اهتمت الكنيسة الإنجيلية منذ قديم الزمان بفتح باب الحوار وممارسة الديمقراطية وقبول الآخر المختلف، والعمل على تطوير الإنسان من خلال الروح والنفس والجسد، من خلال تقديم الخدمات الروحية والنفسية والمجتمعية، وبالفعل نجحت فى ترسيخها عندما تقيم كنيسة فى منطقة تجد المدرسة والمستشفى وهذا ليس للاستثمار المادى، ولكن من أجل خدمة الإنسان والإنسانية، فنجد فى أحد البرامج المقدمة من المنتدى الإبراهيمى التابع للأكاديمية الدولية للحوار بسنودس النيل الإنجيلى المشيخي، يعمل على بناء ودعم مدرس التعليم الأساسى على ترسيخ القيم المشتركة بين الأديان السماوية، وذلك بالمدارس التابعة للكنيسة الإنجيلية أو الكاثوليكية أو الحكومية وإكسابه مهارات جديدة لحياته وتطبيقها فى الحياة اليومية والعملية والتعليمية، من خلال برامج تنموية وحوارية مشتركة يتبناها المنتدى بالتعاون مع الأزهر الشريف والكنيسة بكل طوائفها والمؤسسات التعليمية التابعة للكنائس من خلال المديريات التابعة للتربية والتعليم، من خلال إقامة برنامج حوارى وتعايشى يشمل مدرس اللغة العربية والتربية الدينية «إسلامى- مسيحى» والإخصائيين الاجتماعيين والنفسيين ومدرسي الدراسات وغيرهم من المتخصصين التربويين، وبرنامج آخر لأولياء الأمور، ثم برنامج متخصص بالتلميذ، وبرغم تحديات فيروس كورونا، لكن الكنيسة مستمرة فى العمل على أرض الواقع بهذا البرنامج التدريبي، لذا نظم المنتدى عددا من اللقاءات التى شملت تدريب عدد من مدرسي مدارس محافظة أسيوط، كما أقامت بالعمل مع أولياء أمور عددا من مدارس مدينة صدفا بمحافظة أسيوط.
وقال القس رفعت فكرى رئيس مجلس الحوار والعلاقات المسكونية بالكنيسة الإنجيلية، خلال مشاركته بلقاء تحت عنوان «حقوق الإنسان» بأن مبادئ حقوق الإنسان مهمة جدا وتقرب البشر بعضهم ببعض، وأن مصر شاركت بفاعلية فى صياغة الإعلام لحقوق الإنسان من خلال محمود عزمى مندوب مصر الدائم لدى الأمم المتحدة آنذاك.
وأشار «فكرى» إلى الدور المهم للرئيس عبدالفتاح السيسى فى إصدار الاستراتيجية الوطنية لحقوق الإنسان، ومطالبا الحضور لدراسة الوثيقة، وأن يقوم كل شخص من خلال موقعه بتفعيل بنودها.
كما أشار إلى أن وثيقة الأخوة الإنسانية التى يتبناها أكبر قيادتين دينيتين فى العالم، والتى رسخت إلى قيم حقوق الإنسان واحترام الآخر، العيش المشترك، لبناء جيل قادم أكثر محبة وتسامحا.
فى نفس السياق تحدث القس أيمن سامى نائب رئيس الأكاديمية الدولية للحوار التابعة لمجلس الحوار والعلاقات المسكونية، عن كيفية التواصل الفعال بين الآباء والأبناء قائلًا: «كيف نفهم ثقافة الاختلاف سوء كان بين الآباء والأبناء أو داخل المؤسسة الواحدة، وطن بلا ثقافة الاختلاف جسد بلا رأس، شجار بلا ثمار»، والسؤال الذى يطرح نفسه هناك العديد من يبني: «أنا أختلف إذا أنا موجود، وأتساءل لماذا لا يتقبل الكثيرون منا فكرة الاختلاف؟»
وأضاف «سامى» خلال كلمته باللقاء، أن هناك دورا رئيسيا على الأسرة فى اكتساب الأطفال للعديد من السلوكيات؛ فمثلا: لو دار حوار بين الأب والأم أمام أطفالهما، سيلاحظ الأطفال العديد من الملاحظات، ومنها: هل يصغى كل من الطرفين للآخر؟، هل يوجد تقبل لوجهات النظر؟، هل كان هذاالحوار صحيا؟.لذا مهم جدا لا بد عند الاختلاف، الابتعاد عن إطلاق الأحكام على الأشخاص، لمجرد أننا نختلف معهم فى وجهات النظر.
