الجمعة 22 نوفمبر 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم

آراء حرة

«عبدالناصر».. موجود في أرغفة الخبز

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news

عندما رحل الزعيم جمال عبد الناصر قبل ٥١ عاما، فى يوم ٢٨ سبتمبر ١٩٧٠، سالت مداد الأقلام تنعى واحدا من أفضل ما أنجبتهم هذه الأرض، والذى حمل على كفيه وفى قلبه هموم وطنه وأوطان أمته، فأحبه الناس وعشقه البش، وتحوّل إلى رمز في بلدان العرب وغيرهم من غير العرب، وفى بلدان العالم النامى، والطواقين إلى التحرر من الاستعمار.

وفى كلمات من القلب جاءت أبيات الشاعر عبدالرحمن الأبنودى: «يا من يتساءل أين مضى عبدالناصر / يا من يتساءل هل يأتى عبد الناصر موجود فينا.. موجود في أرغفةِ الخبزِ.. وفى أزهار أوانينا/ مرسومٌفوق نجومِ الصيف، وفوق رمالِ شواطينا.. موجود فى أوراقِ المصحف/ فىصلوات مصلينا.. موجود فى كلمات الحب.. وفي أصوات مغنينا.. موجود فى عرقِ العمال../ وفى أسوان.. وفى سينا.. مكتوب فوق بنادقنا.. مكتوب فوق تحدينا.. السيد نام.. وإن رجعت أسراب الطير.. سيأتينا».

وأدمعت أقلام الأديب يوسف إدريس مدادا لتقول: «يا أبانا الذي في الأرض..ياصدرناالكبير الحنون الذى كنا فى ظله نكتب ونخطئ وننتج ونكبت ونصرخ ونحارب ونثور، يا أكبر من حملت به مصر وأنجبته العروبة، يامن فاجأتنا جميعا بثورتك..أكانلا بد ان تفاجئنا بموتك، إذا كان ناصر الجسد قد مات فإن عبد الناصر الروح والشعب لا يموت».

ومن هناك فى قلب الشام، ومن جبال الأَرز أدمت أقلام الشاعر نزار قبانى، لتقول: «قتلناك يا آخر الأنبياء/ ليسجديد علينا اغتيال الصحابة والاولياء/ نزلتعلينا كتابا جميلًا/ لكنالا نجيد القراءة/ وسافرتفينا لأرض البراءة/ ولكنناماقبلنا الرحيلا/ وكممن إمام ذبحناه وهو يصلى صلاة العشاء».

وفى كلمات مليئة بالحزن والوفاء والشجن، جاءت تعبيرات صاحب نوبل نجيب محفوظ، لتدمعنا: «حياك الله يا أكرم زاهد، إنى أحنى رأسى حبا وإجلالا، نحن من الحزن فى ذهول شامل، يعزينا بعض الشىء إلى جنة الخلد تمضى، وسيسعدنى أكثر أن تجعلوا من دنياكم جنة، وراءك فراغ لن يملأه فرد، ولكن يملأه الشعب الذي حررته، سيكون أحب الطرق إلى نفسى الطريق إلى مسجدك، كلنا ماضون ومصر هى الباقية».

وأبدع صاحب «عصفورالشرق» أديبناالراحل توفيق الحكيم، فى وفاة زعيمنا جمال عبدالناصر، ليدون:

«اعذرنى يا جمال القلم يرتعش في يدى، فليس من عادتى الكتابة والألم يلجم العقل ويذهل الفكر، لن أستطيع الإطالة، لقد دخل الحزن القلب تفجعا عليك».

وهذه الأيام تأتى ذكرى عبدالناصر وما زالت طموحات الناس تتواصل انطلاقا من حالة الحراك نحو عدالة جديدة في التنمية، وتأثرا بالمقولات المأثورة للزعيم عن العدالة الاجتماعية والتي قال فيها: «لا يمكن بأى حال من الأحوال أن يكون الغنَى إرثًا والفقر إرثًا والنفوذ إرثًا والذل إرثًا، ولكن نريد العدالة الاجتماعية، نريد الكفاية والعدل، ولا سبيل لنا لهذا إلا بإذابة الفوارق بين الطبقات، ولكل فرد حسب عمله، لكل واحد يعمل ولكل واحد الفرصة ولكل واحد العمل، ثم لكل واحد ناتج عمله».

ولا يمكن أن ننسى ما قاله نجيب محفوظ عن عبدالناصر والعدالة والفقراء إن «عبدالناصر» أكثر من أنصف الفقراء.. وما لم يستطع تحقيقه أعطاه لهم أملا لذلك فالناس لا تنساه أبدا، لأن الأمل لا يموت وربما كان هذا هو السبب الذى يجعل اسم عبد الناصر وصوره ترتفع في كل مناسبات شعبية، بل في المظاهرات إن وجدت.

أن الاختلاف على تقييم «عبدالناصر» وتجربته حق طبيعي، دون إساءة ولكن ورغم كل ذلك، فان تجربة عبد الناصر على أرض الواقع كانت تتقدم خطوات بالمجتمع بخطوات للأمام، في اتجاه مزيد من العدالة وإذابة الفوارق الاجتماعية والانصهار في قضايا الناس، والاقتراب منهم، ومخاطبتهم بهمومهم والوصول إليهم فى مصانعهم وحقولهم، وشوارعهم.

ولهذا سيبقى «عبدالناصر» ويتواجد فى حياة الناس، وفى أجيال، حتى وإن لم يعاصروه.. وسلام على روحك يا «ناصر».