تحل علينا هذه الأيام الذكرى الـ 48 لانتصارات حرب أكتوبر المجيدة عام 1973، المعركة الباسلة التى خاضتها القوات المسلحة المصرية ضد العدو الصهيونى المحتل، والتى كانت ردًا على نكسة عام 1967. وحققت القوات المسلحة انتصارًا ساحقا خلال حرب أكتوبر المجيدة، حيث كتب الجيش المصرى فى هذا اليوم صفحات تاريخية عسكرية خالدة على مر العصور، فكانت الحرب مفاجأة أدهشت العالم، أدت إلى تغيير أجندة العالم سياسيًا وعسكريًا واقتصاديًا، فضلًا عن توقيت الحرب الذى لم يكن ضمن حسابات العدو الإسرائيلى، حيث بدأت الحرب فى تمام الساعة الثانية ظهرًا يوم 6 أكتوبر عام 1973، والموافق العاشر من رمضان.
ونفذت أكثر من 200 طائرة حربية مصرية ضربات جوية على أهداف العدو الإسرائيلى بالضفة الشرقية لقناة السويس، ما أربك حسابات العدو، وكان عنصر المفاجأة سببًا كبيرًا فى الانتصار، وأثبت الانتصار للعالم أجمع أن أسطورة الجيش الإسرائيلى الذى لا يُقهر، هى مجرد كلمات واهية، وظهرت قوة الجيوش العربية والتضامن العربى بين مصر وسوريا آنذاك. وتلقى «البوابة» الضوء على بطولات أربعة مقاتلين فى حرب العبور المجيدة، لتذكر الأجيال الجديدة بسالة القوات المسلحة والشعب المصرى على مر التاريخ.
اللواء إبراهيم شكيب.. صاحب فكرة إجهاض أنابيب النابالم فى خط بارليف
اللواء أركان حرب الدكتور إبراهيم شكيب، صاحب فكرة إجهاض أنابيب النابالم بخط بارليف، من مواليد عام ١٩٣٤، خريج الكلية الحربية الدفعة «٣٣» عام ١٩٥٦ سلاح المدفعية، شارك فى حرب ١٩٥٦، وحرب ١٩٦٧ فى الفرقة السادسة مشاة، وشارك فى حرب الاستنزاف فى عدة مواقع قتالية، وخلال حرب أكتوبر ١٩٧٣ كان فى عمليات منطقة البحر الأحمر، وله العديد من المواقف البطولية، حيث نجا البطل من الموت ٤ مرات خلال حرب ١٩٦٧.
ويقول اللواء الدكتور إبراهيم شكيب، إنه فى ١١ مارس ١٩٧١ اجتمع قائد الفرقة ٢١ المدرعة العميد عادل سوكه، والذى خلف العميد كمال حسن على، فى مقر القيادة بعد عودته من اجتماع مع اللواء عبد المنعم خليل قائد الجيش الثانى، وعرض أمر قيادة الجيش بمعرفة رأى الضباط فى كيفية التغلب على سلاح إسرائيل الجديد باستخدام «النابالم» فى إحباط محاولة المصريين عبور القناة، وكذلك معرفة كيفية إمكانية فتح الثغرات فى الساتر الترابى لعبور الدبابات.
ويستكمل اللواء إبراهيم شكيب: «فى ومضة ربانية وفقنى الله بأن اقترحت أن يقوم ٣١ «ضفدع بشرى» ليلة الهجوم بسد أنابيب النابلم الهابطة للقناة من ٣١ نقطة حصينة بواسطة مادة سريعة التصلب، كانت فكرتى بسيطة جدًا، مقارنة بأفكار زملائى القادة التى ذكروها قبلى، لكنها كانت قابلة للتنفيذ، واندهش العميد عادل سوكة من الفكرة، وطلب منى كتابتها فى ورقة، فأخبرته بأنها مجرد أربعة أسطر، ولا تحتاج لكى تكتب، فأمر بإحضار سيارته واندفع خارجًا لقيادة الجيش الثانى، وبهذه الفكرة التى اصطدمت برأسى وفقنى الله لكى أنقذ ٣٥ ألف جندى من الموت خلال العبور وفق تقديرات الخبراء السوفيت».
"الجندى الخارق الشهيد سيد أبوالقمصان" حامل المدفع
كان الجندى الخارق الشهيد سيد أبوالقمصان، صاحب الصورة الشهيرة للجندى الذى يحمل مدفعا ويتسلق به الساتر الترابى فى عبور القناة يوم ٦ أكتوبر ١٩٧٣. يقول اللواء حاتم عبداللطيف، أحد أبطال الموجة الأولى فى العبور فى الفرقة «١٦ مشاة»، إن الشهيد سيد أبوالقمصان من مركز بلقاس محافظة الدقهلية، عندما تم تدريب العساكر كان هناك مدفع مع المشاة يسمى «B ١٠» وكان وزنه ٨٦ كيلو، وفى التدريب كان يقسم نصفين «الماسورة» و«السيبيه» كى يستطعيوا تسلق السواتر والتى كانت على مسافة ٧ أمتار.
