منذ وصول حركة طالبان المتشددة إلى سدة الحكم في أفغانستان منتصف أغسطس الماضي، غرقت البلاد في أزمة إنسانية حادة كانت تعاني منها أساسا.
وبحسب هيئات الإغاثة ومنظمات الأمم المتحدة فقد تفاقمت تداعيات الجفاف وارتفاع أسعار المواد الغذائية وفقدان الوظائف بسبب توقف المساعدات الدولية والتمويل.
وقال مفوض الأمم المتحدة السامي لشؤون اللاجئين فيليبو جراندي، إن الوضع الإنساني في أفغانستان مزريا، مشيرا إلى أن البلاد بحاجة إلى دعم عاجل ومستمر من المجتمع الدولي لمنع اتساع رقعة أزمتها الإنسانية، محذراً من تداعيات عالمية إذا حدث ذلك.
وأضاف جراندي أنه إذا انهارت الخدمات العامة والاقتصاد، فسنرى معاناة أكبر وعدم استقرار ونزوح داخل البلاد وخارجها.
وأوضح جراندي أنه حتى قبل تولي حركة طالبان زمام الأمور، كان أكثر من 18 مليون أفغاني، أو نحو نصف السكان، بحاجة إلى مساعدات إنسانية.
ونقلت وسائل إعلام عن مصادر محلية ودولية السبت أن الأطفال في أفغانستان يموتون جوعا، يأتي ذلك بعيد تأكيدات بأن مليون طفل هناك قد يواجهون سوء تغذية يهدد حياتهم بحلول نهاية العام.
وقال مدير الصحة العامة بإقليم غور الأفغاني المتأثر بالوضع الملا محمد أحمدي في تصريحات صحفية أن 17 طفلا على الأقل من بين الذين وصلوا إلى المستشفى لقوا حتفهم بسبب سوء التغذية في الأشهر الستة الماضية. تم علاج ما يقرب من 300 من آثار الجوع.
وأشار إلى أن مئات الأطفال معرضون لخطر المجاعة في الأجزاء الوسطى من أفغانستان.
وأوضح متحدث باسم منظمة الأمم المتحدة للطفولة في أفغانستان أنه لا يستطيع تأكيد عدد الوفيات في غور لكنه يخشى أن "يدفع الكثير من الأطفال ثمنا باهظا".
وكان جيري رايس المتحدث باسم صندوق النقد الدولي قد قال إن اتصال "النقد الدولي" مع أفغانستان مازال معلقا، وهو ما يعني تعليق أي تمويل من الصندوق.
وأضاف إنه يشعر بقلق بالغ إزاء الوضع الاقتصادي في أفغانستان، وحذر من أزمة إنسانية تلوح في الأفق.
من جانبها دعت حركة طالبان المجتمع الدولي إلى الاستمرار في تقديم المساعدات إلى أفغانستان، مشيرة إلى أن المتشددين الإسلاميين ليسوا إرهابيين.
وقال متحدث باسم حركة طالبان في ولاية "قندوز"، مطيع الله روحاني إن المعونات، ربما تأخذ شكل استثمار أو مشروعات إعادة إعمار "أو أي نوع من المساعدات الإنسانية للحكومة أو لمواطني أفغانستان".
وانتقد روحاني المجتمع الدولي بسبب دعم ما وصفها بأنها "حكومة فاسدة" في أفغانستان، على مدار العشرين عاما الماضية، لكن أوقف معوناته، عندما تولت طالبان السلطة. وتابع بالقول إن طالبان جلبت السلام إلى أفغانستان.
وفي منتصف الشهر الماضي، تمكنت الأمم المتحدة من جمع تبرعات بأكثر من مليار دولار أمريكي في مؤتمر المانحين لدعم أفغانستان.
وقال الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو جوتيريش أمام الوزراء المشاركين في المؤتمر، إنه "من المهم جداً" أن تتواصل المنظمة الدولية مع حركة طالبان لتسهيل نقل المساعدات الإنسانية إلى أفغانستان وتوزيعها، مشيرا إلى أن "الأفغان بحاجة ماسة إلى الغذاء والدواء والخدمات الصحية ومياه للشرب والصرف الصحي".
وشدد غوتيريش على أن الأفغان كانوا يواجهون "إحدى أسوأ الأزمات الإنسانية في العالم" حتى قبل استيلاء طالبان على السلطة في 15 اغسطس.
وتشير الأمم المتحدة إلى أن نحو 40 في المئة من إجمالي الناتج الداخلي للبلاد كان يأتي في الأساس من التمويل الخارجي فيما كان نصف السكان يعتمدون على المساعدات الإنسانية.
وتواجه أفغانستان جفافا مدمّرا وعمليات نزوح جماعية فضلا عن تداعيات وباء كوفيد.
وقد أجبر أكثر من 550 ألف شخص على الفرار من ديارهم هذا العام بسبب القتال الدائر. حتى قبل سيطرة حركة طالبان على أفغانستان في أغسطس.
ويقدر عدد من نزحوا داخلياً حتى الآن بنحو 3.5 مليون شخص. كما كان على الأفغان أن يتعاملوا مع الجفاف الشديد الذي يصيب البلاد والنقص الحاد في الغذاء.