السبت 27 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

آراء حرة

محمود حامد يكتب: أسامة عيد.. أيقونة خالدة

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news

كنت أشعر دائمًا أنه «فارس من زمن فات».. لم أشاهده إلا مبتسمًا ضحوكًا حتى فى أحلك الظروف.. مخلص أمين وسط عالمٍ من المنافقين.. يعشق العمل ويضع الوطن نصب عينيه وقلبه دائمًا.
عندما شارك معنا فى الملف القبطى، أكد بالعمل وليس بالإدعاء أنه واحد من القلائل الذين يجيدون الإبداع فى هذا الملف، بحنكة بالغة ووعى كبير بحساسية مثل هذه الملفات، وفوق ذلك كله بإيمان عميق لا يتزعزع بقيم المواطنة والعيش المشترك بكل تجرد وثقة فى أن مصر لكل المصريين المخلصين أيًا كان اللون السياسى أو المعتقد الدينى.
رأيته جنديًا مخلصًا جاء من تلقاء نفسه لينضم إلى حملة الصديق عبد الرحيم على، وعمل بتجرد  وتفانٍ لا مثيل لهما.. وظل كذلك يعمل عندما انضم للعمل فى «البوابة القبطية» مع الصديق سليمان شفيق الذى أعرب لى مرارًا عن مدى سعادته بوجوده بين فريق العمل. 
كان حريصًا فى كل حواراته مع رموز الشأن القبطى على السير بالحوار فى خطٍ متوازن بين العمل الكنسى والرؤية العامة لقضايا الوطن.. كان ملمًا بأدق تفاصيل هذا الملف الشائك وتعامل معه بحرفية لا مثيل لها، ولم يبخل أبدًا على زملائه بالمعلومة والدعم والمساندة.
وعندما تعرضت قيادات الكنيسة الوطنية لبعض الرذاذ من عديمى الضمير، تصدى لهم بكل جسارة وبكل ما تمتلكه نفسه من روح وطنية خالصة، ولم يعبأ إطلاقًا بالدعاوى القضائية التى رُفعت ضده من بعض الموتورين وظل هادىء الطبع كعادته واثقًا من صحة موقفه، وهو ما أكده القضاء بتبرئته من تهمة السب والتشهير.
ومثلما كان هكذا فى عمله، كان أيضًا فى حياته.. يسأل عن الجميع ويتحرك كالنحلة بين أصدقائه يطمئن على المريض منهم، ويقدم ما يمكنه من مساعدة، ويقف بجوار أى صديق حال تعرضه لأى مأزق فى الحياة.. وكانت له العديد من وقفات الشهامة والرجولة مع كثيرين.
منذ نحو شهر، اتصل بى يدعونى إلى تناول الغداء معًا، واتفقنا على اللقاء فى مطعم شهير بشارع فيصل حيث يسكن كلانا.. أثناء تناولنا الطعام، قال لى وابتسامة كبرى تملًا وجهه وسعادة لا نظير لها تطل من عينيه: «تعرف ليه دعوتك النهارده؟».. سألته متلهفًا: «ليه يا أسامة؟».. أجاب بفرحة عارمة: «الدكتور (عبدالرحيم على) قالى جهز ورقك للتعيين».
كان لا بد من ترك الطعام حالًا والوقوف لاحتضانه رغم كل الإجراءات الاحترازية.. كان فرحًا كطفل فى يوم عيد ميلاده ولكن القدر كان عنيدًا ولم يترك أسامة عيد ليكمل فرحته فى الحياة ولم يمهله لتذوق لذة النجاح والعمل الدؤوب والإخلاص والتجرد.. اختطفه الفيروس اللعين وهو فى  عز شبابه وقمة عطائه ليمنحنا حسرةُ لا تنتهى وألمًا لا يجف على فقد إنسان جميل ومعطاء ندر وجود مثيله فى مثل هذا الزمان.
رحليلك صديقى العزيز وإبنى الغالى أسامة عيد، أدمى قلوبنا وترك فينا جرحًا لا ندرى متى وكيف يندمل. عزاؤنا أنك فى مكان أرحب عند مليكٍ مقتدر.. وأمام إرادة الله، لانملك سوى الدعاء لك بالرحمة ولا نستطيع سوى أن نعزى أنفسنا ونعزى أهلك وأصدقاءك وعارفى فضلك وندعو الله أن يعين السيدة والدتك على تحمل صدمة قاسية علينا جميعًا فمال بال قلب الأم؟.
أسامة عيد يظل، مهما طال الرحيل، أيقونة من أيقونات الحب والعطاء والعمل الجاد وشهامة «ولاد البلد».
الله يرحمك يا حبيبى.