كانت الحالة التونسية بعد 2011 محط أنظار المحيط العربي والإقليمي، خاصة أنها شهدت أولى ثورات الربيع العربي، وما تبع ذلك من حالة من عدم الاستقرار وصعود حركة النهضة الإخوانية إلى الحكم، وتمكنها من الاستيلاء على برلمان تونس، إلى جانب المقاومة التى أبدتها بعض القوى المدنية فى مواجهة التيارات الدينية، إلى أن وصل الوضع لنقطة الغليان بسبب الصخب السياسى والأزمة اقتصادية الخانقة، وتراكم الديون إلى جانب تدهور الخدمات العامة واتجاه الحكومة إلى رفع أسعار بعض السلع بالتزامن مع تفشى جائحة كورونا المستجد.
فما كان من الرئيس قيس سعيد إلا اتخاذ قرارات حاسمة لمواجهة الانقسام والاستقطاب فى المجتمع التونسى، قبل أن يتحول الوضع إلى ما لا يحمد عقباه، فكان حراك 25 يوليو دافعا لاتخاذ إجراءات جمدت المواجهة وأجهضتها إلى أن أعلن الرئيس سعيد فى 21 سبتمبر 2021 عن قرارات من شأنها العودة تدريجيا إلى حياة سياسية تتجه رويدا إلى الاستقرار.
«البوابة» أجرت حوارا مع الدكتورة ليلى همامى، أستاذ الاقتصاد والعلوم السياسية بجامعة لندن، وأول مرشحة امرأة لرئاسة الجمهورية فى تونس، للحديث عن مستقبل تونس فى ظل المستجدات الحالية، بعد قرارات الرئيس قيس سعيد، وردود أفعال «النهضة» ومصير الإخوان؛ وإلى نص الحوار.
■ هل كانت مفاجأة أن يلجأ الرئيس قيس سعيد إلى قرارات ٢٥ يوليو والمادة ٨٠ من الدستور التونسي؟
- كان الظرف العام يتسم بحالة من الانتظار والترقب، لحسم قد يصدر عن رئيس الجمهورية، لكن لم يكم الرأى العام يعتقد أن الرئيس قيس سعيد سيلجأ لتفعيل الفصل ٨٠ وإلى تركيز السلطة بين يديه بتلك الطريقة، فالرأى العام يراوح بين دعم حركة ٢٥ يوليو وبين الاحتراز من مآلاتها التى يخشى أن تمس الحقوق الأساسية وأن تلغى المسار الديمقراطى برمته.
■ هل كثرة تمديد الإجراءات الاستثنائية للرئيس قيس سعيد بعد ٢٥ يوليو قلل من التأييد الشعبى لها، وسمح لـ «النهضة» باستغلال ذلك لتسويق رؤيتها؟
- بالفعل تسرب الملل والحيرة إلى المزاج العام فى الشارع التونسى بعد مرور أكثر من شهرين على إعلان الرئيس الحالة الاستثنائية، فمنذ ٢٥ يوليو احتكر رمزية الدولة بمؤسساتها فى غياب الحكومة والبرلمان وكان من الطبيعى أن تتكاثر الأسئلة بشأن هذا الفراغ الذى أحدثه «سعيد» تحت عنوان تطهير منظومة ٢٠١٤ لكن غياب إعلان روزنامة للإصلاحات المطروحة دفع بالرأى العام، إلى ضرورة العودة السريعة إلى المسار الديمقراطي، ولم تكن حركة النهضة إلا عنصر ومكون من مكونات الجبهة السياسية المعارضة لـ٢٥ يوليو ولم يكن لمواقف النهضة على دورا فى تطور الرأى العام، فالحسم فى النهضة حسم جماهيرى قبل أن يكون سياسيا نخبويا فالطريق بين النهضة والشارع مقطوع ولا يتعلق رهانها حاليا إلا بالحفاظ على وجودها المتقوقع ومن أهم الحقائق التى تميز الواقع السياسى التونسى الراهن هو نهاية النهضة جماهيريا ومهما كان تطور الموقف من ٢٥ يوليو فإن النهضة جزء من الماضى السياسي.
