السبت 28 ديسمبر 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم

تقارير وتحقيقات

استراتيجية «ثقافية دينية تعليمية» لتطوير وعى المواطن.. تجديد الخطاب الديني يبدأ من هنا.. هاني تمام: أُمرنا أن نعيش بمنهج النبي وليس بمقتضيات عصره..  محمد داود: تخلف الأمة بسبب البعد عن الإسلام

ستاندر تقارير، صور
ستاندر تقارير، صور
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
الرئيس عبد الفتاح السيسى

يكرر الرئيس عبد الفتاح السيسى، النداء بين الحين والآخر، بضرورة تجديد الخطاب الدينى وكان أحدثها منتصف الشهر الماضى، حينما قال: «اللى عمل الدين ربنا، واللى عمل الوجود ربنا، فهل يتصور أحد أن ينزل الله دينًا يصطدم مع التطور الحضارى، فمن يتصور ذلك فهو يسىء للخالق العظيم.. أهل الشرائع والعلماء خايفين من إيه!، الدين مش هيضيع، لأن ده ربنا نزل رسل وكتب وحافظها لغاية يوم القيامة، ولو إحنا لم نخف وتصدينا للقضايا، وأصبنا فلنا أجران، وإن أخطأنا فلنا أجر واحد، يا ترى كعلماء دين مستعدين لكده ولا لا؟».

في الوقت ذاته، لا يزال الجدل مستمرًا، حول مفهوم ومعايير تجديد الخطاب الدينى، ومن المسئول عن تنفيذ التجديد، وما المعوقات التى تعيق تنفيذ هذه المطالب؟.

ومن هذا المنطلق؛ فتحت "البوابة"، الملف الشائك، مع علماء الدين والباحثين، حول معوقات تجديد الخطاب الدينى، طوال السنوات الماضية، ومفهوم التجديد، وتأثيره على القضايا التي تعيق التطور والتنمية فى المجتمع.

الدكتور أحمد عمر هاشم، عضو هيئة كبار العلماء

الدكتور أحمد عمر هاشم، عضو هيئة كبار العلماء، أكد أن تجديد الخطاب الدينى ضرورة فى كل عصر، لما يحدث من متغيرات فى المجتمع، وتطور علمى وتكنولوجى، واختلاف فى مقتضيات الحياة؛ مشددًا على أن تجديد الخطاب الدينى لا يعنى تغيير ا فى الدين، فالبعض لديه مفهوم خاطئ، فالقرآن محفوظ من رب العالمين، والحديث النبوى أيضًا، ولن تتغير الأحكام السماوية، وإنما يكون فى المستجدات التى لم توجد عند نزول القرآن، ونعيش فى عصور تطورت فيها مظاهر الحياة، وبالتالى لا بد أن يحدث إسقاط لهذه الأحكام.

وأشار «هاشم»، فى تصريحات لـ«البوابة»، إلى أن تجديد الخطاب الدينى يحتاج إلى إعلام قوى، ينقله من المساجد ومن مواقع الدعوة، ومن الأزهر إلى العالم كله، وحين ينقل يجب أن ينقل معه الحوار الذى يجرى به أصحاب الحق من العلماء، وهذا لم يحدث حتى الآن، رغم الجهود الكبيرة للأزهر وعلماء الأمة.

وتابع عضو هيئة كبار العلماء، بأن مؤسسات الدولة جادة فى تجديد الخطاب الدينى، ولم تفشل بعد، واتخذت خطوات حقيقية فى هذا الأمر؛ لافتًا إلى أن العلماء والمفكرين صححوا كثيرًا من المغلوطات والشبهات في الخطاب الديني، وكان يستخدمها الإرهابيون في استقطاب شباب الأمة، للقيام بعمليات إجرامية مستغلين آيات القران الكريم والأحاديث النبوية، بصورة خاطئة فى إقناع الشباب بهذه الجرائم.

