على قدم وساق، انتفضت الجهود في كل ربوع مصر من أجل تنفيذ توجيهات الرئيس عبد الفتاح السيسي، بضرورة التحرك الحاسم لمواجهة التعدي على أراضي الدولة، وشنت السلطات المحلية حملات موسعة لإزالة التعديات على منشآت الري والأراضي الزراعية.
وكان الرئيس السيسي قد وجه رسالة شديدة اللهجة طالب فيها بضرورة العمل على بإزالة جميع التعديات التي تمت على مدى 20 أو 30 عاما مضت على منشآت الري والأراضي الزراعية وجسور الترع خلال 6 شهور، كما وجه بمشاركة القوات المسلحة في إزالة التعديات في حال تطلب الأمر.
التعدي على أراضي الدولة غير مقبول
وقال الرئيس على هامش افتتاح محطة معالجة مياه مصرف بحر البقر أمس الأول الاثنين: "هو حد يغتصب أرض الدولة ونقول أصل حياتهم مهددة وزي ما احنا بنعمل تبطين للترع وإجراءات فوق الخيال أنا كمان مش هقبل إن حد يتعدى على قدراتنا لتحسين أحوال الناس وده كلام مش مقبول وكل التعديات لازم تتشال حتى لو تطلب الأمر نزول القوات المسلحة".
كما وجه الرئيس بوقف جميع أشكال الدعم الذي تقدمه الدولة من خبز وتموين لأي شخص متعد على أراض زراعية، أو ترع، أو مصارف، حتى تتم إزالة التعدي، وأشار الرئيس إلى أن الدولة تقدم 700 مليار جنيه في إطار مبادرة «حياة كريمة»، وتتحرك بمنتهى القوة لإسعاد المواطنين وغير مقبول أن يكون هناك تعديات.
وأكد الرئيس أن الدولة المصرية تسابق الزمن لتطوير وتحديث واستعادة كفاءة المنشآت المائية بالكامل، مشيرا إلى أن الإجراءات التي تمت على مدار 7 سنوات في جميع المجالات قطعت شوطا كبيرا في معدلات الإنجاز التي كان من المفترض أن تتم خلال العشرين سنة المقبلة.
التعديات على الأراضي الزراعية بالأرقام
وفي شهر أغسطس الماضي، كشف الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء، عن أن عدد حالات التعدي على الأراضي الزراعية خلال العشر سنوات الأخيرة تخطى مليوني حالة تعد على مساحة قدرها 90 ألفا و669 فدانا على مستوى محافظات الجمهورية، خلال الفترة بين عامي 2011 و2020.
وأشار الجهاز إلى إزالة 32% من تعديات على الأراضي الزراعية التي وقعت منذ عام 2011 حتى عام 2020 بعدد 645.911 ألف حالة تعد على مساحة 36.320 ألف فدان من إجمالي 2.007 مليون حالة تعد على مساحة 90.669 ألف فدان.
وأوضحت الإحصاء أن التعديات على الأراضي الزراعية أخذت منحنى الصعود بشكل ملحوظ بداية من عام 2011 حينما قفزت التعديات لـ287.5 ألف حالة تعد على مساحة 11.9 ألف فدان، ثم 365.3 ألف حالة تعد خلال عام 2012 على مساحة 15.5 ألف فدان، و331.8 ألف حالة تعد خلال 2013 على مساحة 14.7 ألف فدان، و276.4 ألف حالة تعد خلال عام 2014 على مساحة 12.8 ألف فدان.
وبدأت حالات التعدي على الأراضي الزراعية تتراجع منذ عام 2015 لتهبط من 276.4 ألف حالة تعد عام 2014 لـ 194.9 ألف حالة تعد عام 2015 ثم 176.1 ألف حالة تعد عام 2016، و89.5 ألف حالة تعد عام 2018، و44.7 ألف حالة تعد خلال 2019، وصولًا لـ 55.6 ألف حالة تعد عام 2020.