وتابع : «من المهم بعد كل نقاش دار أن نتعلم منه ونكتسب خبرات جديدة، الاختلاف من الأمور الطبيعية فى حياتنا، وهو سنة من سنن الحياة، وعلينا ألا نحوله لصراعات، بل نتعلم كيف نتعامل معها.السؤال الأهم كيف أبنى حوارا فعالا وأقوم بمد جسور بين كل من اختلف معه فكريا ؟ كيف يكون التواصل بينى وبين أبنائى فعالًا بالكيف لا بالكم؟».
وكشف «سامي» أن هناك العديد من العوائق التى تعوق الحوار بين الآباء والأبناء، وهى كالآتي: التركيز فى التربية على ماذا يأكل وماذا يشرب والالتفات لتربية النفس والتى من أهم عواملها إقامة علاقة جيدة مع الأبناء ضغوط العمل والحياة وحلها تنظيم الوقت كافٍ للاستماع لهم، وعلى الوالدين تجنّب دور الشرطي.
وأشار إلى عدة خطوات لازمة لبناء علاقة صداقة قوية بين الآباء والأبناء وهى كالآتي: الإنصات والتفهم، الإصغاء الجيد، عدم الاستهزاء وكثرة الانتقاد. أضمن لك باتباعك هاتين الخطوتين أن تكون مفتاح قلوب أبنائك وبدونهما لا يتأتى لك ولزوجك قطف ثمرة واحدة من ثمار ونعم هذا التواصل وتلك الصداقة الرائعة مع الأبناء والاتفاق مع الزوج على شكل العلاقة وأيكما القادر على التواصل أو إذا كان الأب الأقرب للذكور والأم للإناث، وكيفية التصرف حيال المشكلات الكبرى التقرب من الطفل والاهتمام به وما يحب ومايكره دون دلال زائد، لكن المقصود هو فهم ما يغضبه من تصرفات أو طريقة والاهتمام به وإسعاده عدم إفشاء أسراره لوالده إن كان سره معك والعكس ولا لإخوته مهما حدث، وإن كان الأمر كبيرا، ويجب أن يعلم به الأب فعليك استئذانه وإفهامه أن هذا هو الحل الوحيد والحرص على أن يكون رد فعل الأب مناسبًا حتى لا تفقدى ثقته بك الحرص على وجود وقت للتواصل يوميا أو أسبوعيا كأسرة وكأم وابنها أو ابنتهما وحدكما عدم الاستخفاف بحجم المشكلة أيًا كانت عدم الاستدلال بكونك ابنة سابقة لا مثيل لها أو طفلا كان الأفضل فى عائلته، ولابد أن تدرك وأنت تتعامل مع أولادك أو شخص آخر مهم كان الآخر، أنت مختلف فى كل شىء عمن تتعامل معه.
واختتم القس أيمن سامى كلمته قائلًا: «أنا لستُ أنت ليس شرطًا أن تقتنع بما أقتنع به، وليس من الضرورة أن ترى ما أرى، معرفة الناس للتعايش معهم لا لتغييرهم، ما تصلح له أنت قد لا أصلح له أنا، ما يُزعجك ممكن ألا يزعجني، الحوار للإقناع وليس للإلزام، أنا لا أرى وجهى لكنك أنت تراه وأخيرًا: تكسيرك لمجاديف غيرك لا يزيد أبدًا من سرعة قاربك».
وتحدث الدكتور القس إكرام لمعى رئيس مجلس الإعلام والنشر بالكنيسة الإنجيلية، عن كيف يكون الزوجان نموذجًا يحتذى به ؟ قائلًا بإنه لا بد أن الزوجين تنشأ بينهما علاقة زوجية تجمعهما بين التعود والاحترام المتبادل، لا بد من وجود علاقة ترابط بين الزوجين والأولاد صداقة وانفتاحا.
وتابع «لمعى»: «لا بد من وجود تواصل مستمر لسماع وإصغاء بعضنا لبعض، ومناقشة أخلاقيتنا مع المجتمع، ومع بعضنا البعض ونقرأها ونبحث فيها، بالإضافة إلى حتمية العطاء وبناء علاقات إنسانية مع الأبناء، اجعل أبوابك ونوافذك دائما مفتوحة لأولادك فى كل وقت».