وأشار، إلى أن العلماء قدموا كتبا وبحوثا يستفيد منها الأجيال القادمة، فى نواحى الحياة المختلفة، وأوضح أنه قدم شرحًا عصريًا لصحيح الإمام البخارى، فى ١٦ مجلدًا، كما قدم موسوعة تشمل جميع أبواب العلم والفقه، بما يتماشى مع متغيرات العصر؛ لافتًا إلى أن التجديد مسئولية جميع الأطراف، فالدولة مسئولة عن تقديم من يتكلم فى أمور الدين، والمجتمع مسئول عن البحث عن المصدر الرسمي للفتوى وليس اللجوء اللى من ليس له حق الفتوى.

ونوه «هاشم»، إلى أن باب الاجتهاد، مفتوح ولم يغلق، لكن ليس كل من هب ودب له حق الاجتهاد، وإنما يكون للعلماء المتثبتين المتخصصين، فكل عالم له متخصص فالمجتهد فى التفسير يكون المتخصص الضليع فيه، وكذلك فى الفقه والعقيدة، يكون المتخصص الضليع فيها، فالله سبحانه وتعالى يقول: «فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِن كُنتُمْ لَا تَعْلَمُونَ».

وحذر الدكتور أحمد عمر هاشم، من اجتهاد غير المتخصصين، فإن هذا يتسبب فى الجور على الدين والعقيدة، وسيضيع وسطية الإسلام التى نشرها الأزهر الشريف في ربوع الأرض؛ لافتًا إلى السبب في حالة فوضى الفتاوى، التي يعيشها الناس فى أمور دينهم، يرجع إلى بعدهم عن أهل الذكر، وأصحاب الاختصاص، من علماء الأزهر الشريف، فلو رجعوا إليهم لعرفوا الحق، لكن ما نعيش فيه يرجع لعمل غير المتخصصين فى الفتوى.

وأشار إلى أن الفتوى لا تحق لأى إنسان، وإنما تحق لمن يحفظ القرآن والحديث، ويعرف أسباب النزول والناسخ والمنسوخ، والاستنباط، وغيرهما، فالقرآن مصدر التشريع الأول والسنة المصدر الثانى، بالتالى لا يجوز لأى شخص الحديث بالفتوى دون علم.

ولفت، إلى أننا نعيش حالة تراجع دينى بسبب بعد الناس عن الكتاب والسنة النبوية، ولا أخذت بمبادئ القرآن والحديث لا يمكن أن تتراجع أبدا، فالقرآن تبيان لكل شىء، كما قال الله تعالى، وأيضا كما أخبرنا سيدنا النبى محمد صلى الله عليه وسلم، حين قال: «تركت فيكم ما إن تمسكتم بهما لن تضلوا بعدي أبدا، كتاب الله، وسنتى».

المفكر الإسلامى، الدكتور محمد داود

تخلف الأمة ليس بسبب الإسلام

من جانبه؛ كشف المفكر الإسلامى، الدكتور محمد داود، عن أن التجديد يعبر عن مرونة الشريعة الإسلامية وتفاعلها مع ظروف الناس ومتغيرات الحياة؛ مؤكدًا أن التجديد مصطلح إسلامى أصيل ورد فى السنة النبوية بلفظه فى الحديث النبوى الشريف: «يبعث الله لهذه الأمة على رأس كل مائة عام من يجدد لها دينها»، وذلك لتغير الوقائع والأحوال وظهور مستجدات حديثة فى كل عصر تتطلب أحكاما من الشرع الحنيف.

وأشار «داود»، فى تصريحات لـ«البوابة»، إلى أن التجديد والتحديث معنى أكده القرآن الكريم، فى الآية الكريمة: «إِنَّ هَٰذَا الْقُرْآنَ يَهْدِي لِلَّتِى هِيَ أَقْوَمُ»، فالتجديد ضرورة حياتية ومطلب قرآنى متجدد، حتى لا يصاب المجتمع بالجمود والعزلة، والعزلة موت، ومن لم يتجدد يتبدد، ومن لم يتقدم يتقادم.

