6 ملايين جنيه حصلت عليها ابنة الأديب الراحل نجيب محفوظ "أم كلثوم" مقابل التنازل عن إتاحة روايات ومقالات والدها إلكترونيا مجانًا عبر موقع وتطبيق "هنداوي" مدى الحياة. الاتفاق بين "هنداوي" و"ابنة محفوظ" ليس حصريًا، بحيث تترك لها المؤسسة حرية التعاقد مع أي جهة أخرى لنشر الأعمال ورقيًا وصوتيا وإلكترونيًا.
تصدر اسم مؤسسة هنداوي مواقع التواصل الاجتماعي ، مع انتشار خبر تعاقدها مع ابنة محفوظ رغم تواجدها في الوسط الثقافي من 2013، ولا يعتبر "محفوظ" هو الكاتب الأول الذي تستحوذ “المؤسسة” على مؤلفاته إذ سبق وحصلت على مؤلفات " السعداوي" مقابل نصف مليون جنيه، إلى جانب الأعمال الكاملة لطه حسين وزكي نجيب محمود وعبد الغفار مكاوي وأخرين أضفت "هنداوي" المشروعية على إتاحتهم مجانًا للقراء في ظل انتشار عشرات مواقع القرصنة الإلكترونية.
عبر موقع وتطبيق هنداوي هناك ما يزيد على 2000 كتاب في تخصصات مختلفة، إضافة إلى بعض الكتب المترجمة التي نقلت للعربية خصيصًا لإتاحتها للقراء من خلالهم، ولم تصدر لها ترجمة عربية من قبل. كل هذه الأمور دفعت البعض للتساؤل عن مؤسسة هنداوي ومصادر تمويلها.. وكيف تجني أرباحها؟
وفي إجابة على سؤال المدون السعودي "سفر عياد" والذي نشره عبر تويتر في أغسطس 2020 متسائلا عن الشخصية التي تقوم بتمويل مؤسسة هنداوي وماهي مصادر هذا التمويل؟
رد الدكتور البريطاني من أصل مصري أحمد هنداوي عليه قائلا:" أنه وزوجته الدكتورة "نجوى عبد المطلب" المؤسسين والداعمين لهذه المؤسسة الخيرية إضافة إلى تأسيسهم شركة هنداوي للنشر العلمي وشركة نجوى للتعليم.
ويضيف هنداوي في تغريدة آخرى "المؤسسة هي مؤسسة خيرية غير ربحية مسجلة بالمملكة المتحدة وليست دار نشر ربحية" . "هنداوي" لم ينفى في الوقت ذاته تأسيسه دار نشر ربحية تحت اسم "كلمات" في عام 2007، وتحولت إلى مؤسسة هنداوي للتعليم والثقافة في عام 2013.
من هو أحمد هنداوي؟
أحمد عبد المعطي أحمد هنداوي بريطاني من أصل مصري مواليد 1966، حصل على الدكتوراة في مجال الفيزياء من جامعة بنسلفانيا بالولايات المتحدة الأمريكية في التسعينيات. وبعد فترة من العمل في مجال التدريس قرر أن يتحول إلى ناشر علمي وهو الحلم الذي كان يراوده منذ أن كان طالبًا للدكتوراة في الجامعة. انتبه "هنداوي" إلى الأموال المهولة في مجال البحث العلمي فيقول في حوار صحفي أجراه معه الصحفي "ريتشارد بويندر" عام 2012،:"لاحظت ارتفاع أسعار الاشتراك في المجلات الأكاديمية المتاحة في ذلك الوقت، كان الاشتراك السنوي في مجلة فيزياء نووية، وهي مجلة مرتبطة بمجال دراستي، يكلف 18000 دولار.
