أزمة انتحال صفة الأطباء و «سمكرية البنى آدمين » أطلت بظلالها خلال الفترة الأخيرة مع تزايد الحالات المنتحلة لصفة الطبيب، فى ظل مطالبة بتشديد الإجراءات وإنزال العقوبات على المنتحلين بالقانون.
وأوضح برلمانيون، أن هذه الظاهرة يكون مردودها على المجتمع سلبيًا ما يؤثر على صحة المواطنين، وكذلك فقد الثقة الكبيرة فى المنظومة الطبية بشكل عام .
وقالوا ان على إدارات العلاج الحر بجميع المحافظات دور فى التفتيش والرقابة، لافتين إلى أنه غير مقبول أن تكون مهنة من أنبل المهن كالطب يمارسها أشخاص مزيفون.
من جانبه أوضح الدكتور إيهاب رمزي، عضو اللجنة التشريعية بمجلس النواب، أن انتحال صفة طبيب لا تعد جريمة واحدة، فيرتكب فيها الجانى أربع جرائم فى آن واحد، الأولى منها تعد تزويرًا فى محررات رسمية، وتصل عقوبتها إلى الحبس مع الأشغال الشاقة لمدة ١٥ سنة، والجريمة الثانية تحدث إذا تحصل الجانى على أى أموال من المرضى أو المجنى عليهم بإيهامهم بأنه طبيب وذو خبرة مهنية.
وتابع عضو اللجنة التشريعية فى تصريحات لـ«البوابة نيوز»، أن الجريمة الثالثة هى إدارة مؤسسة طبية بدون ترخيص وتكون العقوبة الغلق أولًا ثم الحبس، والجريمة الرابعة هى مزاولة المهنة بدون ترخيص، وهناك جريمة أخرى يمكن أن يرتكبها منتحل صفة طبيب إذا ترتب على ممارساته الوفاة أو الإصابة مما يؤدى إلى المسئولية التعويضية عن الأضرار التى حدثت.
وأضاف «رمزى»، أن هذه الظاهرة يكون مردودها على المجتمع سلبيًا مما يؤثر على صحة المواطنين، وكذلك فقد الثقة فى المنظومة الطبية بشكل عام أو ما يشابهها، مما يخلق نوعا من البلبلة وعدم الاستقرار ودخول عامل الشك واختلاط الأمور، مطالبًا، بمراجعة كل المؤسسات العلاجية والعاملين بها ومدى سلامتها والتزامها بالقواعد والقوانين وعوامل الأمن والسلامة عن طريق فرض رقابة شديدة وواضحة من خلال الأجهزة المختصة.
واختتم، يجب على وزارة الصحة والسكان تفعيل قسم الشكاوى بوضع خط ساخن لتلقى الشكاوى فى أسرع وقت مع عمل حملة توعوية لطرق الإبلاغ والتصرف فى تلك الأمور، مشددًا، على تشديد العقوبات حتى تكون رادعة وحفاظًا على أمن وسلامة المواطنين.
فى نفس السياق قال النائب مصطفى بكري، عضو مجلس النواب، على اتحاد المهن الطبية أن يتحرك سريعًا، حيث إن هذه الأحداث تكررت حديثًا بشكل كبير، وأصابت المواطنين بحالة من الذهول والصدمة، وأنه عندما ينتحل البعض صفة طبيب ويتولى الكشف سواء كان فى الأمراض العادية أو الأمراض التى تخص مهنة العلاج الطبيعي، أو غيره من التخصصات الطبية.
ولفت عضو مجلس النواب، فى تصريحات لـ«البوابة نيوز»، إلى أن هذا الأمر أصبح خطيرًا، مما يضع المجتمع كله فى مأزق شديد، ويتوجب على الجهات اتخاذ الإجراءات اللازمة، وكذلك يتطلب من المجنى عليهم التوجه إلى النيابة العامة وتحرير محضر ضد الواقعة لمعاقبة الجانى حتى يتوقف هذا الجرم ويتم اقتلاعه من جذوره.
و شددت النائبة مها عبدالناصر عضو مجلس النواب، قائلةً: «على وزارة الصحة ومنظمة العلاج الحر مراقبة الكيانات والمراكز الصحية والتحقق من هوية ومهنية مديريها والقائمين عليها، وكذلك مراقبة الإعلانات العلاجية والدوائية على الفضائيات والسوشيال ميديا».
وطالبت عضو مجلس النواب، فى تصريحات لـ«البوابة نيوز»، الأجهزة الرقابية بالجدية فى التعامل لوقف هذه الأمور، وأن الوصول إليهم أصبح سهلًا، حيث يقوم معظمهم بوضع اسمه أو رقم هاتفه على الإعلان وعنوان المنشأة إن وجدت، لافتةً، إلى أنه غير مقبول أن تكون مهنة من أنبل المهن كالطب يمارسها أشخاص مزيفون.