وأكد، أن المتدبر لسنة سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم، يرى أنه كان يعطى إجابات مختلفة عن السؤال الواحد، بحسب حال السائل، فالشاب له إجابة، والشيخ العجوز له إجابة، والمرأة لها إجابة، والمسافر له حكم، والمريض له حكم، وهكذا، هذا في الوقت والزمن الواحد فما بالنا إذا تغير الزمان والمكان، ولذلك غير الإمام الشافعى كثيرا من أحكامه وفتاويه لما جاء من الشام إلى مصر.

وأضاف، أن التأخر في تجديد الخطاب الدينى كل هذه السنوات، أمر يتعلق بالقدرة، والقوة الفكرية فى المؤسسات التى تصنع الفكر، لكن الواقع مؤلم، حيث إن هذه المؤسسات في صدام ونزاع فكرى وهى «الثقافة، الأوقاف، التربية والتعليم، الأزهر»، وليس عندنا مشروع فكرى تجتمع عليه هذه المؤسسات وتتعاون فى إنجازه.

وقال: «نحتاج لتفعيل التجديد واحيائه لقرارات ثلاثة، وهى قرار علمى يملك الرؤية والتخطيط، وقرار اقتصادي للتمويل، وقرار سياسى سيادى للتمكين، أيضا نشر ثقافة بأهمية التجديد وأنه قرار مجتمع يريد التخلص من الجمود والتخلف وينطلق فى مسيرة التنمية والحضارة».

وشدد «داود»، على أن تخلف الأمة ليس بسبب دين الإسلام، بل كان بسبب البعد عن الإسلام، وعدم اتباع هدى الإسلام، الذى أمر بالعمل، ولم نعمل!!، وأمرنا بالإتقان والجودة، ولم نحسن!، وأمرنا أن نتعاون، وأمرنا بالتنافس في فعل الخيرات، وأمرنا بأن نكون يدًا واحدة.. قوتنا في وحدتنا.. وأمرنا أن يكون لنا مثل وكالة ناسا، «ولم نفعل»، كما أمرنا بالعلم وأمة «اقرأ» لا تقرأ!!

وأضاف، أن الإسلام أمرنا بتحقيق الصلاحية فى أمر الدين والدنيا لنستحق الحياة الطيبة، ولم نفعل، واقتصرنا فى معنى الصالحية على العبادات فقط، فهذا ينفق عشرات الآلاف فى عمرة تتكرر، أو في حج يتكرر، ولا ينفق على بناء العقل المسلم في المعامل والبحوث الجادة... إلخ، كما أمرنا بإعمال العقل والتفكير العلمى؛ فاشتمل على ١٢٦٠ سؤالًا للعقل البشرى.. ولم نفعل!! بل كان منا الجمود العقلي، ولم ينشط العقل المسلم لإنتاج نموذج فكرى من القرآن والسنة يُظهر به هُويته الحضارية.

وأشار، إلى أن التاريخ يشهد أن هذه الأمة «أمة الإسلام» فترات قوتها حين تقبل وتهتدى وتستجيب للقرآن، وأن فترات ضعفها حين تتخلى عن القرآن، وأنه سرعان ما تبعث فيها القوة والتمكين والسيادة حين تعود إلى قرآن ربها؛ لافتا إلى أن الذى ينبغى علينا الآن الثبات.. وأن نعلم أولادنا الدرس.. أملًا فى تحقق بشرى ووعد سيدنا رسول الله ﷺ بحسن العاقبة والنصر للإسلام.

تجديد الخطاب الدينى والعلماء المصلحون

من جانبه، كشف محمد عامر، الباحث والمحقق فى التراث الإسلامى، عن أن هناك بعض من المخطوطات والكتب الإسلامية فى التراث الإسلامى، كانت تناسب الفترة التى أنتجت فيها ولا تناسب كل موضوعاتها وقضاياها العصر الحالي، بالتالي تنقية التراث أصبحت ضرورة وليس إلغائه أو الاجهاز عليه، أو التشكيك فيه كما يطالب ويفعل البعض.