لكن هنداوي قرر أن يذهب بحلمه أن يكون ناشرًا علميًا بعيدًا وحاول الاستفادة من الإنترنت، الذي كان قد بدأ لتوه في ذلك الوقت، واستغلاله في صناعة النشر الأكاديمي الذي ينتج ما يقرب من مليوني مقال بعائدات تصل إلى 8 مليارات دولار سنويًا.في عام 1997، قرر هنداوي وزوجته أن يتخذا أولى خطواتهما في مجال النشر الأكاديمي، وتأسيس شركة هنداوي للبحث العلمي وفي عام 1999 أصدر المجلة الدولية للرياضيات والعلوم الرياضية . في عام 2001، اقترح خطة لشراء مجلة أبحاث الرياضيات الدولية من جامعة ديوك، وافقت عليها الجامعة بعد ذلك، ليقرر أن ينطلق في تجربة " الوصول الحر- المفتوح" للأبحاث العلمية.. فيقول هنداوي لـ"بويندر" : "كانت هذه أهم عملية استحواذ على المجلات قمنا بها في تلك الفترة، وكانت السبب وراء تضاعف عائداتنا السنوية".
بدأ بعدها "هنداوي" تجربة الوصول/ الحر المفتوح للأبحاث، أي إتاحة البحث مجانًا للطلبة والدراسين عبر الإنترنت، بدعوة الباحثين لدفع رسوم النشر وهي خطوة لقت قبولاً من قبل الباحثين والأكاديميين ليس فقط في بريطانيا والولايات المتحدة ولكن في الصين أيضًا.
ازداد عدد المجلات التي تصدرها مؤسسة هنداوي سريعًا من 200 لـ400 مجلة علمية وتقنية وطبية. هذا النمو السريع في عالم النشر الأكاديمي، وفضلاً عن مجانية الأبحاث، آثار شكوكًا حول دقة ومهنية الأبحاث.
شكوك دولية في "هنداوي"
في عام 2010 وجه الباحث المتخصص في علم المكتبات"جيفري بيل، "صدمة" لمجلات فرعية بمؤسسة هنداوي للبحث العلمي، بإداراجهم في قائمة "بيل" للمجلات العلمية الوهمية أو" الناشرين المفترسين".
ويعرف بيل الناشر المفترس بأنهم :"المجلات العلمية الوهمية" التي تستغل حاجة الباحثين للنشر ، فإنشات مواقع إلكترونية بمقابل مادي، وفي العادة يكون المقر الرئيسي للموقع في أحد الدول الكبرى كأمريكا و بريطانيا و كندا". "جيفري" قال إن هذه المؤسسات تنشر دون مراعاة أبحاثها دون مراعاة لقواعد للبحث العلمي الصارمة، وحدد عدد الدوريات العلمية غير المضبطة بـ10 آلاف دورية، صادرة عن 700 دار نشر وضعهم في قائمة عرفت باسم "قائمة بيل"...
"هنداوي" أبدت تفهمًا وانفتاحا لقائمة "بيل" وأعلنت مراجعتها لكافة الأبحاث التي أصدرتها في المجلات المختلفة والتي قدرها عددها 180 ألف ورقة بحثية، وفي عام 2014، أعلنت " المؤسسة" في بيان رسمي أن هناك ما يزيد عن 30 بحث خضعوا لتقييمات بحثية مزيفة وغير حقيقية، كما أعلنت تشكيل لجنة لمراجعة كافة الأبحاث التي يتم تقديمها. وفي عام 2016 تعاونت "هنداوي" مع شركة "ويلي" الرائدة المتخصصة في مجال النشر الأكاديمي والمواد التعليمية لإتاحة بعض مجلاتها إلكترونيًا مجانًا.
وفي يناير عام 2021 أعلنت شركة "جون ويلي" الأمريكيةعن صفقة استحواذ على مؤسسة "هنداوي" البحثية بمبلغ 298 مليون دولار. شركة "جون ويلي" قالت في بيانها الصحفي – إن الاستحواذ يدعم الباحثين لديها خاصة لامتلاك "هنداوي" علاقات واسعة في الصين، وهي الدولة التي يزداد نشاطها في البحث العلمي مؤخرًا وتعتبر رائدة في عدة تخصصات.
ومؤخرًا استقال هنداوي من منصبه كمدير للمؤسسة من أجل التفرغ لعدة مشروعات وتطبيقات تعليمية للطلاب من المراحل الابتدائية وحتى المرحلة الثانوية وعلى رأسها مشروع "نجوى".