استقبل الدكتور محمد عبدالعاطى، وزير الموارد المائية والري، صباح اليوم، وفدا من المنظمات الدولية التى تعمل في مجال إدارة الموارد المائية برئاسة الينا بانوفا المنسق المقيم للأمم المتحدة في مصر، وسيلفان ميرلن القائم بأعمال الممثل المقيم لبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي بمصر ، وبحضور ممثلين عن الاتحاد الأوروبى وسفارات الولايات المتحدة الأمريكية وبريطانيا وألمانيا وهولندا وفنلندا.
واستعرض الدكتور عبدالعاطى خلال اللقاء استراتيجية وخطة إدارة المياه حتى ٢٠٥٠ لمواجهة التأثيرات السلبية للتغيرات المناخية وما ينتج عنها من زيادة في حدة العواصف البحرية ، وارتفاع منسوب سطح البحر ، وارتفاع فى درجة الحرارة ، وغيرها من الظواهر المناخية المتطرفة، وتأثيراتها السلبية على قطاع المياه والسواحل المصرية، الأمر الذى دفع وزارة الموارد المائية والري لتنفيذ العديد من المشروعات الهامة فى مجال الحماية من أخطار السيول وحماية الشواطئ المصرية ، بهدف حماية الافراد والمنشآت والمشروعات الاستثمارية بمختلف محافظات الجمهورية.
وعرض الدكتور محمد عبد العاطي، الموقف المائى المصري مستعرضا حجم التحديات التي تواجه قطاع المياه فى مصر وعلى رأسها الزيادة السكانية والتغيرات المناخية ، مشيراً أن مصر لديها خبرات وطنية متميزة في مجال الموارد المائية والرى ، الامر الذى يمكنها من التعامل مع مثل هذه التحديات بمنتهى الكفاءة ، مشيرا الى أن موارد مصر المائية المتجدده من المياه محدوده معظمها يأتي من مياه نهر النيل بالإضافة لكميات محدودة للغاية من مياه الأمطار والمياه الجوفية العميقة بالصحاري ، وفي المقابل و يصل حجم العجز بين المتاح والاحتياج الفعلي ٩٠% من الموارد المتجدده ، ويتم تعويض هذه الفجوة من خلال إعادة استخدام مياه الصرف الزراعى والمياه الجوفية السطحية بالوادى والدلتا ، بالإضافة لاستيراد منتجات غذائية من الخارج.
وأضاف الدكتور عبد العاطى، أن الزيادة السكانية تمثل تحدي رئيسي للموارد المائية وهو ما يمثل ضغط كبير على الموارد المائية.
كما استعرض عبد العاطى تطورات قضية مياه النيل والموقف الراهن إزاء المفاوضات الخاصة بسد النهضة الإثيوبي ، موضحا أن حجم المياه الخضراء (مياه الامطار) في إثيوبيا والذي يصل إلى أكثر من ٩٣٥ مليار متر مكعب سنويا من المياه ، وان ٩٤ ٪ من أراضي إثيوبيا خضراء ، في حين تصل نسبة الاراضي الخضراء في مصر إلى ٤٪ فقط ، وأن إثيوبيا تمتلك أكثر من ١٠٠ مليون رأس من الماشية تستهلك ٨٤ مليار متر مكعب سنوياً من المياه وهو ما يساوي حصة مصر والسودان مجتمعين ، بالاضافه لاستهلاكها للمياه الزرقاء والمخزن منها ٥٥ مليارا في بحيرة تانا و ١٠ مليارات في سد تكيزى و ٣ مليارات في سد تانا بالس و ٥ مليارات في سدود فنشا وشارشارا ومجموعة من السدود الصغيرة بخلاف ٧٤ مليار في سد النهضة ، كما يتم زراعة ٣ ملايين فدان زراعه مرويه بالاضافه الي ٩٠ مليون فدان زراعه مطريه ، بالإضافة لإمكانيات المياه الجوفية في إثيوبيا بإجمالي ٤٠ مليار متر مكعب سنوياً ، وتقع على أعماق من (٢٠-٥٠) مترا فقط من سطح الأرض، وهي عبارة عن مياه متجددة ، فى حين تعتبر المياه الجوفية فى صحارى مصر مياه غير متجددة.
وأكد الدكتور عبد العاطى، حرص مصر على إستكمال المفاوضات ، مع التأكيد على ثوابت مصر فى حفظ حقوقها المائية وتحقيق المنفعه للجميع في أي اتفاق حول سد النهضة، والتأكيد على السعى للتوصل لإتفاق قانوني عادل وملزم للجميع يلبي طموحات جميع الدول في التنمية، مع التأكيد علي أن سد النهضة الإثيوبي وتأثيره على مياه نهر النيل يُعتبر أحد التحديات الكبرى التى تواجه مصر حالياً ، خاصة فى ظل الإجراءات الأحادية التى يقوم بها الجانب الإثيوبي فيما يخص ملء وتشغيل سد النهضة ، وما ينتج عن هذه الإجراءات الأحادية من تداعيات سلبية ضخمة.