وقال «عامر»، إن الإمام الشافعى في كتابه الأم غير بعض فتاويه التى كان يفتى بها في العراق، عندما جاء إلى مصر، لاختلاف الزمان والمكان والأشخاص والعادات والتقاليد؛ لافتا إلى أن الانطلاقة القوية إلى الأمام تتطلب الرجوع إلى الخلف، عبر التراث وتنقيته وإعادة تحقيقه وصياغته وشرحه بصورة تناسب العصر والمكان والتطور الرهيب الذى وقع فى المجتمع.

وأشار، إلى أن تجديد الخطاب الدينى يتطلب النظر إلى الذين يبحثون في هذا التجديد، وهم مؤسسة الأزهر الشريف جامعته، ومجمع البحوث الإسلامية، ودار الإفتاء، ووزارة الأوقاف والمجلس الأعلى للشئون الإسلامية، جميعهم بهم علماء كبار، لكن بعص السلفية مدعى العلم اقتحموا المجال وجاءوا بفتاوى من التراث دون وعى لا تصلح لهذا الزمان ولا ذاك المكان.

ونوه، إلى أن معظم الكتب الموجودة فى المكتبات الإسلامية فى منطقتي الأزهر والحسين، غير مراجعة، ومعظم من كتبوها غير جديرون بالعلم ولم يحصلوا العلم الشرعي، لافتا إلى أن لدينا ٤٠٠ مكتبة إسلامية، تقلد بعضها البعض، في وضع كتب معينة لعلماء بعينهم ويفرضونها على العقل الجمعى العربى، لقراءة كتب هؤلاء العلماء فقط، وهذا إهدار لتجديد الخطاب الدينى الذى يطلبه الرئيس عبدالفتاح السيسى.

وشدد «عامر»، على ضرورة اختيار الموضوعات البحثية فى الجامعة، التي تناسب وتنفع المجتمع، لافتا إلى أن بعض رسائل الدكتوراه والماجستير، ليس لها علاقة بالمجتمع ويضيع فيها جهد ووقت ولا نفع به، وإنما تراثية وليس لها علاقة بالزمان والمكان الراهن.

وأشار، إلى أن الوعى يبنى وليس مجرد وجود علم شرعى أو لغوى، وإنما باختبار الثقافات فى العالم، والتى تختلف عن بعضها البعض، وبالتالى عندما نصدر خطابا لهذه الثقافات المختلفة، لا بد أن نضع في الحسبان ضرورة أن يناسب ويتواكب مع هذه الثقافات؛ لافتًا إلى أن بعض الكتب والخطابات تركت طابع سيئ عن الإسلام والمسلمين فى الغرب.

وأضاف أن الاجتهاد لم يمت، ويجب على العلماء جميعا أن يجتهدوا لعلاج مشكلات المجتمع عبر الاجتهاد فى الفتاوى والقضايا التى تؤرق المجتمع، وبالتالى تجديد الخطاب الدينى سيعمل على إصلاح المجتمع، وهنا نحتاج إلى تفنيد جميع الدعاوى الخارجة عن الدين السمح الوسطى، الذى استوعب المسيحية واليهودية والبوذية، عبر الوعى وفهم الدين، وهذا يتطلب تكتاتف جميع الفئات في المجتمع لتحصين الأجيال القادمة بالفهم والوعى الدينى وتعايش الأديان.

وأوضح، أن هناك العلماء نوعان، أحدهما صالح والأخر مصلح، وشتان فيما بينهم، فالمصلح وهو من يصلح من نفسه ومجتمعه، وتجديد الخطاب الدينى يتطلب العلماء المصلحون، وهم قليلون، وهم على مر التاريخ تعرضوا للهجوم والاضطهاد، وهذا ما يخشاه كثيرا من العلماء الحاليين.