بينما قال النائب أحمد سمير زكريا، عضو لجنة الشئون المالية والاقتصادية والاستثمار بمجلس الشيوخ، إن أعضاء البرلمان بغرفتيه سواء مجلس النواب أو مجلس الشيوخ يقفون بالمرصاد لمنتحلى صفة «طبيب» بكل تخصصاته ومزاولى العلاج الطبيعي، حتى لا يتم إعطاء الفرصة لمدعى «العلم» ممن يطلقون على أنفسهم «سمكرى بنى آدمين» ويطمحون للشهرة وجنى المال بدون علم مما يؤدى لكوارث تضر بصحة المواطن، لافتًا، إلى أن ضحايا هؤلاء يقعون ضحية «السوشيال ميديا» التى يروج سمكرية البنى آدمين لقدرتهم على حل المشكلات الصحية التى تستعصى على أشهر أطباء العظام المتخصصين الدارسين، خاصةً، أن منتحلى الصفة غير مؤهلين علميًا بشكل جيد، ويمكن أن يصيب المريض بشلل أو مضاعفات خطيرة تؤثر على التوازن الحركى والعقلى للمريض وحياته.
وأكد «سمير»، فى تصريحات لـ«البوابة نيوز»، أنه من التشريعات المطلوب تعديلها لردع منتحلى الصفة، هو قانون تنظيم مزاولة مهنة العلاج الطبيعى من قبل مجلس النواب ثم إحالته لمجلس الشيوخ للبت النهائى فيه، مشيرًا، إلى أنه انتهت لجنة الشئون الصحية بمجلس النواب فى الفصل التشريعى الأول من مناقشة مشروع القانون، وبالفعل تم عرض تقريرها على المجلس، وتم إرجاء حسمه ونتوقع البت فيه بدور الانعقاد الثانى لأن الهدف من مشروع القانون تنظيم شئون مهنة العلاج الطبيعى ومزاولتها.
وأشار عضو لجنة الشئون المالية والاقتصادية والاستثمار بمجلس الشيوخ، إلى أن المجلس بالقطع سينظر فى القانون لأن تعديله أصبح ضرورة لأنه صادر برقم ٣ لسنة ١٩٨٥، ولم يعدل منذ ذلك الحين، والهدف من تعديله قطع الطريق أمام منتحلى الصفة، خاصةً، أن القانون عفا عليه الزمان وأصبحت مواده لا تتناسب مع العصر الحالي.
وأوضح «زكريا»، أن عقوبة منتحل الصفة فى القانون الحالى لمزاولة مهنة العلاج الطبيعى تتراوح بين سنتين حبس أو ٥٠٠ جنيه غرامة، مما يشجع أى دخيل للتهاون فى حقوق المرضى، متوقعًا أن تصل العقوبة إلى السجن ١٠ سنوات وتغليط الغرامة لتكون رادعة لمن تسول له نفسه فعل ذلك.
بدوره قال الدكتور إيهاب الطاهر، عضو مجلس النقابة العامة للأطباء، إن انتحال صفة طبيب أصبح متكررًا فى الفترة الأخيرة فمنهم من ينتحل الصفة على وسائل التواصل الاجتماعى لجذب ضحاياه ومنهم من ينتحل الصفة ببعض القنوات الفضائية فى بعض البرامج مدفوعة الأجر، والتى لا تتحقق فيها بعض القنوات من صفة المتحدث فيها ومنهم من قام بإنشاء مراكز بدعوى علاج بعض أنواع الأمراض.
وأوضح عضو مجلس النقابة العامة للأطباء، فى تصريحات لـ«البوابة نيوز» أن النصب يأتى بادعاء علاج زيادة الوزن «التخسيس» والتجميل وعلاج الإدمان فى المقدمة، وما يحدث هو فى منتهى الخطورة على صحة المواطن، وهو ما يؤثر سلبًا على الأمن القومى الصحى للدولة ويحتاج تضافر جميع الجهود لمحاربته بشكل فعال، لافتًا، إلى أنه من الواجب على المجلس الأعلى للإعلام إعطاء تعليمات لجميع وسائل الإعلام المرئية والمسموعة والمقروءة بضرورة التأكد من هوية أى متحدث بها فى أى أمر طبى وضرورة حصوله على موافقة من الجهات المختصة بالظهور والحديث فى الأمر الطبي.
وطالب «الطاهر»، وزارة الصحة بتفعيل القانون رقم ٢٠٦ لسنة ٢٠١٧ الذى يشكل لجنة لمنح التراخيص الخاصة بالإعلان عن المنتجات أو الخدمات الصحية ويوقع عقوبات على مخالفته، وعلى إدارات العلاج الحر بجميع المحافظات دور فى التفتيش والرقابة وإحالة المخالفين للنيابة، وعلى وسائل الإعلام دور هام فى توعية المواطنين بخطورة الاندفاع خلف أى إعلانات صحية على وسائل التواصل الاجتماعي.
