الثلاثاء 24 ديسمبر 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم

البوابة لايت

الشاطرة تغزل بصوف الخروف.. أقدم صانعة طواقى بالفيوم

أقدم صانعة طواقى
أقدم صانعة طواقى بالفيوم
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news

كل قرية من قرى الفيوم هى صفحة من صفحات تاريخ الريف المصري الأصيل، وكل قرية وراءها حكايات وأسرار وتاريخ لحرف أو عادات وشخصيات رائدة من زمن فات، حكاية هاتاخدك في رحلة بين عصور مختلفة من عراقة الريف الفيومي الأصيل الممزوج بالعصر الحديث، بعض القري اشتهرت بالحرف زمان مثل قرية السنباط في هذه القرية ريفيات اختصرن جمال الريف، وعنفوان الحياه ومشقتها، وتستمر مسيرة الزمن في قرية السنباط، وتدور عجلة التاريخ وتحفظ الأصالة والحفاظ على حرفة صناعة وغزل الطواقي، التي تعد تراثًا ريفيًا وعربيًا منذ قديم الأزل.

وهناك المكان عابق بالذكريات وقصص الماضي ورائحة صوف الأغنام ووبر الجمال، وسمار الريف في هذه القرية، والتي تسمي بالسنباط فهي على بعد ٤ كيلومترات من مدينة الفيوم، واللواتي تغزلن الصوف لصنع طاقية، فسلام للجدات اللواتي ينسجن السعادة، كملء السنابل بالخير يغزلن الخيوط وينسجن الطاقية بأنامل تداعب المغزل، وتحاكي الماضي شامخات لا يعرفن الكلام، سوى مغازلة الخيط بكلمات من التراث الفيومي الريفي القديم"يا أبو الطاقية الشبيكة مين عملهالك.. عملوها البنات وبالحرير شغلوهالك"، هكذا تتغني أقدم صانعة طواقي وهي تغزل جميع أنواع الطواقي.

صانعة الطواقي، منى السيد عبد النبي الهنداوي ( ٦٢ عامًا)، تمارس حرفة صناعة الطواقي منذ صغرها، لتصبح اليوم مصدر دخلها لأبنائها الأربعة، مؤكدة لـ"البوابة": أنني منذ الأمد القديم الأشهر والوحيدة في صناعة الطواقي، وأصبحت علامة فارقة، "فهي الأجود"، حسب وصفها.

بيضاء جميلة وأخرى بلون وبر الجمال تكسب الرأس جمالا بحياكتها والزخرفة التي تكونها، حاكتها الأيدي الناعمة لتتعلي رءوس الرجال فتكون تاجا على طريقة من صنعوها، وسكبوا فيها مهارتهم الفنية الفطرية، الطاقية أو الكوفية كما يحب أهل الفيوم الذين يصنعونها حلة رجالية تعلمتها هذه السيدة قبل ٤٠ عاما بمواد بسيطة لا تتجاوز الإبرة، وبكرة الخيط من النول المخلص من وبر الأغنام والجمال، ولها مسميات أخرى لدى هذه السيدة بقرية السنباط، إلا أن إنجازها يتطلب وقتا طويلا يمتد إلى أيام من العمل المتواصل.

الحاجة منى هي واحة من سكان هذه القرية الذين يحترفون صناعة غزل الطاقية، فهذه القرية محراب هذه الحرفة التي جعلت من هذه القرية رائدة السجاد اليدوي وأيضا غزل الطواقي في الفيوم، والتي يسكنها نحو ٣٠ ألف نسمة، وتتسم بالبساطة، ففي شارعها التي تقطن فيه إذا ما تجولت في الأزقة الضيقة، ستجد فتيات وسيدات أمام منازلهن أو داخلهن وهن يغزلن بأصابع أيديهن من الخيوط طواقي رائعة الجمال.

