واصل رئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد، إجراءاته التعسفية في إطار الحرب على إقليم تيجراي، حيث أصدرت الحكومة الإثيوبية قرارا أمس الخميس بطرد سبعة من كبار مسؤولي الأمم المتحدة، بزعم تدخلهم في شئون البلاد، ما تسبب في غضب دولي عارم ضد آبي أحمد، الذي أكد خبراء الأمم المتحدة أنه يتعمد تأخير إيصال المساعدات إلى تيجراي لاستخدام “التجويع” كأداة للانتقام من تيجراي بعد الهزيمة التي مني بها جيشه في الحرب التي بدأت في مستهل شهر نوفمبر من العام الماضي، وتسببت في دخول إثيوبيا في حرب أهلية.
وأعلنت وزارة الخارجية الإثيوبية أمس الخميس طرد سبعة من كبار مسؤولي الأمم المتحدة، على أن يغادروا أديس أبابا خلال 72 ساعة بزعم التدخل في شؤون البلاد، ويأتي ذلك الإجراء بعد يومين من تحذير رئيس منظمة الإغاثة العالمية من أن الحصار التي تفرضه حكومة آبي أحمد ضد إقليم تيجراي، أجبر مئات الآلاف من الأشخاص على النزوح.
الولايات المتحدة تهدد بفرض عقوبات ضد إثيوبيا
وصرحت المتحدثة بإسم البيت الأبيض جين بساكي أمس الخميس، بأن الولايات المتحدة تدين عمليات الطرد ولن تتردد في استخدام العقوبات ضد أولئك الذين يعرقلون الجهود الإنسانية.
وقالت "بساكي": "نشعر بقلق عميق من أن هذا الإجراء يمثل استمرارا لنمط من قبل الحكومة الإثيوبية لعرقلة تسليم الغذاء والدواء وغيرها من الإمدادات المنقذة للحياة لمن هم في أمس الحاجة إليها".
وأدانت وزارة الخارجية الأمريكية قرار الحكومة الإثيوبية بطرد مسؤولي الأمم المتحدة، داعية إلى التراجع عن هذا القرار على الفور، ونوهت إلى أنه في 17 سبتمبر، أصدر الرئيس الأمريكي جو بايدن، أمرا تنفيذيا ينص على نظام عقوبات جديد يسمح بفرض عقوبات اقتصادية على الحكومة الإثيوبية والجيش الإريتري وجبهة تيجراي بسبب الأزمة في شمال إثيوبيا.
وأكدت الخارجية الأمريكية في بيانها أنها "لن نتردد في استخدام هذه السلطة "فرض عقويات" أو غيرها من الأدوات للرد على أولئك الذين يعرقلون المساعدة الإنسانية لشعب إثيوبيا".
وأضافت "ندعو المجتمع الدولي بالمثل إلى استخدام جميع الأدوات المناسبة لممارسة الضغط على حكومة إثيوبيا، وأي جهات فاعلة أخرى تعرقل وصول المساعدات الإنسانية".
وتابعت "نحث حكومة إثيوبيا على العمل بشكل تعاوني مع الأمم المتحدة والشركاء الدوليين للسماح بوصول المساعدات الإنسانية بأمان ودون عوائق إلى جميع المحتاجين وتسهيل ذلك".
جوتيرش مصدوم من قرار الحكومة الإثيوبية
وقال بيان صادر عن الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو جوتيريش إنه "صُدم" من عمليات الطرد وأضاف: "نحن نتواصل الآن مع حكومة إثيوبيا في توقع السماح لموظفي الأمم المتحدة المعنيين بمواصلة عملهم المهم".
وعلقت السفيرة ليندا توماس جرينفيلد مندوبة الولايات المتحدة، في الأمم المتحدة قائلة "إن تصرفات الحكومة الإثيوبية بما في ذلك تدمير طرق الوصول الحيوية مع انتشار المجاعة، تعرقل الجهود المبذولة للحفاظ على سلامة المدنيين وتقديم المساعدة الإنسانية".