الدكتور هانى تمام، أستاذ الفقه المساعد بكلية الدراسات الإسلامية

منهج النبى أم مقتضيات عصره

أكد الدكتور هانى تمام، أستاذ الفقه المساعد بكلية الدراسات الإسلامية والعربية، بجامعة الأزهر الشريف، أن تجديد الخطاب الدينى ليس معناه تغيير الدين وثوابته وإقصائه، وإنما المراد به: أن نُعيد إلى الدين رونقه وجماله ورحمته بالخلق، وأن نزيل عنه كل ما لحق به من أمور لا تليق به وبمقاصده وغاياته، وأن نرجع بالخطاب الدينى إلى أصله النقى الصافى الذى يرعى مصالح البلاد والعباد، ويدعو إلى عمارة الأرض وتزكية النفس ومحاربة الفساد والإفساد.

ولفت أستاذ الفقه المساعد بكلية الدراسات الإسلامية والعربية، بجامعة الأزهر الشريف، إلى أننا أمرنا أن نعيش بمنهج سيدنا النبى محمد صلى الله عليه وسلم الذي يصلح لكل زمان ومكان، وليس بنفس مقتضيات عصره.

وأشار «تمام»، إلى أن بعض الأحكام قطعية ثابتة لا تقبل التغيير والتبديل، مثل الصلاة والزكاة والحج وحرمة الخمر والقتل والزنا، لكن هناك أحكام ظنية حدث فيها اختلاف بين العلماء والفقهاء، كل منهم بنى رأيه واجتهد فيها وفق المكان والزمان ومقتضيات العصر وظروف الناس، ومن الأدلة على ذلك أن الإمام الشافعى رحمه لما قدم مصر المحروسة غيَّر مذهبه، وأنشأ مذهبًا جديدًا يتوافق مع أهل مصر وظروفهم وأعرافهم.

ونوه إلى أن الخطاب الدينى متجدد ومتطور بطبعه وأصله، وإلا ما صلح لكل زمان ومكان، وتراثنا العظيم قد أكد هذا الأمر ووضحه وضوحا عمليا، فكم من مسائل اختلف فيها المتأخرون من علمائنا مع مشايخهم المتقدمين نظرا لتغير الأعراف والأحوال.

وأشار، إلى أن الخطاب الدينى متجددا ومتطورا ذاتيا، لكن المشكلة الحقيقية تكمن فى بعض المتحدثين والمتصدرين للخطاب الدعوى والدينى، فنحن نحتاج الآن لتجديد هؤلاء، وهذا هى المشكلة؛ لأن المخاطِب والمتحدث إذا انغلق على نفسه ولم يتجدد ويتطور ويراعى ظروف العصر الذى يعيش فيه فإنه يفسد أكثر مما يصلح، وهؤلاء المنغلقون على أنفسهم ليس لديهم القدرة على التجديد نظرا لافتقادهم أدوات التجديد.

بالإضافة إلى جمودهم على ظواهر بعض النصوص دون معرفة مراميها ومقاصدها، وعدم النظر إلى مقتضيات العصر ومتطلباته؛ مما يترتب على ذلك المشقة على خلق الله، كما أنهم يقفون ويجمدون على أقوال بعض الفقهاء والعلماء السابقين التي كانت تتوافق مع عصرهم ولا تتوافق مع عصرنا، ولا يستطيعون أن يحيدوا عنها، كما أنهم ليست لديهم القدرة على قراءة الواقع قراءة صحيحة بصورة شمولية عميقة، وهم المنحصرون فى جماعات السلفيين والإخوان الإرهابيين الذين يعيقون عمليات التجديد.

وأوضح، أن أى مجدد فى الخطاب الدينى لا بد أن يتوافر فيه أمران فى غاية الأهمية، الأول: الدراية بأحكام الشرع الشريف دراية علمية صحيحة منضبطة، والثانى: الدراية بالواقع الذى يعيش فيه، ومقتضيات العصر وظروف الناس وأحوالهم؛ لافتا إلى أن المؤسسات الدينية الرسمية تعمل بجدية على تجديد الخطاب الدينى ورفع كل الأوهام والأخطاء التي لسقت به ظلما وبهتانا، منذ أن نادى الرئيس عبد الفتاح السيسى، بتجديد الخطاب الدينى منذ سنوات.