■ بم تفسرين رد فعل الشعب التونسى على قرارات الرئيس؟
- ثلاثة أسباب على الأقل تفسر التفاعل الإيجابى للشارع مع قرارات الرئيس قيس سعيد، الأول أن الثقافة التونسية والعربية عامة لا تزال متمركزة حول مفهوم الزعيم والقائد، ثانيا أن منظومة ٢٠١٤ والتجربة البرلمانية أفرزت حالة تفكك وعدم استقرار، ثالثا تفاقم الأزمة على مختلف الصعد والمسارات فى كل المجالات.
■ هل انتهى الإخوان فى تونس رسميا وشعبيا؟
- تاريخ الإخوان فى تونس والمنطقة العربية يؤكد أنهم «بسبعة أرواح» وأن وأدهم يتم على سنوات ولكن ثمة حقيقة لا يرقى إليها شك وهى أن الإسلام السياسى فقد فى تونس والمغرب رصيدا كبيرا، بعد ما حدث فى مصر، فالتجربة المصرية أكدت أن رحيل الإخوان من الساحة السياسية مكن البلاد من الانصراف إلى قضايا التنمية الحقيقية وإلى تحقيق نجاحات استثنائية لم يكن للعقل السياسى أن يتخيلها تحت حكم الإخوان، وهذا تأكيد أخر على أن وجود الإخوان فى مشهد السلطة والحكم مناقض لشروط الأمن القومي.
■ حاليا من الأقوى فى الشارع التونسى «النهضة» أم التيارات المدنية؟
- لا يمكن تحديد الحجم الواقعى للتيارات السياسية بعد ٢٥ يوليو فباستثناء الأغلبية المطلقة التى يتكئ عليها الرئيس قيس سعيد، والتى سجلت تراجعا طفيفا خلال المرحلة الأخيرة، فإن النهضة لا تزال فى موقع الكتلة السياسية المهمة على الرغم من انحسارها وتراجعها وتمثل مختلف التيارات السياسية احتياطيا جماهيريا هاما بمعنى أن يمكن أن تشكل هذه الأحزاب بدعم من النقابات جبهة قادرة على التأثير المباشر على مجريات الأحداث.
■ أدى غياب المحكمة الدستورية إلى تعقيد المشهد الحالي.. برأيك من المسئول عن هذا؟
- غياب المحكمة الدستورية ترك فراغا فتح المجال لتأويل دستور ٢٠١٤ وتتحمل حركة النهضة والمنظومة الحزبية فى ٢٠١٤ المسئولية فى عدم انتخاب أعضاء المحكمة برلمانيا، فى سياق حسابات حزبية ضيقة سعت إلى وضع اليد على تلك الهيئات الدستورية التى أنشأها دستور ٢٠١٤ كبديل عن المؤسسات القائمة للدولة، وهو سيناريو قاد إلى التأزم والفوضى والانهيار بعد إعلان ٢١ سبتمبر الأخير.
■ هل تحتاج تونس إلى تعديل فى الدستور؟
- إعلان الرئيس قيس سعيد فى ٢١ سبتمبر ٢٠٢١ أنهى الجدل حول مصير البرلمان ودستور ٢٠١٤ فالإعلان علق العمل بالدستور من خلال فسخ وجود البرلمان إلا من إسمه، فإعلان ٢١ سبتمبر لم يبقى فى الدولة إلا الرئيس، فمشروع النظام السياسى الجديد لا يزال فى ركن مظلم فى رأس قيس سعيد على الرغم من أن المزاج العام للشارع التونسى يرجح فكرة النظام الرئاسى على دونها من الأفكار والتصورات.
■ هل هناك مساحة للإخوان فى مستقبل تونس؟
- ليس للإخوان أى مستقبل إذا ما نجحت القوى العلمانية والتقدمية عامة من ضمان تحقيق التنمية العاجلة والاقتصاد المزدهر، فالإخوان كـ«شجرة الشر» لا تثمر إلا فى أرض يشكلها الجهل والفقر، لذلك لا يمكن إطلاق تنبؤات حول مستقبل الإخوان فى حين أن المقاربة العلمية تؤكد أن هذا التنظيم نتاج اجتماعى لحالة تأزم وفشل النظم الأيديولوجية السياسية، فكل نجاح للسياسية العلمانية هو إعدام لعودة التيارات الدينية إلى الساحة السياسية.
