أصبحت الأحكام التاريخية الخمسة الصادرة من محكمة القضاء الإدارى بالإسكندرية الدائرة الأولى بالبحيرة برئاسة المستشار الدكتور محمد عبد الوهاب خفاجى نائب رئيس مجلس الدولة بتأييد قرارات الدولة بإزالة حالات التعدى الواقعة من العديد من المواطنين على جسور النيل والترع العامة والرياحات والمصارف العامة والأراضى الزراعية خاصة بمراكز ومدن رشيد والرحمانية وكوم حمادة وشبراخيت وغيرها، نهائية وباتة وواجبة النفاذ بعد صدور خمسة شهادات من جدول المحكمة الإدارية العليا 2021 بعدم حصول طعن عليها.
وأكدت المحكمة برئاسة القاضى الدكتور محمد عبد الوهاب خفاجى نائب رئيس مجلس الدولة أن من حق الدولة اتخاذ الوسائل الكفيلة بتحقيق الأمن المائى وإزالة جميع حالات التعدى على منافع الرى والصرف ولو كانت قديمة مهما طالت فلا تحصين للتعدى من الإزالة أو إضفاء مشروعية عليها , وفى سبيل إحكام الرقابة على التعديات النهرية الاختصاص مشترك بين وزارة الموارد المائية والرى و أجهزة الحكم المحلى لإزالة التعديات على أملاك الري والصرف , وتعرضت المحكمة لإشكاليات التنفيذ بأن قيام الإدارة بتحصيل مقابل الانتفاع نظير التعدى على أملاك الدولة النيلية لا يضفى مشروعية على التعدى , كما أن الأحكام الجنائية بالبراءة من التعدى على جسور النيل لا حجية لها لأن التعدى عليها محظور دستوريا فلا شرعية للتعدى ولا تغل يد الدولة فى إزالتها . وأن التعديات بإحداث الحفر من شأنها تعريض سلامة الجسور للخطر أو التأثير في التيار تأثيراً يضر بهذه الجسور يجب ردعه وعدم التهاون فيه. وقد أعربت مصادر مهتمة بالشأن العام أن هذا القاضى أصدر ما يقرب من مائة حكم بخلاف الأحكام الخمسة المؤيدة من العليا لصالح الدولة يمكن الرجوع إليها لتعاقب تعيين الوزراء من يناير حتى اليوم , بها إحصاء دقيق عن أسماء المعتدين ونوع التعدى ومساحته ومكانه على جسور النيل, للمساهمة فى سرعة تنفيذ تعليمات رئيس الجمهورية بحصر أسماء المعتدين على الأراضى الزراعية والجسور .
قالت المحكمة فى الأحكام الخمسة - التى صارت نهائية - برئاسة القاضى المستشار الدكتور محمد عبد الوهاب خفاجى نائب رئيس مجلس الدولة أن الدستور ألزم الدولة بحماية نهر النيل ، والحفاظ علي حقوق مصر التاريخية المتعلقة به ، وترشيد الاستفادة منه وتعظيمها ، وعدم اهدار مياهه أو تلويثها ، كما تلتزم الدولة بحماية مياهها الجوفية ، واتخاذ الوسائل الكفيلة بتحقيق الأمن المائي ودعم البحث العلمي في هذا المجال . كما أن حق كل مواطن في التمتع بنهر النيل مكفول ، لكن يحظر التعدي علي حرم النيل أو الإضرار بالبيئة النهرية وتكفل الدولة إزالة ما يقع عليه من تعديات .
وأضافت المحكمة أن الأملاك العامة ذات الصلة بالري والصرف هي: (أ) مجرى النيل وجسوره , وتدخل في مجرى النيل جميع الأراضي الواقعة بين الجسور ويستثني من ذلك كل ارض أو منشاة تكون مملوكة ملكية خاصة للدولة أو لغيرها .(ب) الرياحات والترع العامة والمصاريف العامة وجسورها , وتدخل فيها الأراضي والمنشآت الواقعة بين تلك الجسور ما لم تكن مملوكة ملكية خاصة للدولة أو لغيرها .(ج) المنشات الخاصة بموازنة مياه الري والصرف أو وقاية الأراضي أو القرى من طغيان المياه أو من التاَكل وكذلك المنشاَت الصناعية الأخرى المملوكة للدولة ذات الصلة بالري والصرف والمقامة داخل الأملاك العامة .(د) الأراضي التي تنزع ملكيتها لمنفعة العامة لأغراض الري أو الصرف والأراضي المملوكة للدولة والتي تخصص لهذه الاغراض .
