الثلاثاء 05 نوفمبر 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم

آراء حرة

صناعة المعارض العقارية وشركات التسويق

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news

على مدار سنوات طويلة، ظلت المعارض العقارية، الآلية الأقوى والأكثر تأثيرًا من بين أدوات التسويق العقاري، وظل توقيت انعقاد أي معرض من تلك المعارض سواء على الصعيد المحلي أو العالمي حدث كبير ينتظره كافة المتابعين للسوق العقاري سواء على صعيد المطورين أو العملاء، فلم يكن انعقاد تلك المعارض حدث هام فقط لأطراف المعادلة العقارية، بل للعديد من المهن والحرف المرتبطة بتنظيم تلك المعارض، حيث إنها كانت ومازالت صاحبة تأثير اقتصادي قوي في السوق العقاري، ويشهد انعقادها حالة رواج كبيرة داخل الدولة، حتى إن معظم تلك المعارض - يتم الترويج لها على مدار فترات طويلة قبل حدوثها، حتى إن معظم تلك المعارض اكتسب سمعة ترويجية عقاريا محليا وعالميا، وانعكس ذلك على أداء كافة المطورين العقاريين، حيث إن جميعهم يستعد لتلك المعارض منذ فترة كبيرة تسبق انعقاد المعرض، ويحاول كل مطور أن يقدم أفضل عروض بيعية لديه لاجتذاب أكبر قدر ممكن من العملاء، وهو ما لا شك ينعكس في خلق حالة من المنافسة القوية داخل السوق العقاري، بل ويدفع نحو إحداث حالة رواج قوية للقطاع العقاري والسوق بكافة قطاعاته الاقتصادية، واستمرت إليه المعارض تحقق ذلك النجاح وامتد حتى الآن، إلا أن التحريف دائما ما يفقد للشيء قيمته وتأثيره ويقلل من تنافسيته، وهو ما حدث بالفعل من شركات التسويق العقاري داخل السوق المصري، حيث بدأ العديد منها في التفكير في إقامة المعارض العقارية لكل شركة تسويق على حدة، وبدأت سياسة التقليد والتكرار، وخلال فترة زمنية قصيرة تعددت المعارض العقارية وانتشرت - حتى إنه أصبح هناك معرض كل يوم، وتعددت المعارض العقارية لشركات التسويق العقاري، حتى إنها فقدت قيمتها وتأثيرها كأحد أهم وأقوى الآليات التسويقية للقطاع العقاري، والدليل على ذلك أن العديد من المعارض العقارية التي نظمتها شركات التسويق العقاري لم تحقق سوى مبيعات قليلة للغاية، بل لا نكن مبالغين إن قُلنا إنها لم تحقق أية مبيعات على الإطلاق، وهو ما انعكس بالتبيعة بالسلب على المعارض العقارية الكبرى والتي ارتبطت في أذهان كل المتعاملين داخل السوق العقاري، وفقدت المعارض العقارية الكبرى هيبتها، وتأثر السوق العقاري المصري بالسلب نتيجة ذلك.

لم يكن أحد من أصحاب شركات التسويق العقاري يعلم أنه ما يفعله بإقدامه على إقامة تلك المعارض يضر أكثر مما ينفع، بل يدفع نحو إحداث حالة من التشبع للعميل ويجعله مع مرور الوقت يفقد الشغف في حضور المعارض الأخرى التي تقام، إلا أن ما يجب على أصحاب تلك الشركات من شركات التسويق العقاري أن المعارض العقارية هي صناعة وليست مجرد حدث يقام للعرض والدعاية للمشروعات العقارية، وإن استمرت شركات التسويق العقاري في انتهاج تلك السياسة فإنها تكتب شهادة وفاة لتلك الآلية المهمة للتسويق العقاري في مصر ومنطقة الشرق الأوسط.

ولابد أن تتدخل الدولة بوضع الضوابط اللازمة لحفظ تلك الصناعة وضمان استمراريتها، وتقديم الدعم الكامل للنهوض بها من خلال هيئة وطنية للتنظيم تتولى ذلك الأمر، حيث تعد آلية المعارض العقارية أداة ذات فعالية محورية وأداة لاستعراض أهم البيانات والإحصائيات المرتبطة بالسوق العقارية المصرية، كما تضع المعارض رؤى حيوية حول الاتجاهات والفرص الناشئة فى السوق المصرية، التى تؤثر في قرارات الأعمال التى يتخذها صناع السوق.

ويعتبر القطاع العقارى من أكبر القطاعات المساهمة فى نمو الاقتصاد القومى، حيث وصلت نسبة مساهمته فى إجمالى الناتج المحلى إلى نحو 17% فى العام الماضى، كما استحوذ القطاع على نحو 14.4% من إجمالى الاستثمارات المنفذة بقطاعات الدولة، فضلًا عن بلوغ عدد العاملين فى القطاع نحو 10 ملايين عامل سواء عمالة مباشرة أو غير مباشرة، وفقًا لآخر إحصائيات الجهاز المركزى للتعبئة العامة والإحصاء.

وارتفعت نسبة مساهمة القطاع العقارى إلى إجمالى الناتج المحلى نتيجة توسع الدولة فى المشروعات العقارية فى المدن الجديدة «العاصمة الإدارية، والمستقبل، ودمياط، والمنصورة، والعلمين»، حيث تستهدف الحكومة تعزيز الشراكة مع القطاع الخاص لدفع قطاع العقارات إلى الأمام وزيادة المساحة العمرانية من 6% إلى 13%، وتعزيز مساهمة القطاع الخاص فى إنشاء الوحدات السكنية وتصدير العقار من خلال المشاركة فى المعارض العقارية الدولية، لدعم صناعة العقارات ومساهمتها فى نمو الناتج المحلى الإجمالى، وفى ظل وجود أكثر من مليون حالة زواج سنويًا فى مصر، الأمر الذى ينعكس على زيادة الطلب الحقيقى على وحدات الإسكان بشكل كبير، إلا أن حجم الطلب على العقار فى مصر انخفض بنسبة 23% بنهاية فبراير 2019 مقارنة بنفس الفترة من العام السابق، وقد يعود هذا الانخفاض إلى نقص المعروض الموجه للشريحة الداخلية أقل من المتوسطة، نتيجة تركيز أغلب المطورين على مخاطبة أصحاب الشرائح الداخلية المتوسطة والمرتفعة، وبتحليل قوى العرض والطلب فى سوق العقارات نجد أن هناك عدة تحديات أهمها؛ أن القطاع الرسمى يلبى احتياجات لا تزيد على 10% من المطلوب، فى حين أن البناء غير المخطط وغير القانونى يلبى 50% من هذه الاحتياجات، بالإضافة إلى مشكلة التمويل نتيجة ارتفاع تكلفة الاقتراض في كثير من الأحيان، والتى تعد الوسيلة الأساسية فى تمويل الطلب على العقار عالميًا، حيث بلغت نسبة الفائدة فى مصر 16.75% على الإقراض، وهو ما دفع شركات التطوير العقارى للاعتماد على التمويل الذاتى من خلال منح العميل فترات سداد طويلة، الأمر الذى أثر بالسلب على دورة رأس المال فى القطاع، ومن ثم على أرباح الشركات التى بدأت فى التراجع الطفيف.