البيت عليهم وعلى جدهم الصلاة والسلام.
فلا يكاد أن يذكر التصوف إلا ويقرن باسمه القطب البدوي قدس الله سره الشريف.
ولا يكاد أن يذكر_ أيضا_الجامع الأزهر الشريف إلا ويقرن باسمه المسجد الأحمدي بطنطا حيث أن المقولة الشهيرة:
"المسجد الأحمدي بطنطا صنوا للجامع الأزهر الشريف".
تحول المسجد الأحمدي إلى معهد للعلوم الإسلامية خلال القرن الثاني عشر الهجري على غرار الجامع الأزهر، وكان عدد طلابه أكثر من 2000 طالب، وله شيخ كشيخ الأزهر وبلغ قمة مجده وازدهاره خلال القرن الرابع عشر الهجري.
تذكر بعض المصادر:أن حلقات العلم كانت قد انتقلت إلى المسجد الأحمدي بطنطا حين توقفت بعض الوقت في الجامع الأزهر الشريف لظروف قاهرة.
ولد القطب العارف بالله البدوي في المغرب، وقدم إلى مصر،وعاش في طنطا، وتوفى بها، وكان له مشاركات عسكرية كبيرة، حيث اشترك في الحرب حتى الانتصار على الصليبيين.
لم يكن البدوي سلطانًا دنيويا وانما ضربت له الشهرة والمهابة وذيوع الصيت في عالم الأرواح، حتى فاق ملوك الدنيا، كيف لا وهو انعكاس لسلطنة امتدت لترسم حدود مملكتها في دائرة التصوف التي بات غالبية فكرها منسوبًا إلى الشيخ طيب الله ثراه.
عرف بصمته الدائم.. متأملًا فى السماء، فخطابه لها وحدها.
لقبه مريدوه بألقاب كثيرة لعل من أشهرها "السطوحي، شيخ العرب، أبو فراج، البدوي، أبو اللثامين".
فهو بذلك مؤسس مدرسة صوفية عبرت حدود مصر للعالم الإسلامى، محمولًا على بطولات الملاحم الشعبية، التى صورته بطلًا وطنيًا وشعبيًا، «الله.. الله يا بدوى جاب اليُسرى»، هكذا تغنى بتراثه مريدوه عبر الأزمان.
فى مدرسة السيد، تربى رجال مجاهدون، فى مقدمتهم سيدى عبد العال وشقيقه عبدالمجيد.
كانت نخبة مريديه، بمثابة إدارة التوجيه المعنوى فى الجيوش الحديثة، وشارك أغلبهم فى مقاومة غزو الفرنجة، وكانوا أبطال هزيمة حملة لويس الـ16، ملك فرنسا، الذى أسره المصريون فى دار ابن لقمان بالمنصورة، وأسر معه الآلاف من جنوده.
عاصر سيدي أحمد البدوي من الحكام بمصر الملك الكامل والملك العادل والملك الصالح أيوب، وشجرة الدر، والمعز أيبك والمنصور، والسلطان قطز، والظاهر بيبرس، وكان الظاهر بيبرس يجله ويزوره.
فلم تكن حياة شيخ العرب حياة جذب وانطواء داخل الخلوة كما يدعي بعض خصوم التصوف إلى جانب شراذم المتمصوفة بل كانت حياة علمية بدأت بواكيرها في حفظه للقرآن الكريم،وتفقهه على مذهب الإمام الشافعي فكان بحرا في العلم لا يدرك له قرار،الى جانب كونه مجاهدا ومقاتلا كما سبق أن أشرنا إلى ذلك.
اتخذ الشيخ من سطح دار ابن شحيط_شيخ البلدة_مقرا لجامعته الصوفية التنويرية حتى لقب أتباعه ومريديه بالسطوحية.
وكحال أهل الصلاح والإصلاح في كل زمان ومكان،فإن الشيخ الجليل لم يسلم من الوشاية به،ومن حقد الحاقدين عليه، فدس عليه الحاسدون الدسائس ولكن:
قد تنكر العين ضوء الشمس من رمد
وينكر الفم طعم الماء من سقم...
يقول الكاتب الأستاذ عبدالرحمن فهمي في معرض حديثه عن القطب الكبير سيدي أحمد البدوي....
عشرات المتصوفين وضعوا بصماتهم فوق جبهة الحياة، ثم مضوا، واختفوا، في حنايا التاريخ، ولم نعد نسمع عنهم... وهناك متصوفون أجبروا الأجيال علي ذكرهم وذكر تعاليمهم، وترديد أورادهم... من هؤلاء سيدي أحمد البدوي فهل هناك ملامح أخري غير ملامح التصوف في شخصية سيدي أحمد البدوي ؟
"هل هو متصوف فقط ؟.. هل هو رجل ديني عادي ؟ أم قائد شعبي؟.. أم هو رجل دين وعلم وسياسة أيضا؟. وإلا.. فما هو السر الذي جعل مئات الألوف إن لم تكن الملايين تلتف حوله في حياته... ثم حول مبادئه وبركاته وضريحه في طنطا بعد وفاته.