■ ما رأيك فى دعوة المنصف المرزوقى بالقبض على الرئيس قيس سعيد ومحاكمته؟
- المرزوقى كان رئيسا مؤقتا جاءت به النهضة لإكمال ديكور حكمها، وكان واجهة لأخطر سياسيات النهضة حيث ازدهر فى عهده التكفير والاحتفال بالقتل والتنكيل بالجثث، ونذكر احتفاله بمقتل معمر القذافى، فمهما كانت التخوفات من إجراءات الرئيس قيس سعيد فإن المرزقى أبعد من أن يكون صوت الضمير الذى ينبهنا إلى أى خطر من المخاطر، فهو رمز إلى ما هو أسوأ فى تاريخ تونس، وهذه المزايدات الصادرة من طبقة سياسية غير سوية، لا تعنى شيئا ما دام الاحتكام سيكون للشعب وثقتى فى الإرادة الشعبية تدفعنى لعدم الاهتمام لهذه التصريحات التافهة والفاقدة لكل معني.
■ لماذا لم يعين قيس سعيد رئيسا للوزراء؟
- تأخر الرئيس التونسى تعيين رئيس للوزراء، فعل هو أمر مفهوم خاصة وأن اختياره إلى شخصية إلياس الفخفاخ وهشام المشيشى لم يكن موفقا إذ تورط الأول فى قضية تضارب مصالح وفساد، وارتهن الثانى بسياسيات النهضة وانتهت إداراته بالحكومة إلى حركة ٢٥ يوليو لذلك كان من الطبيعى أن يتباطأ قيس سعيد فى اختيار الشخصية المناسبة لتولى رئاسة الحكومة.
■ هل يمكن تشبيه حراك ٢٥ يوليو فى تونس بثورة ٣٠ يونيو فى مصر؟
- ظاهر الأحداث يوحى بتشابه بين الحدثين، لكن الآليات تختلف، فالثورة المصرية الثانية قطعت جذريا الربيع العربى وكشفت زيفه وارتباطه بدوائر الاستعمار الدولى الجديد، فى حين كان ٢٥ يوليو فى تونس محاولة لتجديد مشروعية حراك الربيع العربى فى نفى مزدوج لنظام بن على ولمنظومة ٢٠١٤.
■ هل سيصعد الإخوان خلال الفترة المقبلة ضد الدولة بعد تمديد قرارات الرئيس قيس سعيد؟
- إجراءات قيس سعيد من ٢٥ يوليو إلى اليوم لم تستهدف بصفة خاصة حركة النهضة، ولكنها استنهدفت أحزاب وشخصيات قريبة للإخوان، فى المقابل بقيت مسافة الآمان بين سعيد والنهضة ولم يسع الرئيس إلى المواجهة مع الحركة المنتمية للإخوان بصفة صريحة وعلنية، لذلك إن توقع تصعيد الإخوان لسياساتهم وإجراءاتهم التنظيمة ضد سعيد أمر وارد فقط حينما يقرر سعيد مواجهتهم فى المستقبل.
■ لو عقدنا مقارنة بين رؤساء تونس بعد الثورة.. ما هو رأيك فى كل رئيس على حدة؟
- نبدأ بالرئيس الأول السيد فؤاد المبزع، هو رئيس البرلمان فى نظام بن على، وانقلب عليه وأدانه بإسم الثورة، ثم الرئيس المنصف المرزوقى شخصية يقال إنها حقوقية قريبة من الدوائر الفرنسية يمارس الديمقراطية حتى وإن مكنت أكثر التنظيمات دموية من الحكم، بينما كان الباجى قايد السبسبى رجل دولة قاد الدبلومامسية التونسية فى حقبة الرئيس الحبيب بورقيبة، وترأس البرلمان لفترة فى حقبة بن على، وهو ديمقراطى معتدل راهن على سياسية التشكيك والتوريط فى علاقته بالإسلام السياسى ومكن تونس فى عهده من فترة استقرار، وكانت المرحلة الوحيدة التى أعادت المجتمع إلى مساره بعد ٢٠١١، وفيما يتعلق بقيس سعيد، فيصفه البعض بكونه رئيس المصادفة التاريخية فلا أحد كان بإمكانه التنبؤ بصعوده فى ٢٠١٨ فالرجل لا يعرف له موقف سياسى ولا انتماء أيديولوجى خلال التاريخ القريب من بورقيبة إلى بن على، وقدمه الإعلام التونسى بعد ٢٠١١ على أنه أستاذ قانون دستوري، غامض فى فكرة وتصوراته ويسعى الشعب التونسى حاليا لفهمه من خلال صوره وخطبه وتحركاته ولم تكف سنتين من حكمه من فهم تصوراته باستثناء الشعبوية التى تسود خطاباته.