"بشتغل فيها أنا وبناتي وزوجات أبنائي وأحفادي وستات حارتي علمتهم، وأنا الوحيدة في محافظة الفيوم اللي بغزل الطواقي هكذا بدأت حديثها عن رحلتها حول مهنتها أيقونة غزل الطواقي بقرية السنباط لـ"البوابة"، مضيفة: "أخدت الحرفة وتعلمتها عن جدتي وأمي إللي كانوا بيغزلوها من ٧٠ سنة ومختصين بيها وكل طواقي العمد وشيخ العرب والفلاحين والمعلمين والمخبرين غزل أيديا.

وتابعت: أنا أرملة وزوجت أولادي الأربعة من هذه المهنة، وفاتحة باب رزق لجيراني بتوزيعي عليهم الشغل والطلبيات، وأجلس بملف الشرطة، بجوار مديرية أمن الفيوم، وعلي أسي الطاقية وغزل الطواقي، وأتغني أجمل الأغاني من التراث الفيومي القديم عن لبس الطواقي ويجلسون بجواري ويلتقطون بعض الصور معي الأجانب وأبناء المحافظة، والسائحون يشترون مني الطاقية كنوع من تراث الفيوم، ويتساءلون عن مكاني وأبيع للعمد وشيوخ العرب والفلاحين والمعلمين والمخبرين".

وعن أنواع الطواقي وضحت الحاجة مني "هناك طاقية تصنع من الصوف الأفرنجي، وفيه الصوف البلدي، وطاقية القرص السداسية الزوايا، وزبايني شيخ العرب والعمدة والفلاح ومعلم السوق والمخبر والغفير، وأكثر الطلب على الطواقي البلدي هي طاقية معلم السوق، وغزل الطاقية الشاطرة تغزل بصوف الخروف" وفيه إللي تغزلها في يوم وفي الأسبوع تصنع ٥ طواقي؟

أما عن أسعارها فهناك الغالي والرخيص، وحسب مقاس رءوس الرجال، فأقل سعر للطاقية ١٥ جنيها وأغلاها ٥٠ جنيها، فطاقية العمدة وشيخ العرب مختلفة فهي عبارة عن فتلة واحدة وناعمة وطويلة، والعمدة وشيخ العرب طاقيته مميزة وغالية ومختلفة عن طاقية الفلاح، ولا يمكن لبس طاقية الفلاح"، والإقبال عليها لتميز الفيوم بالعائلات القبلية المعروفين بمشايخ العرب والعمد وأيضا الفلاحين". فمراحل التصنيع والأدوات المستخدمة ونوع الصوف التي تتحاكي بها أصابع يدها لتنسج أجمل تاجا لرأس الرجال بسيطة وتقليدية، حيث كشفت العجوز، قائلة: "بشتغل بوبر الأغنام بعد جزها وتنظيف وبرها وأيضا وبر الجمال، قديما كان هناك قرداش مثل نول البادية في صحراء سيناء والخليج، لتجهيزه.

وقالت: ونقوم بتسسيح الصوف وزرده على آلة أشبه بالمسمار وكرها عليه وتمهيده لفتلة، ثم نغزل الطاقية، فسعر طاقية وبر الجمال غالية بـ٥٠ جنيها، وصوف الغنم منه الأبيض والأحمر وسعرها متوسط، وهناك خيط مصنع ألوان، والقالب النحاس المدور ورثته عن أمي وجدتي لتسخينه وكي الطاقية ووضع الطاقية به لتثبيتها وعدم انكماشها.

الطاقية تراث فيومي عريق ولم يمتهن هذه الحرفة التي انقرضت عن قبل ١٠ سنوات ماضية غيري في المحافظة، لعزوف الأجيال الحالية عن لبس الطاقية البلدي كعادة آبائهم وأجدادهم، مازحة "الشباب دلوقتي مابتلبسشي طواقي زي رجالة زمان، منهم إللي حالق لانس واللي عامل عرف ديك، والكوفيات الجاهزة بقت الموضة والطلب على الطواقي قليل، بعكس زمان مكنتش بلاحق على غزل الطواقي".