نجح الجيش المصري في استكمال خطة الخداع التي لعبها قبل اندلاع حرب السادس من أكتوبر للعام 1973، حيث تمكن من مفاجأة العدو الإسرائيلي وإحراز الانتصارات منذ اللحظات الأولى للحرب.
في كتابه "حرب يوم الغفران" سرد إيلي زعيرا رئيس المخابرات العسكرية آنذاك، عدد من الخطوات التي اتخذها الجانب المصري لإيهام إسرائيل، إلى جانب اعتماد المصريين على خطط بسيطة في الحرب ليست معقدة.
قال "زعيرا" إن الجانب المصري قرر أن تقوم جميع الوحدات المتمركزة منذ أشهر أو سنوات على طول القناة، بعبور القناة من قطاع تمركزها، وليس هناك داع لتحريك وحدات من قطاع إلى قطاع، والتعرف من جديد على المنطقة، أي أن تعمل جميع الوحدات من أماكنها ومهمتها هي عبور المانع المائي الذي يتمركزون على طول شاطئه ثم التمركز على الضفة المقابلة. بالإضافة إلى ذلك، فإن جميع المناورات منذ بداية عام 1971 كان هدفها إعداد الجيش المصري لتنفيذ هذه الخطة البسيطة.
ويعتقد "زعيرا" أن مصر استفادت فكرة تطوير المناورة إلى حرب من الجانب الروسي، قائلا: إن تطوير المناورة إلى حرب هي نظرية روسية، وقد تم تنفيذ هذه النظرية بالفعل عندما غزا الجيش السوفييتي تشيكوسلوفايكا عام 1968.
وعن الإيهام والخداع أشار إلى أنه من أجل التأكيد على إيهام الجيش الإسرائيلي بأن مصر تقوم بمناورة، اتخذ المصريون عدة إجراءات كانت ضرورية من وجهة نظرهم، لإبلاغ المخابرات الإسرائيلية بما يريدون ولقد كانوا على حق.
وتابع: من خلال أجهزة جمع المعلومات المتطورة في جيش الدفاع الإسرائيلي علم أن الجيش المصري ينوي إجراء مناورة على غرار مناورات الخريف السنوية، وسوف تبدأ يوم 1أكتوبر وتنتهي يوم 7 أكتوبر، وأن الضباط المصريين الذين ينوون القيام بمناسك الحج سيتاح لهم ذلك بعد انتهاء المناورة، كما سيبدأ تسجيل أسماء الضباط الراغبين في الحج بدءا من يوم 9 أكتوبر، ووحدات الاحتياط المشتركة في المناورة سيتم انهاء الاستدعاء بداية من 4 أكتوبر، وسيتم إشراك الدارسين في كلية القادة والأركان في هذه المناورة حتى يوم 9 على أن تستأنف الدراسة في الثامنة والنصف صباح يوم 9 أكتوبر.
وأضاف: وفي يوم 27 سبتمبر تم تعبئة حوالي 120 ألف فرد للاشتراك في المناورة "تحرير41" ثم تم إنهاء استدعاء 20 ألف فرد منهم وعادوا إلى منازلهم يوم 4 أكتوبر، ولقد أنهى استدعاء هؤلاء الأفراد لتأكيد المعلومات التي نقلت بالطرق المختلفة، والتي أفادت بإنهاء استدعاء وحدات الاحتياط المشتركة في المناورة، بداية من يوم 4 أكتوبر، وهذه المعلومات كانت جزءا من عملية الخداع، وهي معلومات حقيقية من أجل خلق انطباع معين لدى العدو-إسرائيل.
ووصل "زعيرا" إلى نتيجة منطقية ترسخت لدى المخابرات، قائلا: وبناء على ذلك فقد كانت شعبة المخابرات على علم مسبق بما سوف يحدث من إنهاء استدعاء الاحتياط يوم 4 أكتوبر، وعندما حان الموعد تأكد صدق المعلومات على الواقع. وهذا الأمر أكد لضباط المخابرات المختص بتقدير الموقف بأن الأمر ليس أكثر من مناورة.