أصبح العالم الآن في صراع غير اعتيادي نتيجة ما أفرزته لنا تداعيات التكنولوجيا الحديثة والأساليب الأكثر تطورًا، حيث باتت الدول في سباق محموم نحو اللحاق بركب هذا التطور وخاصة فيما يتعلق بمجال الذكاء الإصطناعي Artificial Intelligence.
ومن المعلوم بأن فكرة الذكاء الاصطناعي قديمًا كانت حبيسة الأفكار الخاصة بروايات الخيال العلمي، فكان يتم تجسيد الذكاء الاصطناعي فى كثير من الأحيان على أنه عدو الانسانية الأوحد والذي يود سلب الحضارة الإنسانية بل إبادتها، وغيرها من الأفكار المغايرة الأخرى التى كانت تعدد الفوائد للحضارة الإنسانية وتصوير قدرتها على تحقيق الرفاهية التى طالما سعى بنى البشر فى الوصول إليها.
إلا أنه وفى عام 2018 خرج علم الذكاء الإصطناعي من طيات هذه الروايات ليصبح حقيقة وأمرًا واقعًا منتزعًا عباءة الخيال العلمي ليصبح أمر تطبيقه ضمن العلوم التطبيقية محقق وبشكل كبير على أرض الواقع، بل أصبح ركيزة أساسية ومكون رئيس من مكونات جميع القطاعات سواء الصناعية منها أو الإنتاجية وأيضًا الخدمية، فقد أصبح هذا العلم الأن جزءًا لا يتجزأ من حياة بنى البشر اليومية وشريك أساسي فى تحقيق رفاهيته.
ومن المعلوم بأن علم الاقتصاد يقع ضمن مجموعة العلوم الإنسانية ذات الصلة الوثيقة بالسلوك الإنساني والذي يتمتع هذا السلوك دومًا باستمرارية التغير والتطور تبعًا إلى تطور الأوضاع الاجتماعية والاقتصادية وباختلاف الأنظمة الاقتصادية المتبعة من فترة إلى أخرى ومن دولة لأخرى، فالشغل الشاغل لهذا العلم هو كيفية الوصول إلى استغلال الموارد الاقتصادية بالشكل الأمثل فى ظل ندرتها ومحدوديتها، من أجل تلبية أكبر قدر من الحاجات الإنسانية وتحقيق أقصى إشباع من ذلك.
والباحث فى علوم الاقتصاد يجد أنه ومن خلال فحص أهداف هذا العلم لخدمة البشرية من تحقيق للنمو الاقتصادي والتوزيع العادل للدخول بين الأفراد وتحقيق التوازن والأمن الاقتصادي وكذلك التحديد الدقيق لاحتياجات الأفراد من السلع والخدمات من أجل إشباعها، يجد أنه ومن خلال تطبيقات علم الذكاء الإصطناعي القدرة على معالجة تلك البيانات بشكل دقيق جدًا مع توافر عامل السرعة الفائقة لتلك المعالجات والتى لن نجدها فى الطرق الاعتيادية فى البحث والإحصاء، واستخلاص النتائج، والتى اعتادها باحثو وعلماء الاقتصاد حول العالم، فمن خلال حوسبة تلك البيانات بتلك التقنية لن يأخذ الأمر إلا ثوان معدودة.
وفي حقيقة الأمر فقد وصل قطار البشرية وتطوره إلى حقبة جديدة وفريدة تحت شعار الثورات الصناعية، فبهذا العلم أصبح أمام البشرية جميعًا فرصة كبيرة لإعادة تشكيل الطرق التقليدية التى تدار بها حل المشكلات الانسانية واحتياجاته عن طريق علم الاقتصاد التقليدي، فمع تسخير القدرات الرقمية والتحولات التكنولوجية سوف يصبح أمر حل المشكلات الاقتصادية يسيرًا مقارنة بالماضي.