وأوضحت المحكمة أن تُحمل بالقيود الآتية لخدمة الأغراض العامة للري والصرف الأراضي المملوكة ملكية خاصة للدولة أو لغيرها من الأشخاص الاعتبارية العامة أو الخاصة أو المملوكة للأفراد والمحصورة بين جسور النيل أو الترع العامة والمصارف العامة وكذلك الأراضي الواقعة خارج جسور النيل لمسافة ثلاثين متراً , وخارج منافع الترع والمصارف لمسافة عشرين متراً, ولا يجوز بغير ترخيص من وزارة الموارد المائية والري إجراء أي عمل بالأراضي المذكورة أو أحداث حفر بها من شأنها تعريض سلامة الجسور للخطر أو التأثير في التيار تأثيراً يضر بهذه الجسور بأراضي أو منشآت أخرى يجب ردعه وعدم التهاون فيه , ولمهندسي وزارة الري دخول تلك الأراضي لتفتيش على ما يجرى بها من أعمال فإذا تبين لهم أن إعمالا أجريت أو شرع في إجرائها مخالفة للأحكام السابقة كان لهم تكليف المخالف بإزالتها في موعد مناسب وإلا جاز لهم وقف العمل وإزالته إداريا على نفقته .
وأشارت المحكمة لنقطة غاية فى الأهمية فى سبيل إحكام الرقابة على التعديات النهرية بأن الاختصاص المقرر لمدير عام الري المختص بموجب حكم المادة 98 من القانون رقم 12 لسنة 1984 بإصدار قانون الري والصرف وتعديلاته ، لا يعنى استبعاد تطبيق حكم المادة 26 من قانون الحكم المحلى رقم 43 لسنة 1979 وتعديلاته ، فهذا اختصاص مشترك بين وزارة الأشغال والموارد المائية و أجهزة الحكم المحلى إن صدر قرار إزالة التعديات على أملاك الري والصرف من أي منها كان صادراً من الجهة المختصة قانوناً .
وانتهت المحكمة إلى أن الثابت من الأوراق أن المدعي ( س.ع.ع.ي) فى الدعوى الأولى قام بعمل سملات خرسانية بساحل النيل بأبعاد 12 متر في 15 متر عند الكيلو 210.500 ك بر أيسر – بناحية ديبي– مركز رشيد ، ومن ثم فقد تعدي بالبناء علي المنافع العامة للري والصرف دون ترخيص ، ويكون قرار مدير عام الادارة العامة لتطوير وحماية نهر النيل لشمال فرع رشيد بدسوق بإزالة التعدي المشار إليه متفقاً وأحكام القانون .
وأن المدعي (ع.ع.إ.ا) فى الدعوى الثانية قام بعمل عشة من البوص والقش بشارب النيل بأبعاد 4 × 4 م عند الكيلو 176,900 بر أيسر بناحية مركز الرحمانية ، بدون ترخيص ومن ثم فإن تلك الأعمال تشكل تعدياً على منافع الرى والصرف ، ويكون قرار مدير عام حماية النيل لشمال فرع رشيد بإزالة هذا التعدى متفقاً وصحيح حكم القانون.
والمدعي (ج.ب.ص.ش)فى الدعوى الثالثة قام ببناء مبني على ملك الري على جسر رشيد بمحافظة البحيرة عبارة عن قواعد وسملات خرسانية وأعمدة بساحل النيل بأبعاد 10م × 15م عند الكيلو 209 بالبر الأيسر برشيد بدون الحصول على ترخيص من الجهة الإدارية المختصة , فيكون قرار مدير عام الإدارة العامة لتطوير وحماية نهر النيل بإزالة هذه الأعمال المخالفة متفقاً مع صحيح حكم القانون .
والمدعي ( م.إ.ع.أ) فى الدعوى الرابعة تعدى بالبناء بالطوب الأبيض والأسمنت على مساحة 35م x 12م على ساحل النيل بناحية شابور مركز كوم حمادة دون ترخيص من الجهة الإدارية المختصة ، فأصدر مدير عام الإدارة العامة لتطوير وحماية نهر النيل لجنوب فرع رشيد بإزالة تلك الأعمال فيكون القرار متفقاً مع صحيح حكم القانون.
