قبل ثلاثين عامًا؛ أعلنت «صوماليلاند» الانفصال عن الصومال، ورغم مرور كل هذه السنوات إلا أنها لم تحصد أي اعتراف دولي ملموس باستقلالها عن الصومال، التي تعيش في أتون حرب أهلية وسط الفساد واستشراء وتوغل الإرهاب والتطرف بسبب انهيار الوضع الأمني، وارتفاع وتيرة الانقسام السياسي في البلاد، وتردي الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية.
ونشرت صحيفة «فايننشال تايمز» البريطانية، تقريرًا خلال الأسبوع الجاري بشأن صوماليلاند، كشفت فيه عن الصورة الكاملة التي باتت عليها الدولة التي أعلنت استقلالها قبل ثلاثة عقود، وقالت إدنا عدنان إسماعيل، وزير الخارجية الصومالية السابقة، والتي يطلق عليها لقب «أم أرض الصومال»، إن المستشفى التي أنشأها في العاصمة هرجيسا هي تذكرة بأسوأ المذابح في المنطقة، والحاجة الملحة إلى الحصول على اعتراف دولي بالدولة المعلنة من جانب واحد.
وأضافت وزير الخارجية الصومالية السابقة لـ«فايننشال تايمز» أن نقف على قمة ساحة قتل، في إشارة إلى مذبحة الديكتاتور الصومالي سياد بري التي راح ضحيتها ٢٠٠ ألف من سكان أرض الصومال الذين أرادوا الاستقلال خلال عقد الثمانينيات من القرن الماضي. وأوضحت: «أريد أن يكون هذا المكان مكانًا يتم فيه الحفاظ على حياة الإنسان وكرامته الإنسانية واحترامها، وإظهار الكرامة والرحمة والاعتراف الذي تستحقه أرض الصومال».
وقالت الصحيفة البريطانية، إنه بعد ثلاثة عقود من انفصال أرض الصومال لأول مرة عن الصومال، أجرت الدولة هذا العام انتخابات ديمقراطية بنجاح واجتذبت استثمارات ضخمة من موانئ دبي العالمية في ميناء بربرة.
ويأمل المسئولون في أرض الصومال أن كل هذا يعني أنها تقترب شيئًا فشيئًا من تحقيق هدفها المتمثل في الاعتراف الدولي، والتي بدونها ستكافح للحصول على تمويل متعدد الأطراف، حيث تشتد الحاجة إليه لتعزيز اقتصادها البالغ ٣.٥ مليار دولار، بدعم من التحويلات المالية وتربية المواشي.
في السياق نفسه؛ قال سعد على شاير، وزير المالية في أرض الصومال: «قد يبدو الأمر وكأنه معجزة أنه في عام ٢٠٢١ ستكون هناك دولة بدون اعتراف، وفي نفس الوقت تعمل بشكل صحيح كما لو كانت دولة معترف بها».
وأكد إسماعيل أحمد، مؤسس منصة التحويلات العالمية زيبز، الذي ينفق ٥٠٠ مليون دولار في التعليم والصحة والبنية التحتية: «من المؤسف تمامًا أن إحدى الحكومات الأكثر ديمقراطية في أفريقيا، وهي دولة نجحت في إعادة بناء نفسها بعد الحرب، تم رفض الاعتراف بها».
وكشفت «فايننشال تايمز» سبب تأخر أو رفض الدول الاعتراف بـ«أرض الصومال» قائلة: «بعض اللاعبين الإقليميين يكرهون الاعتراف بأرض الصومال، خوفًا من أن يشجع ذلك مناطقهم المضطربة»، ونقلت الصحيفة تصريح لمسئول من بلد في القرن الأفريقى: «لن يحدث ذلك في أي وقت قريب، ومع ذلك، فإن المملكة المتحدة والإمارات العربية المتحدة وتركيا وإثيوبيا جميعها لها وجود في أرض الصومال، وهذا الشهر، أنشأت كينيا وفدًا دبلوماسيًا».
ونالت أرض الصومال الاستقلال من الاحتلال البريطاني في ٢٦ يونيو ١٩٦٠ لكنها انفصلت في عام ١٩٩١ بعد سقوط سياد بري، بينما دخلت الصومال في حرب أهلية وحاصرتها حركة الشباب المتطرفة، ويبلغ عدد سكانها ٥.٧ مليون نسمة، ولديها برلمان منتخب ومكون من مجلسين على غرار مجلس اللوردات في بريطانيا، ولها جيشها الخاص وتطبع عملتها الخاصة وتصدر جوازات سفرها الخاصة.
وقال أيان محمود، الممثل السابق لأرض الصومال في المملكة المتحدة: «كنا نحاول أن نكون دولة ديمقراطية فاعلة منذ ٣٠ عامًا، لكن يبدو أنه لجذب انتباه العالم، يجب أن تكون مثيرًا للمشكلات».
وأجرت أرض الصومال انتخابات برلمانية سلمية، هي الأولى منذ ١٦ عامًا، فاز فيها حزبا المعارضة بأغلبية المقاعد.
وتسائل برخاد باتون، السياسي المعارض في أرض الصومال: «في أي مكان آخر في أفريقيا هل يمكن لشخص من الأقلية أن يصبح أغلبية ؟»؛ مضيفًا أن شعب أرض الصومال يفهم تمامًا المعنى الحقيقي للديمقراطية.. آمل أن يدرك العالم ما فعلناه.
وقالت سعاد إبراهيم، التى خسرت الانتخابات البرلمانية إنه عندما نتحدث عن الديمقراطية، فهي ديمقراطية ذكورية، وليست ديمقراطية أنثوية، وعلقت «فايننشال تايمز» قائلة: «بوجود وزيرة واحدة فقط أصبح التزام الحكومة بحقوق المرأة موضع تساؤل من قبل البعض، خاصة بعد خسارة كل النساء اللاتي ترشحن لعضوية البرلمان».
وأضافت الصحيفة البريطانية، أن المبعوثين الأجانب في هرجيسا يرجحون اعتراف الدول الغربية بأرض الصومال «الأكثر ليبرالية» خاصة بعد أن أصبحت أفغانستان فى أيدي «طالبان».
وأوضحت الصحيفة أن الصومال يأبى الاعتراف بـ«صوماليلاند» لأن ذلك سيفتح الباب أمام تحركات مماثلة في مناطق أخرى هي بونتلاند وجوبالاند، مع الوضع في الاعتبار الصراع الدائر في منطقة تيجراي الإثيوبية بالإضافة إلى التوترات المحتملة في منطقة أوجادين الإثيوبية، ما بعني أن السلطات في أديس أبابا من غير المرجح أن تتحرك للاعتراف بـ«صوماليلاند».
وقال عبدالرزاق شقالى، محاضر العلاقات الدولية بجامعة هرجيسا إن فكرة الاعتراف بأرض الصومال يمكن أن تؤدي إلى بلقنة القرن الأفريقي هي مجرد أسطورة"، مضيفا "تاريخيا وقانونيا وسياسيا لدينا الشرعية التي يجب الاعتراف بها.