ويضيف: «فى الحرب كان الجندى البطل يتسلق الساتر الترابى بجوارى، يحمل المدفع كاملًا الذى يكون وزنه ٨٦ كليو، دون أن يتم فكه، وبومبتين مدفع وشدة القتال التى يصل وزنهما ما بين ٢٠ إلى ٢٢ كيلو، قد تزيد طبقًا لنوع الذخيرة، وكان يتسلق الساتر جريًا بقوة لا نهائية، ولم أستطع اللحاق به، فهذا هو إعجاز الجندى المصرى، فإن البطل الأول لحرب ١٩٧٣ هى الأم المصرية التى أنجبت أبناء الجيش، فهم الأبطال بدايةً من المقاتل وحتى القائد الذى خطط، وليس السلاح لتحمله الضغط النفسي»، وذلك خلال حواره مع «المجموعة ٧٣ مؤرخين».
المقاتل البطل بيومى أحمد عبد العال.. صائد الدبابات
انتهت دراسته فى عام ١٩٦٩، وتقدم لأداء الخدمة العسكرية؛ فالتحق بخدمة مدفعية الميدان، وتخصص فى سلاح مضاد للدبابات روسى الصنع اسمه «مالوتكا»، والذى أصبح يطلق عليه فيما بعد الاسم «فهد»، وهو صاروخ من الجيل الأول. ويقول البطل بيومى أحمد عبدالعال، إن مهمته هو وزملائه يوم ٦ أكتوبر ١٩٧٣ هى عمل رأس كوبرى على الشاطئ الشرقى من القناة وتأمين قواتنا التى كانت تعبر بعدنا القناة من هجمات دبابات العدو. ويواصل البطل، فى حواره مع «المجموعة ٧٣ مؤرخين»، أنه فى يوم ٨ أكتوبر جاءتنا أوامر بتطوير الهجوم، وتقدمنا وكانت دبابات العدو تأخذ خط السماء «أعلى بقعة فى الأرض»، وتطلق نيرانها علينا.
وتابع أن القائد طلب تدمير هذه الدبابات، وطلب منا التقدم ناحيتها للاشتباك معها، فتركناه وركبنا عربتنا وسرنا فى طريقنا حتى وصلنا إلى نقطة تسمى «أبووقفة»، وهناك وجدنا ١٣ دبابة إسرائيلية تسير من الشمال إلى الجنوب، وبسرعة أخنا مكاننا أنا وزميلى محمد عبدالعاطى، فقمت بفضل الله بتدمير عدد ٤ دبابات، ودمر البطل «عبدالعاطى» ٩ دبابات، وتركناها ما بين متفجرة وتشتعل فيها النيران، وكانت المنافسة على تدمير الدبابات على أشدها بينى وبين زميلى محمد عبدالعاطى إلا أنه قد سبقنى ببضع دبابات وأكرمنى الله بتدمير ١٨ دبابة وعربتين مجنزرتين.
اللواء على حجاج.. أول من أطلق صاروخًا على إسرائيل فى حرب أكتوبر 1973
اللواء على حجاج، أول من أطلق صاروخًا فى حرب أكتوبر ١٩٧٣، من طائرة اللواء طيار الجواهرجى، والذى أكد أن الحرب سبب فى استعادة سيناء بالكامل والكرامة المصرية، بعد أن أدرك العدو الإسرائيلى عدم قدرته على مواجهة القوات المصرية عسكريًا، وانطلق نحو الهدف المحدد بطائرة منتجة فى الخمسينيات بالتكنولوجيا التى كانت موجودة آنذاك.
ثم قال للواء الجواهرجى: إنه رأى الهدف المحدد، ثم قال القائد مصطفى زكى إنه رأى الهدف أيضًا، وخلال هذه الفترة كان يجمع اللواء على حجاج معلومات عن الهدف للتأكد منه من خلال النبضة أو التردد وغيرها، والذى جعله يتأكد من أنه الهدف المطلوب، ثم أمر القائد مصطفى زكى بالتوجه نحو الهدف، ثم أطلق اللواء على حجاج صاروخين نحو الهدف، وكذلك اللواء مصطفى زكى أطلق صاروخين.
ويقول اللواء على حجاج، فى حواره مع «المجموعة ٧٣ مؤرخين»، إنه رأى «أحلى منظر فى حياته لا يمكن نسيانه»، وهى لحظة سقوط الـ٤ صواريخ نحو الهدف المحدد، وتمت العودة بسلامة.