وكان الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء قد أعلن عن ارتفاع عدد حالات التعدي على الأراضي الزراعية إلى 55.6 ألف حالة تعد على مساحة 2.994 ألف فدان خلال عام 2020، لافتًا إلى أنه تمت إزالة 44.1 حالة تعد على مساحة 2.469 ألف فدان، بنسبة 79.3% من إجمالي التعديات خلال العام الماضي.
حملة إنقاذ نهر النيل
أوضح المهندس محمد غانم المتحدث باسم وزارة الموارد المائية والري، أن حملة إنقاذ نهر النيل أُطلقت في يناير عام 2015، وخلال هذه الفترة، 6 سنوات، نفذت وزارة الري بالتنسيق مع الأجهزة الأمنية والمحافظات المعنية أكثر من 64 ألف إزالة لحالات تعدي، وهو مجهود كبير جدًا، وما يزال هناك تعديات أخرى سوف تُزال بسرعة وبمجهودات ضخمة خلال الستة أشهر القادمة، وذكر أن حجم التعديات إجمالًا كان حوالي 120 ألف حالة، أُزيل منها 64 ألف حالة أي حوالي 55% من حجم التعديات، وباقي 56 ألف، وطالما توفر الدعم من القيادة السياسية، وتوفرت كل المعدات المطلوبة فسوف تُكثف الجهود لتحقيق المستهدف.
أوضح أن الموجة الـ18 لإزالة التعديات على أراضي الدولة لاسترداد حق الشعب بدأت بالفعل، وتُنفذ على ثلاث مراحل: الأولى بدأت منذ 13 سبتمبر الجاري وحتى 3 أكتوبر، والثانية تبدأ من 11 أكتوبر وحتى 26 أكتوبر، والثالثة تبدأ من 16 نوفمبر وحتى 26 نوفمبر، وتستهدف إزالة أكثر من 16 ألف مبنى مُخالف بجميع المحافظات، على مساحة تُقدر بـ14 مليون متر مربع، كما تستهدف إزالة 2260 حالة تعدي على أراضي زراعية تُقدر بـ12500 فدان.
من جهته، أعلن الدكتور خالد قاسم المتحدث باسم وزارة التنمية المحلية، عن إزالة 6550 مبنى مُقام على أراضي الدولة بما يُعادل مليون و489 ألف و678 متر مربع، كما تم استرداد أراضٍ زراعية تقدر بـ2580 قطعة تمثل حوالي 14346 فدان، وذلك حتى مساء الاثنين الماضي، بمساعدة قوات إنفاذ القانون بالتنسيق مع السادة المحافظين والأجهزة المحلية.
وذكر أن التعديات ملف كبير والعمل به مستمر مع تكثيف الأعمال بعد تكليف السيد رئيس الجمهورية بهذا الشأن، فتعديات الري وحدها بالشرقية بلغت 43 ألف حالة بمساحة حوالي 4 مليون متر، منها مباني ومنها مساحات زراعة، وأُزيل منها 36 ألف و275 حالة، بمساحة حوالي 3 مليون و33 ألف متر، وباقي 6 آلاف و812 حالة، بحوالي 879 ألف متر، أي أُزيل من 75 إلى 80% من حجم التعديات خلال الفترة السابقة.
إزالة التعديات في الشرقية
وفي محافظة الشرقية تم إزالة التعديات على الأراضي الزراعية فمن أصل 155 ألف حالة تعدي، تم إزالة حوالي 80 ألف حالة، وباقي حوالي 50%، وفي الفترة من 13 حتى 28 سبتمبر أُزيل حوالي 674 حالة تعدي على الأراضي، و1153 حالة إزالة مباني.