واختتم: «نقابة الأطباء قامت بوضع رابط خاص على الموقع الإلكترونى لها، يستطيع أى مواطن من خلاله أن يتأكد من اسم أى طبيب وتخصصه، ومنتحل صفة الطبيب لا يختلف عن الدجال الذى يستغل حسن نية بعض الأشخاص ليوقعهم فى حبائله ويبتز أموالهم على حساب صحتهم».
فى سياق متصل قال الدكتور أحمد عزت، أمين صندوق نقابة العلاج الطبيعي، إن ظاهرة منتحلى صفة طبيب بدأ ظهورها على نطاق واسع منذ أكثر من ٦ سنوات، وكان يقوم بهذا الدور خريجى كليات التربية الرياضية تحت مسميات أخصائيين التأهيل الحركي، وهذه المراكز تم فتحها عن طريق لجنة نقابية عمالية تابعة لاتحاد العمال، وهذا المسمى ليس قانونيا وليس له أى وجود فى التنظيم والإدارة أو وزارة الصحة والسكان.
وأوضح أمين صندوق نقابة العلاج الطبيعي، فى تصريحات لـ«البوابة نيوز»، أن النقابة خاطبت وزارة القوى العاملة للتأكد من صحة هذه المراكز وكان الرد أنها غير قانونية وليست مسجلة لديها، وأن ضعف التشريعات بالإضافة لعدم وجود الرقابة السبب الرئيسى فى انتشار هذه الظاهرة أو ما يشابهها.
من ناحية أخرى قال الأمين العام لنقابة الأطباء، الدكتور أسامة عبدالحي، إن قانون مزاولة مهنة الطب رقم ٤١٥ لسنة ١٩٥٤ وتعديلاته، نص على مجموعة من العقوبات يتعلق بعضها بمزاولة المهنة على وجه يخالف أحكام هذا القانون، وانتحال لقب طبيب، وفتح أكثر من عيادتين، ففى المادة ١٠ من القانون نصت على أنه «يعاقب بالحبس مدة لا تجاوز سنتين وبغرامة لا تزيد على مائتى جنيه أو بإحدى هاتين العقوبتين كل من زاول مهنة الطب على وجه يخالف أحكام هذا القانون، وفى حالة العودة يحكم بالعقوبتين معا».
وأضاف أمين عام نقابة الأطباء، أنه فى جميع الأحوال يأمر القاضى بإغلاق العيادة مع نزع اللوحات واللافتات ومصادرة الأشياء المتعلقة بالمهنة، ويأمر كذلك بنشر الحكم مرة أو أكثر من مرة فى جريدتين يعينهما على نفقة المحكوم عليه، مشيرا إلى أنه ومع ذلك، يجوز بقرار من وزير الصحة، أن يغلق بالطريق الإدارى كل مكان تزاول فيه مهنة الطب بالمخالفة لأحكام هذا القانون.
وأشار «عبدالحى»، إلى أن المادة ١١ من القانون نصت على أنه يعاقب بالعقوبات المنصوص عليها فى المادة السابقة، كل شخص غير مرخص له فى مزاولة مهنة الطب يستعمل نشرات أو لوحات أو لافتات أو أى وسيلة أخرى من وسائل النشر إذا كان من شأن ذلك أن يحمل الجمهور على الاعتقاد بأن له الحق فى مزاولة مهنة الطب، وكذلك كل من ينتحل لنفسه لقب طبيب أو غيره من الألقاب التى تطلق على الأشخاص المرخص لهم فى مزاولة مهنة الطب. وتابع: «كما يعاقب كل شخص غير مرخص له فى مزاولة مهنة الطب وجدت عنده آلات أو عدد طبية ما لم يثبت أن وجودها لديه كان لسبب مشروع غير مزاولة مهنة الطب».
وأوضح، أن المادة ١٢ نصت على أنه يعاقب بغرامة كل من يخالف أحكام المادة السادسة وإذا كانت المخالفة بسبب فتح أكثر من عيادتين يجب الحكم أيضا بغلق ما زاد على المصرح بها منها، مؤكدًا أنه وفقا للمادة ٦ من القانون لا يجوز للطبيب المرخص له فى مزاولة المهنة أن يفتح أكثر من عيادتين، وعليه أن يخطر وزارة الصحة العمومية بكتاب موصى عليه بعنوان عيادته وبكل تغيير دائم فيه أو فى محل إقامته خلال شهر من تاريخ فتح العيادة أو حصول التغيير.