والمدعي ( ن.ع.إ.ا) فى الدعوى الخامسة قام بالتعدي على جسر النيل ك 168.700 بر أيسر بناحية كفر عثمان مركز شبراخيت بأن قام بعمل حفر وصب قواعد وسملات خرسانية بالميل الأمامى بأبعاد 9 × 8 متر وذلك بالمخالفة لأحكام قانون الرى والصرف والقرارات المنفذة له، فأخطرته الجهة الإدارية بإعادة الشئ إلي أصله دون جدوى، فأصدر مدير عام حماية النيل لشمال فرع رشيد بدسوق القرار المطعون فيه بإزالة التعدي الواقع من المدعي على جسر النيل فإن هذا القرار يكون قد صدر قائماً على سببه المبرر له في الواقع والقانون .
وردت المحكمة على إدعاءات وحجج وإشكالات المدعين أنه لا يوهن من سلامة ما ذهبت إليه المحكمة ما قرره بعضهم من أن الأعمال الصادر بإزالتها القرار المطعون فيه هى أعمال قديمة ومقامة منذ فترة طويلة ، إذ أن فوات مدة زمنية على إقامة الأعمال التى تشكل تعدياً على منافع الرى والصرف وإن طالت ليس من شأنها تحصين تلك الأعمال من الإزالة وإضفاء ثمة مشروعية عليها .
كما ردت المحكمة أيضاً على إدعاء المدعين أنه لا ينال مما تقدم ما قرره بعضهم من أنه يسدد مقابل الانتفاع لمصلحة الأملاك الأميرية بدمنهور بموجب إيصالات دورية ، إذ أن قيام جهة الإدارة بتحصيل مقابل الانتفاع نظير التعدى على أملاكها ليس من شأنه إضفاء ثمة مشروعية على هذا التعدى ، ولا يحول بين جهة الإدارة وبين إزالة ذلك التعدى .
وردت المحكمة كذلك على إدعاء المدعين بأنه لا ينال من قضائها تقديم بعضهم شهادة تفيد الحكم الجنائى ببراءته فى القضية رقم 2084 لسنة 2014 جنح الرحمانية ، لأن التعدى على حرم النيل محظور دستورياً ولأنه لم يقدم ما يفيد أن هذا الحكم صدر تأسيساً على أن أعمال التعدى على جسور النيل قام بها بموجب ترخيص من وزارة الموارد المائية والرى ، ومن ثم فإن حجيته لا تضفى شرعية على تلك الأعمال ، ولا تحول بين الدولة وبين إزالتها بالطريق الإدارى .
وجدير بالذكر أن محكمة القضاء الإدارى بالإسكندرية الدائرة الأولى بحيرة برئاسة القاضى الدكتور محمد عبد الوهاب خفاجى نائب رئيس مجلس الدولة قد أصدرت ما يقرب من مائة حكم بخلاف الأحكام الخمسة المؤيدة من العليا وصارت نهائية باتة لصالح الدولة بها أسماء المعتدين على جسور النيل التى بلغت ذروتها بعد أحداث 25 يناير 2011 واستمرت بعد ثورة 30 يونيه 2013 بوقت ليس بالقليل وبعضها تم دشده أيام الجماعة الإرهابية والتى حسمها هذا القاضى عامى 2014/2015 و2015/2016 وجميعها محفوظة , بها أدق البيانات عن أسماء المعتدين ووصف دقيق لحالات التعدى بإزالة اَلاف التعديات على جسور النيل بالبحيرة لم تنفذ ! وذكرت مصادر مهتمة بالشأن العام أنه فى أحكام هذا القاضى مائة حكم أو يزيد بيانات كاملة عن تعديات النيل بمساحات التعدى وأماكنها تحديدا على جسور النيل بمختلف مراكز وقرى البحيرة خاصة رشيد والرحمانية وكوم حمادة وشبراخيت وغيرها ، وهى أحكام تسبق الزمن وتحمل بدقة منهج فكر الدولة بشأن حماية جسور النيل , ويمكن للمسئولين والأجهزة المختصة الرجوع إلى مجموع أحكام هذا القاضى لتعاقب تعيين الوزراء من يناير حتى اليوم , لما بها من إحصاء دقيق عن الأسماء ونوع التعدى ومساحته ومكانه على جسور النيل على وجه الدقة, وذلك للمساهمة فى سرعة تنفيذ وتطبيق تعليمات وقرارات رئيس الجمهورية بحصر أسماء المعتدين على الأراضى الزراعية والجسور وإزالة التعديات.