إزالة التعديات في بنى سويف
وفى بنى سويف، تم إزالة 55 حالة تعد ليصل إجمالي ما تم تنفيذه من إزالات إلى 427 حالة تعد خلال الشهر الجاري، كما نفذت الإدارة المركزية للموارد المائية والرى بمحافظة بنى سويف، 16 قرار إزالة على مسطح إجمالية 4000 متر بزمام الإدارة العامة لحماية النيل ببنى سويف، حيث تم تنفيذ 11 قرار ازالة عبارة عن مباني على مسطح 2500 متر و5 قرار ردم على مسطح 1500 متر بمركز الفشن محافظة بنى سويف.
إزالة التعديات في كفر الشيخ
وفى محافظة كفر الشيخ، تم تنفيذ 49 قرار استرداد أراضى أملاك الدولة، وإجمالي ما تم تنفيذه 503 قرارات منذ بدء الموجة 18 حتى الآن، من بينها 346 قرار مبانى على مساحة 23958 مترًا، و157 قرار زراعي على مساحة 337 فدانا، و10 قراريط، و17سهما.
إزالة التعديات في الإسماعيلية
وفى محافظة الإسماعيلية، تم إزالة 65 حالة تعد بمساحة 12500 متر مربع عبارة عن مباني غير مكتملة وأسوار بنطاق قرية الفردان،
إزالة التعديات في أسوان
وفى اسوان، تم تنفيذ حملة مكبرة لإزالة 24 حالة تعد بقرى مركز نصر النوبة بإجمالي مساحة 29 ألف و937 م، وذلك ضمن حملات الموجة الـ 18 لإزالة التعديات على أراضي الدولة.
التعدي على الأراضي تسرق جهود التنمية
وأشاد خبراء التخطيط العمراني وخبراء الري بتوجيهات الرئيس في إطار إزالة التعديات على أراضي الدولة، مشددين على أن التعدي على أراضي الدولة يسرق الجهود التي تبذلها الدولة في العديد من مجالات التنمية، كما تهدد مياه النيل.
وفي هذا الشأن قال الدكتور سيف الدين فراج، أستاذ التخطيط العمرانى، إن التعدي على الأراضي الزراعية وأراضي الدولة يعد من أخطر المشكلات التي تواجه الدولة خلال السنوات بل والعقود الأخيرة، مشددا على أن التعديات تسرق جهود الدولة في مجالات التنمية كافة، وفي الوقت الذي تسعى فيه مصر لاستصلاح آلاف الأفدنة لتحقيق الأمن الغذائي لمصر تنهب التعديات آلاف الأفدنة المجاورة للمناطق السكنية.
وأضاف أستاذ التخطيط العمراني أنه لا بديل عن محاربة التعدي على الأراضي الزراعية، حيث أنها لا تمثل خطورة على تناقص الأراضي فقط بل تتخطى ذلك وتؤثر على الصناعات القائمة على الزراعة، الأمر الذي يزيد من أزمة توفير فرص عمل عمل للشباب ويرفع معدل البطالة.
وتابع: "التعدي على الأراضي أحد أخطر أنواع الفساد المركب الأمر الذي يتطلب التصدي له بكل قوة، وهو الأمر الذي يلقى اهتماما كبيرا من جانب الرئيس السيسي، وذلك أزمة التعديات وصلت إلى مستويات كارثية".
ووافقه الرأي الدكتور حسن شمس، مدير وحدة تطوير الري بوزارة الزراعة، الذي قال إن التعدي أصبح خطرا يهدد المجاري المائية في شتى بقاع مصر، وتمثل خطورتها في أن التعديات وصلت إلى حد أدى إلى إعاقة تدفق المياه في الترع والقنوات والمجاري المائية المختلفة مما يشكل تهديدا كبيرا على منظومة الري.
وأشاد " شمس" بتوجيهات الرئيس بضرورة إزالة التعديات خلال 6 أشهر، مشددا على أن القرار يعكس "الحسم وسرعة التنفيذ"، وهو قرار تأخر أكثر من 20 سنة، أهدرت خلاله الآلاف من الأفدنة، كما أدت إلى إهدار كميات ضخمة من مياه الري.