■ لو وضعنا خطوطا عريضة لانتشال تونس من عثرتها الاقتصادية الحالية.. كيف ستكون ؟
- لا وجود لأى خيار عدا تحرير المبادرة ودعم الاستثمار الخاص والمراهنة على اقتصاد المعرفة لإصلاح المنظومة التربوية وتطوير برامج ومناهج التعليم، فتونس تمتك خزانا هائلا من الطاقات ومن الإمكانيات يرشحها لأن تكون من أفضل البلدان فى المنطة العربية وقارة أفريقيا وإقليم البحر المتوسط.
■ بعد إزاحة الإخوان عن الحكم فى المغرب.. هل يمكن القول إنه المسمار الأخير فى نعش الجماعة الإرهابية؟
- لقد مثل السقوط المدوى لحزب العدالة والتنمية فى المغرب آخر الأحداث التى أعلنت عن نهاية عهد الإخوان فى المنطقة العربية، ويؤكد مسلسل الأحداث أن سقوط التنظيم فى مصر كان حاملا لنتائج حتمية يجسدها سقوط الفروع فى تونس والمغرب، وهذه التطورات تؤكد أن قوس الربيع العربى قد أغلق نهائيا.
■ كيف ترين أحوال المرأة التونسية خلال السنوات العشرة الأخيرة والتى أعقبت الثورة الأولى فى الربيع العربى ؟
- لم تكن المرأة التونسية مهددة فى أى مرحلة من تاريخ تونس المعاصر أكثر مما كانت عليه خلال هذه العشرية، فدخول الأيديولوجيات الرجعية المتخلفة المعادية للمرأة إلى الساحة العامة دفع بالنقاش على مكاسب المرأة بالتشكيك وبطرح مشاريع للتراجع عنها، ولم يكن حضور المرأة سياسيا استثنائيا ولافتا حيث بقى الموضوع ضمن بروتوكول الوجهة والمظهر دون أن يمس جوهر الحياة السياسية.
■ ما اشتراطات أن يكون مستقبل تونس أفضل من السنوات العشر الأخيرة ؟
- «الديمقراطية والأمن والتنمية» هو الثالوث المقدس الضامن لإقلاع تونسى واللحاق بركب البلدان المتقدمة، وليس هناك أى بديل عن هذه المحاور التى تفترض قيام دولة قانون المؤسسات فى إطار نظام رئاسى يعدل ويفصل بين السلطات ويضمن الاستقرار والحرية على قاعدة اقتصاد ليبرالى اجتماعى يمكن كل مواطن من فرص النجاح والرقي.
■ لو أردت توجيه كلمات موجزة إلى الشعب التونسى والرئيس قيس سعيد وإخوان تونس.. ماذا تقولين؟
- إلى الشعب التونسى أقول أنت صاحب السيادة وغاية كل السياسيات، لا تمنح ثقتك لمن لا يستحقها وانهل من ذاكرتك لعلك تحسن الحكم والاختيار.. وإلى قيس سعيد أقول منحك التاريخ فرصة استثنائية لم تكن تتخليها فلا تضيعها فى متاهة الانفعال والأهواء.. وإلى إخوان تونس أضعتم فرصة تطبيع الوجود فسلكتم سلوك الجماعة وجعلتم من ذواتكم غاية الحكم وأهملتم الشعب فأهملكم التاريخ.