وأشار الدكتور عبد العاطى إلى مشروع الربط الملاحي بين بحيرة فيكتوريا والبحر المتوسط والذي يستهدف تحويل نهر النيل لشريان ملاحي يربط بين دول حوض النيل والذي يعد بمثابة مشروع إقليمي حيوي يجمع دول الحوض بإعتبار أن النقل النهري بين الدول من أفضل الوسائل القادرة علي نقل حركة التجارة بمختلف أنواعها وأحجامها بتكلفة منخفضة واستهلاك أقل للطاقة ومعدلات أمان أعلى مقارنة بوسائل النقل الأخرى.
وأوضح وزير الري أن التحديات التى يواجهها قطاع المياه تستلزم بذل مجهودات مضنية لمواجهتها سواء على المستوى المجتمعى من خلال وعى المواطنين بأهمية ترشيد المياه والحفاظ عليها من كافة أشكال الهدر والتلوث ، أو على المستوى الحكومى من خلال العديد من المشروعات الكبرى التى تقوم الدولة بتنفيذها أو من خلال التطوير التشريعى.
ولفت الدكتور عبد العاطي إلى قيام مصر بإعداد استراتيجية للموارد المائية حتى عام ٢٠٥٠ ، ووضع خطة قومية للموارد المائية حتى عام ٢٠٣٧ بتكلفة تصل إلى ٥٠ مليار دولار من المتوقع زيادتها الى ١٠٠ مليار دولار ، وتعتمد على أربعة محاور تتضمن ترشيد استخدام المياه وتحسين نوعية المياه وتوفير مصادر مائية إضافية وتهيئة المناخ للإدارة المثلى للمياه.
فعلى على صعيد المشروعات القومية التى تهدف لترشيد إستخدام المياه وتعظيم العائد من وحدة المياه .. فتقوم وزارة الموارد المائية والرى حالياً بتنفيذ المشروع القومى لتأهيل الترع والذى يهدف لتحسين عملية إدارة وتوزيع المياه ، وتوصيل المياه لنهايات الترع المتعبة ، بخلاف المردود الاقتصادى والاجتماعى والحضارى والبيئى الملموس ، كما تم اطلاق مشروع تأهيل المساقى لاستكمال عملية تأهيل شبكة المجارى المائية بشكل متكامل ، واطلاق المشروع القومى للتحول من الرى بالغمر لنظم الرى الحديث ، وتشجيع المزارعين على هذا التحول ، لما تمثله هذه النظم من أهمية واضحة في ترشيد استهلاك المياه ، بالإضافة لمشروعات الحماية من اخطار السيول حيث تم تنفيذ أكثر من ١٠٠٠ منشأ للحماية خلال السنوات الماضية ، وتنفيذ العديد من المشروعات الكبرى في مجال إعادة استخدام مياه الصرف الزراعى مثل مشروع الاستفادة من مياه مصرف بحر البقر بشرق الدلتا والاستفادة من مياه مصارف غرب الدلتا ومشروع مصرف المحسمة، بالإضافة لإنشاء أكثر من ١٠٠ محطة خلط وسيط ، وتنفيذ العديد من مشروعات تأهيل المنشآت المائية مثل قناطر اسيوط وقناطر ديروط وتدعيم قناطر زفتى وتحديث هويس اسنا وهويس سد دمياط ، كما تواصل أجهزة الوزارة اتخاذ كافة الإجراءات اللازمة لإزالة التعديات على نهر النيل والترع والمصارف بالتنسيق مع أجهزة الدولة المختلفة.
واستطرد: “على صعيد التطوير التشريعى أعدت الوزارة مشروع قانون الموارد المائية والرى الجديد والذى تم الموافقة عليه بشكل نهائى فى مجلس النواب ، وجار إعداد لائحته التنفيذية حاليا ، وذلك بهدف تحسين عملية تنمية وإدارة الموارد المائية وتحقيق عدالة توزيعها على كافة الاستخدامات والمنتفعين ، وحماية الموارد المائية وشبكة المجارى المائية من كافة أشكال التعديات”.
وكان وفد من الدول والمنظمات الدولية قد قام بزيارة لمحافظة كفر الشيخ للاطلاع علي تجربة وزارة الموارد المائية والري الرائدة للتأقلم مع التغيرات المناخية من خلال تنفيذ مشروعات فى مجال حماية الشواطئ وتأهيل الترع والري الحديث ، حيث تمت زيارة أعمال تأهيل ترعة سيدي يوسف بطول ١٨ كم ، وانظمة الرى الحديث المنفذة فى زمام ١٧٠٠ فدان على الترعة، وأعمال حماية الشواطئ المنفذة أمام قرية مسطروه بطول ٧ كم ، وشرق المدينة الصناعية بمطوبس بطول ٥ كم.
وقد أشاد ممثلو الدول والمنظمات الدولية بالمشروعات التى تقوم وزارة الموارد المائية والري بتنفيذها فى مجال التأقلم مع التغيرات المناخية ، مثل مشروعات حماية الشواطئ ، ومشروعات الحماية من اخطار السيول ، ومشروعات تأهيل الترع والمساقى والرى الحديث والتى تعمل على زيادة كفاءة المنظومة المائية فى التعامل مع الآثار السلبية للتغيرات المناخية.