أكد الدكتور هانى تمام، أستاذ الفقه المساعد بكلية الدراسات الإسلامية والعربية، بجامعة الأزهر الشريف، أن تجديد الخطاب الدينى ليس معناه تغيير الدين وثوابته وإقصائه، وإنما المراد به أن نُعيد إلى الدين رونقه وجماله ورحمته بالخلق، وأن نزيل عنه كل ما لحق به من أمور لا تليق به وبمقاصده وغاياته، وأن نرجع بالخطاب الدينى إلى أصله النقى الصافى الذى يرعى مصالح البلاد والعباد، ويدعو إلى عمارة الأرض وتزكية النفس ومحاربة الفساد والإفساد.
ولفت أستاذ الفقه المساعد بكلية الدراسات الإسلامية والعربية، بجامعة الأزهر الشريف، فى تصريحات خاصة «البوابة نيوز»، إلى أننا أمرنا أن نعيش بمنهج سيدنا النبى محمد صلى الله عليه وسلم الذي يصلح لكل زمان ومكان، وليس بنفس مقتضيات عصره.
وأشار «تمام»، إلى أن بعض الأحكام قطعية ثابتة لا تقبل التغيير والتبديل، مثل الصلاة والزكاة والحج وحرمة الخمر والقتل والزنا، لكن هناك أحكام ظنية حدث فيها اختلاف بين العلماء والفقهاء، كل منهم بنى رأيه واجتهد فيها وفق المكان والزمان ومقتضيات العصر وظروف الناس، ومن الأدلة على ذلك أن الإمام الشافعى رحمه لما قدم مصر المحروسة غيَّر مذهبه، وأنشأ مذهبًا جديدًا يتوافق مع أهل مصر وظروفهم وأعرافهم.
ونوه إلى أن الخطاب الدينى متجدد ومتطور بطبعه وأصله، وإلا ما صلح لكل زمان ومكان، وتراثنا العظيم قد أكد هذا الأمر ووضحه وضوحا عمليا، فكم من مسائل اختلف فيها المتأخرون من علمائنا مع مشايخهم المتقدمين نظرا لتغير الأعراف والأحوال.
وأشار، إلى أن الخطاب الدينى متجددا ومتطورا ذاتيا، لكن المشكلة الحقيقية تكمن فى بعض المتحدثين والمتصدرين للخطاب الدعوى والدينى، فنحن نحتاج الآن لتجديد هؤلاء، وهذا هى المشكلة؛ لأن المخاطِب والمتحدث إذا انغلق على نفسه ولم يتجدد ويتطور ويراعى ظروف العصر الذى يعيش فيه فإنه يفسد أكثر مما يصلح، وهؤلاء المنغلقون على أنفسهم ليس لديهم القدرة على التجديد نظرا لافتقادهم أدوات التجديد، بالإضافة إلى جمودهم على ظواهر بعض النصوص دون معرفة مراميها ومقاصدها، وعدم النظر إلى مقتضيات العصر ومتطلباته؛ مما يترتب على ذلك المشقة على خلق الله، كما أنهم يقفون ويجمدون على أقوال بعض الفقهاء والعلماء السابقين التي كانت تتوافق مع عصرهم ولا تتوافق مع عصرنا، ولا يستطيعون أن يحيدوا عنها، كما أنهم ليست لديهم القدرة على قراءة الواقع قراءة صحيحة بصورة شمولية عميقة، وهم المنحصرون فى جماعات السلفيين والإخوان الإرهابيين الذين يعيقون عمليات التجديد.
وأوضح، أن أى مجدد فى الخطاب الدينى لا بد أن يتوافر فيه أمران فى غاية الأهمية، الأول: الدراية بأحكام الشرع الشريف دراية علمية صحيحة منضبطة، والثانى: الدراية بالواقع الذى يعيش فيه، ومقتضيات العصر وظروف الناس وأحوالهم؛ لافتا إلى أن المؤسسات الدينية الرسمية تعمل بجدية على تجديد الخطاب الدينى ورفع كل الأوهام والأخطاء التي لصقت به ظلما وبهتانا، منذ أن نادى الرئيس عبد الفتاح السيسى، بتجديد الخطاب الدينى منذ سنوات.
وعن الاشتباك الدائم بين بعض المثقفين وعلماء الدين؛ أكد أن هناك خلطا وعدم احترام للتخصص، والقاعدة تقول: «لو سكت من لا يعلم لا رتفع الخلاف»، والقاعدة تقول: «إذا تكلم الإنسان في غير فنه أتى بالعجائب». فكما أنه لا يجوز لعالم الدين أن يتدخل فى تخصصات العلوم الأخرى ويفتى ويتكلم فيها، فكذلك لا يجوز لهؤلاء المثقفين التدخل فى أحكام الشرع والمطالبة بالتغيير والتجديد جزافا دون معرفة الضوابط الخاصة بذلك والجهد المبذول من المؤسسات الدينية المنوط بها التجديد.
وشدد على أن كل فئات المجتمع لها دور الشراكة فى تجديد الخطاب الدينى كلٌ حسب مجاله واختصاصه برعاية علماء الدين وأهل الاختصاص بما يحقق المصلحة العامة دون المساس بالثوابت الدينية، حتى لا تحدث نتيجة عكسية ويتسبب هذا فى فقد الشباب الثقة فى الدين وعلمائه وبالتالى تتلقفهم أيدي التطرف والإرهاب أو أيدى التسيب والانحلال.