■ كيف تنظرين إلى العلاقات المصرية التونسية خلال الآونة الأخيرة؟
- هى علاقات متميزة يوحد بينها وعى بأهمية العمل العربى المشترك وإيمان بوحدة المصير، فالعلاقة بين تونس والقاهرة شهدت انتعاشة ملحوظة خلال الفترة الأخيرة، كإعلان عن عودة مرتقبة للعمل العربى المشترك بعد أن فكك الربيع العربى الجغرافيا الساسية للمنطقة.
■ ما رأيك فيما أصبحت عليه مصر بعد ثورة يونيو؟
- حققت مصر قفزة نوعية فى مختلف القطاعات وتمكنت فى ظرف وجيز من تحقيق استقرار ونمو على الصعيد الاقتصادى والعلمي، مما جعلها محط اهتمام ومتابعة من أهم بلدان العالم، ولم تكن هذه التحولات الاقتصادية والثقافية مجرد مصادفة بما أن تجاوز الفوضى الإخوانية، وتوحيد الأمة المصرية حول أهداف تنموية واضحة المعالم أفرز حالة انسجام وتناغم بين القيادة السياسية والمجتمع وبالفعل كانت المشاريع الضخمة التى كانت المحرك الأول للاستثمار العام قد أفضت إلى حراك القطاع الخاص فى مصر، وما تبعه من انتعاش لسوق العمل ومن ازدهار فى أنماط الحياة على الرغم من جائحة كورونا يؤكد فهم القيادة السياسية المصرية لحقيقة المطالب الاجتماعية بعيدا عن زيف الآلات الدعائية للبروباجندا المعادية للأمن القومي، والمرتبطة بدوائر الهيمنة الاستعمارية الجديدة.
■ ما الطموح السياسى للدكتورة ليلى الهمامى وهل لا زال حلم رئاسة تونس يراودك؟
- تمكنت فى ظرف زمنى قصير من التموقع فى ساحة سياسية صعبة فى ظرف أزمة واحتراب بين مكونات مشهد عنيف فاقد للاستقرار تملؤه وتسوده الانتهازية ونجحت على الرغم من التشكيك والمواجهات العنيفة فى أن أكون من الشخصات السياسية الوسطية المعتدلة المسقلة المحترمة، وهذا رأس مال رمزى اعتز به يمثل فى حد ذاته رصيدا هاما يمكننى البناء عليه للاستعداد للمرحلة القادمة وهى استحقاقات الانتخابات الرئاسية كمجال حقيقى لطرح الرؤى والبرامج التى تسهم فى وضع البلاد على طريق الخلاص والنجاة.
■ لماذا لم تنضمى إلى أى حزب أو بدأتى فى تكوين حزب جديد؟
التجربة الحزبية فى تونس تجرية فاشلة، وذلك لأمرين أولهما إذا كان الحزب متماسكا قويا يصبح الانتماء للحزب أعلى من الانتماء للوطن، وإذا كانت روابط الانتماء للحزب ضعيفة يتحول الحزب إلى فضاء مخترق من الانتهازيين والجواسيس وكل المشبوهين، وفى هذه الحالة يستهدف الوطن لذلك أفضل أن أكون رمزا للتيار الوسطى التحررى الاجتماعى وأن أتواصل مع من يقاسمنى الرؤى والتصورات على أن أكون فى قيادة تنظيم يعيد إنتاج أمراض النخبة والمجتمع.
■ هل تولى مرأة لرئاسة الجمهورية فى البلاد العربية حلم صعب المنال؟
- هو حلم وصعب المنال بالفعل، فى سياق ثقافة بطريركية أبوية ذكورية تقدم المرأة على أنها تابعة للرجل كما يتبع الفرع الأصل ويدل عليه، لكنه حلم ممكن أمام مواجهة الطبقة الحاكمة العربية لاستحاق التجدد فى مكوناته وفى بنيتها عندها ستكون المرأة عنوان بارز من عناوين التقدم الاجتماعى والسياسي، على أن عنوان المرأة لا يعنى أى سيدة مهما كانت بمعنى أنه لا يكفى أن تكونى امرأة لكى تستحق القيادة، إذ ثمة من النساء من تجسدن كاريكاتير السياسية، فهن أقرب إلى المهرجات المشاغبات منهن إلى المرأة المثقفة المحترمة التى يمكن بالفعل أن تقود المجتمع إلى أفق جديد وواعد عبر العمل والعطاء.