وعن الاشتباك الدائم بين بعض المثقفين وعلماء الدين؛ أكد أن هناك خلطا وعدم احترام للتخصص، والقاعدة تقول: «لو سكت من لا يعلم لا رتفع الخلاف»، والقاعدة تقول: «إذا تكلم الإنسان في غير فنه أتى بالعجائب». فكما أنه لا يجوز لعالم الدين أن يتدخل فى تخصصات العلوم الأخرى ويفتى ويتكلم فيها، فكذلك لا يجوز لهؤلاء المثقفين التدخل فى أحكام الشرع والمطالبة بالتغيير والتجديد جزافا دون معرفة الضوابط الخاصة بذلك والجهد المبذول من المؤسسات الدينية المنوط بها التجديد.

وشدد على أن كل فئات المجتمع لها دور الشراكة فى تجديد الخطاب الدينى كلٌ حسب مجاله واختصاصه برعاية علماء الدين وأهل الاختصاص بما يحقق المصلحة العامة دون المساس بالثوابت الدينية، حتى لا تحدث نتيجة عكسية ويتسبب هذا فى فقد الشباب الثقة فى الدين وعلمائه وبالتالى تتلقفهم أيدي التطرف والإرهاب أو أيدى التسيب والانحلال.

الدكتورة عزة فتحى، عضو بيت العائلة المصرية

سلوك المصريين يعكس تدينهم الشكلى

من جانبها؛ قالت الدكتورة عزة فتحى، عضو بيت العائلة المصرية، أستاذ علم الاجتماع بجامعة عين شمس، إن التدين فى المجتمع المصرى، أغلبه شكلى ومظهرى، في حين أن السلوك عكس التدين تماما، وهذا ليس عيبًا من المواطن، بقدر ما هو خطأ فى المفاهيم الدينية نتيجة انتشار التيار السلفى المتشدد منذ ثمانينات القرن الماضي، هذا بالإضافة إلى القصور فى تعليم التربية الدينية السليمة.

وشددت «فتحى»، فى تصريحات خاصة لـ«البوابة»، على ضرورة الاهتمام بالممارسات والسلوكيات، خاصة في مراحل التعليم المختلفة للأطفال، فمثلا حفظ آيات قرآنية صعبة دون فهمها، فهذا يؤثر على السلوك والممارسة، فيصبح التدين شكليا وليس تدينا حقيقيا.

ونوهت، إلى أن الدين جزء من الهوية الوطنية، وبالتالى تصحيح المفاهيم الدينية الخطأ وتجديد الخطاب الدينى، يكون بالحفاظ الحفاظ على الثوابت سيجعل المجتمع أكثر احتراما للإنسان، وأكثر أمنا وسلاما خاصة، إذا تم معالجة الموضوع باستراتيجية صحيحة، ودون خلاف بين علماء الدين والسفسطة.

وأشارت، إلى أن تجديد الخطاب الدينى، يشمل تجديد المناهج التعليمية فى كل التعليم سواء أزهرى وغير أزهرى؛ لافتا إلى أن الصراع بين علماء الدين نتيجة أن كتير منهم، للأسف يتبع المذهب السلفى الوهابى، لوقت وسنوات طويله كانت بعض الدول تساعد على ذلك من خلال الدعم المالي، مما أثر بشكل كبير على الهوية المصرية، دون وجود أى استراتيجية ثقافية أو تعليمية تواجه هذا التيار، فأصبحنا ندين بشكل مظهرى، وأصبح كل عالم دين يتحدث فى أمور الدين الصحيحة يتعرض إلى الهجوم بشكل كبير على مواقع التواصل الاجتماعى.