في مثل هذا اليم 27 سبتمبر عام 1825 كان أول استخدام لسكة الحديد كوسيلة نقل عام، وكانت بعد مبادرة الإنجليزى جورج ستيفنسون بإنشاء سكة حديدية لنقل الفحم من منجمه الخاص إلى شيلدون، وبعد ذلك أصبحت تلك الوسيلة بداية ثورة حقيقية فى عالم نقل البضائع والركاب، ولتصبح بعدها القطارات الوسيلة الأكثر انتشاراً واستخداماً فى العالم.
ونجح جورج فى إنشاء خط يمتد 40 كم لنقل الفحم الخام من منجمه فى "ستوكتون" إلى "دارلنجتون" ومنها إلى "شيلدون"، مستخدمة بعض المحركات البخارية الثابتة التى يمكن أن تستخدم فى جر العربات المحملة بالفحم على الخطوط الصاعدة الصعبة، وبعدها قرر ستيفنسون إنتاج هذه المحركات بنفسه، فأصبح شريكاً فى مصانع هندسية للقاطرات فى مدينة "نيوكاسل"، واستخدم خط ستوكتون - دارلنجتون فى أول الأمر فى نقل البضائع فقط، ولكن سرعان ما تبين أنه مفيد لنقل الركاب، فجهزت عربات مناسبة ولكنها ظلت تجر بواسطة الخيل أحياناً، فى حين استخدمت القاطرات لجر عربات البضائع.
أثناء انشغال ستيفنسون بخط حديد ستوكتون – دارلنجتون، فكر بعض رجال الأعمال فى لانكشير فى بناء خط بين مدينة مانشستر وليفربول لنقل المواد الخام اللازمة للصناعات القطنية بين المدينتين وصادراتها من المنسوجات الجاهزة، وعلى الرغم من تحمس رجال الصناعة إلا أن أصحاب الأراضى لم يوافقوا على مد خط السكك الحديدية عبر أراضيهم، فتقدّموا بشكوى إلى البرلمان الذى استضاف مناقشات حامية انتهت بالتصديق على تشييد الخط الحديدي، وعهد بإدارة المشروع إلى ستيفنسون.
وامتد الخط لمسافة خمسين كم من الخطوط المزدوجة، واستغرق تنفيذه أربعة أعوام حتى موعد افتتاحه فى العام 1830، وكان أول خط يستخدم فيه القطار البخارى وأول خط أستخدم لنقل الركاب، والمفارقة التاريخية فى ابتكار السكك الحديدية فهى اختراع عربات الجر قبل قضبان السكك الحديدية بنحو 2500 عام، إذ اخترعها البابليون القدماء، واستخدمت على نطاق واسع فى الحضارتين المصرية والإغريقية، وكان الإغريق أول من حفروا مسارات لعرباتهم بعمق 15 سنتيمتراً تقريباً، كانت تدفع العربة على خطين متوازيين بمسافة متر واحد أو أكثر فيما بينهما بشكل أشبه بقضبان السكك الحديدية، وفى القرن الـ16 استخدمت القضبان لنقل الفحم من المناجم على عربات يدفعها العمال.
وأصبح المحرك البخارى عاملاً أساسياً لتشغيل المصانع فتغيرت الحياة فى بريطانيا إذ تضاعف عدد المصانع، وبدت الحاجة ملحة إلى وسائل نقل أكثر سرعة لتوزيع بضائعها فازدادت أهمية تشييد مزيد من خطوط السكك الحديدية التى أصبحت بعد ذلك بمثابة شرايين الصناعة والنقل الإنجليزية، ومع انتصاف عام 1842 أصبح السفر بالقطارات الوسيلة الأكثر سرعة وأماناً بعد تدشين القطار الملكى الأول الذى استخدمته الملكة فيكتوريا والعائلة المالكة فى السفر.