وأضافت عبر حسابها بتويتر "يجب أن يُمنح العاملون في المجال الإنساني إمكانية الوصول دون عوائق لتقديم المساعدة المنقذة للحياة لجميع المحتاجين".
سبب طرد إثيوبيا لمسئولي الأمم المتحدة
يذكر أن مارتن جريفيث، رئيس مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية، أوضح منتصف الأسبوع الجاري أن "الحصار الفعلي" الذي استمر قرابة ثلاثة أشهر على حدود تيجراي قد حد من وصول المساعدات إلى 10٪ مما هو مطلوب.
وقال جريفيث "هذا من صنع الإنسان ويمكن تداركه من خلال تصرفات حكومية" مشيرا إلى أن ما يقرب من ربع الأطفال في تيجراي يعانون من سوء التغذية.
ويعمل خمسة من الأشخاص السبعة المطرودين في مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية، بينما يعمل سادس لليونيسف والسابعة لمكتب المفوض السامي لحقوق الإنسان، الذي يجري تحقيقًا مشتركًا مع لجنة حقوق الإنسان التي عينتها الدولة في إثيوبيا في تقارير جماعية، تتعلق بقتل مدنيين واغتصاب جماعي وانتهاكات أخرى في تيجراي.
ومن بين الأشخاص السبعة الذين تم طردهم رؤساء الدول لمنظمة الأمم المتحدة للطفولة (اليونيسف) ورئيس مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا).
وفي أغسطس الماضي علقت إثيوبيا عمليات الفرع الهولندي لمنظمة أطباء بلا حدود الخيرية، والمجلس النرويجي للاجئين، متهمة إياهما بتسليح "مجموعات متمردة"، وقتل 23 من عمال الإغاثة في تيجراي منذ اندلاع النزاع في نوفمبر الماضي.
كارثة مروعة تنتظر أطفال تيجراي
ووصف مدير الأبحاث في مستشفى آيدر في ميكيلي عاصمة تيجراي الدكتور هايلوم كيبيدي طرد مسؤولي الأمم المتحدة بأنه "ضربة قاسية".
وقال "الآن لن تكون هناك مساعدة للأطفال الذين يعانون من سوء التغذية، إنها ضربة قاسية وسنشهد زيادة كارثية في عدد وفيات الأطفال في الأيام المقبلة"، مؤكدا وفاة ستة أطفال جوعا الأسبوع الماضي في المستشفى الذين يعمل فيه، وفقا لما أوردته وكالة الأنباء الفرنسية "أ ف ب".
وقال المتحدث باسم جبهة تحرير شعب تيجراي جيتاتشو رضا عبر موقع تويتر إن هذا قرار "مؤسف" من جانب أبي أحمد الذي "لا يمكن إعادته إلى رشده".
وفي هذا السياق، قال مهاري تاديل مارو، أستاذ الحوكمة والهجرة في معهد الجامعة الأوروبية في فلورنسا بإيطاليا تعليقا على القرار الإثيوبي إن "أي شخص يعارض سياسة الحكومة المتمثلة في تجويع شعب تيجراي، يحصل على صفعة على وجهه، ولا أحد بمنأى عن ذلك، ولا حتى وكالات الأمم المتحدة التي لديها معارضة خجولة لافتة للنظر للحرب على تيجراي".
وأضاف عبر حسابه بموقع "تويتر" حاليا إعلان الحرب على الأمم المتحدة، ماذا سيفعل مجلس الامن وقيادة الامم المتحدة ؟".
التجويع وسيلة آبي أحمد للانتقام من تيجراي
واستنكر الخبير الأفريقي رشيد عبدي، في تغريدة له عبر حسابه بتويتر تعنت إثيوبيا، بشأن الأزمة الإنسانية في إقليم تيجراي قائلا "لا يصل الطعام إلى تيجراي لمجرد أن الحكومة الإثيوبية تستخدم الطعام كأداة للحرب".
وأكد أن "تجويع تيجراي" هو انتقام للهزيمة العسكرية، لافتا إلى أن المناشدات الدولية لأديس أبابا لتحسين الوصول إلى المساعدات تلقى آذانًا صماء".