صدر حديثًا عن دار غراب للنشر والتوزيع رواية "ندوبٌ صَمَّاء" ظِلالٌ خَالفتْ الشمس للكاتبة "دعاء عبدالله الجابي".
من أجواء الرواية :"وكأنَّما العالم لحظة صمت، والكلمات هباءً منثورًا، فقليلها يُغني، وكثيرها يُردي، وبعضها يقتل، والآخر يُحيي.
في لحظة ما نتمنى أنْ لا نسمع أحداً، لا صوتاً، ولا همساً، وهي اللحظة ذاتها التي نلوذ فيها بالصمت البهيم، وكأننا صمٌ بكم.
إنَّه عالم آخر، عالم يُغنيك عن الكلماتِ، النبراتِ، اللمزاتِ، الهمزاتِ، الضحكاتِ، الصراخ، والعويل...عالمٌ ليس بالبعيد عنَّا، لكننا لا نُدرك كنهه؛ لأنَّنا لمْ نعشه.
فللشمسِ فضلٌ على الكون بأسره، لكنَّها ما تفوهتْ بذلك يومًا، وقمر الليل شاهد بالحجة والبرهان على أهل الغرام، لكنَّه ما باح يومًا، وللحروف الصامتة أثرٌ عظيم في نفس المتذوق الحقيقي للغة الصمت والأوراق، فما عِيب صامت لصمته، لكن يُعاب المرء حين ينطق إنْ هو تفوه بالتُّرهات، فقد صدق مُحرزُ بن عَلْقَمَة حينما قال:
لقد وارى المقابر من شريـــك كثـــير تحلـــم وقليل عــاب
صموتًا في المجالس غير عيٍّ جديرًا حين ينطق بالصواب
ثمة تنهيدة طويلة تخرج منك، تمثل شفقة عابرة عندما تعلم أنَّ أحدهم ينتمي لهذا العالم، لكنْ في الحقيقة نحن من يستحق هذه الشفقة بجدارة.
هلْ جربتَ الصمتَ ذات مرة ؟ بالتأكيد نعم، وكانت النتيجة محمودة، هلْ جربتَ يوماً ألَّا تسمع أحداً؟ الإجابة: نعم، وكانت النتيجة ـ أيضاً ـ محمودة.
العاقبة تكمنْ إذًا في الكلمة التي قدْ تُسعدك، وتُشقيك، فكلامهم إمَّا ليلٌ طويل لا آخر له، وإمَّا نهارٌ مشرق، لكنَّه غير دائم.
وأخيراً، كنْ ذا كلام قليل، أو صمتٍ نبيل، فما أكثر الببغاوات، وما أقل فائدتهم."