بينما شارك القس رفعت فتحى الأمين العام لسنودس النيل الإنجيلي، بورقة بعنوان «تكامل أم صراع»، والذى أفاد بأنه بسبب تنامى الأصوليات الدينية فى العالم حدث الكثير من الصراع بين مختلف الأيديولوجيات والمذاهب، الأمر الذى يهدد بالاستقرار العالمى وتماسك المجتمعات، لذلك فنحن نحاول من خلال هذه الورقة الرد على تساؤل كيف يمكن أن تحول الصراع إلى تكامل.
وتابع «فتحى»: «أرى أن ذلك يتم من خلال أربعة أمور وهم كالآتي: إدراك حق الاختلاف أننا نختلف عن بعضنا البعض فى أمور كثيرة، وأن الاختلاف سنة الحياة، فلا نتوقع أن نكون متوافقين فى كل شيء، إدراكنا للاختلاف يجعلنا نتجه الحوار من أجل الوصول إلى أرضية مشتركة، ومن أجل فهم أعمق للنفس وللآخر».
وأستطرد : «هذا الحوار يقود بالضرورة إلى قبول الآخر كإنسان مخلوق، وله الحق فى الحياة والاعتقاد مثلى تماما، وعلىّ أن أقبله كما هو لا كما أريد أن يكون، وعندما نقبل بعضنا بعضا نستطيع حينئذٍ أن نتغلب على النزعة العصبية الموجودة فى المجتمع فيرى الإنسان الآخر معه ولايرى نفسه فقط ويزيل العصابة من على عينيه لكى يرى شركاء الوطن معه بكل وضوح من خلال هذه المراحل الأربعة يمكن أن نصل بالصراع المجتمعى إلى آفاق واسعة من التعاون والتكامل».
وقالت الدكتورة هدى درويش أستاذ ورئيس قسم الأديان المقارنة بمعهد الدراسات الآسيوية بجامعة الزقازيق وعميد المعهد الأسبق الأديان عرفت السلم المجتمعى هو السلام وهو النجاة، والسلم المجتمعى هو السلام الاجتماعى أو الوئام داخل المجتمع، وهو الشعور بالأمن والأمان وإشباع حاجات أفراد المجتمع.
وتابعت «درويش»: «من أبرز الأمثلة التى تحقق فيها هذا السلم هو مجتمع المدينة الذى أقامه رسول الله «صلى الله عليه وسلم»، فكان هذا المجتمع يضم قبائل مختلفة من اليهود، وقد أرسى فيه رسول الله قيم المواطنة، وآخى بين المهاجرين والأنصار، وأرسى قيم التعايش السلمى بين أفراده. وفى هذا المجتمع أيضا نجد حقوق الإخاء قد غلبت على حقوق القرابة، حيث قرر فيه رسول الله «صلي الله عليه وسلم» حقوق غير المسلمين، فجعلهم يتساوون مع المسلمين فى الحقوق والواجبات، ورفع عنهم الظلم، ومنح حق الحماية فى تجارتهم وقضاياهم، فكان هذا العمل نموذجا للمجتمع السلمى فى أية دولة».
وأضافت «درويش» بأن الأديان جميعًا تؤكد على نبذ العنف وتحرم القتل وتُجرّم الإفساد فى الأرض وتحث على الرحمة والتسامح والإخاء والتعاون وعمارة الأرض. والقيم الأخلاقية المنصوص عليها فى الرسالات السماوية تؤكد على ذلك، وهذه القيم هى الأساس والضامن للمجتمع فى منع التطرف والعنف والصراعات والحروب.
بينما قال الأب كميل سمعان أستاذ العهد القديم بكليات اللاهوت بأننا نحتاج إلى التسامح سواء فى بيوتنا أو مدارسنا، وأيضا فى المجتمع، فالأب له أفكاره والابن له أفكار مختلفة، وتدخل فى عالم من الشد والجذب، فالتسامح هو النسيان، أى نسيان الإساءة، ومغفرة الذلات.
وتابع «سمعان»: «التسامح يكون من كل القلب والصفح عن كل الأخطاء، وتوجد علامات للتسامح وهى كالآتي: ترك الماضى – الحب- اطلب فى صلواتى وابتهالاتى الهداية والخير».
وأشار إلى أن للتسامح بركات هى كالآتي: الاستمتاع بالفرح – السلام – راحة الضمير.