ينفتح الشعر على التجربة الإنسانية اللانهائية، متحركًا في فضاء الخيال والدهشة، محاولا إعادة بناء الوجود عبر أصواته الحميمية القريبة من روح المتلقي، ويُعد الشعر هو الوسيلة الأكثر فاعلية في التعبير عن الأحلام والانفعالات والهواجس التي تجوب الوعي الإنساني واللاوعي أيضًا، وتتنوع روافد القصيدة من حيث الموضوع والشكل ليستمر العطاء الفني متجددا ودائما كما النهر..
تنشر "البوابة نيوز" عددا من القصائد الشعرية لمجموعة من الشعراء يوميا.
واليوم ننشر قصيدة بعنوان "شال حرير" للشاعر الفلسطيني الراحل محمود درويش.
شال على غصن شجرة.
مرَّت فتاةٌ من هنا،
أو مرّت ريح بدلاً منها،
وعلَّقت شالها على الشجرة.
ليس هذا خبراً.
بل هو مطلع
قصيدة لشاعر متمهِّل أَعفاه الحُبُّ من الأَلم،
فصار ينظر إليه – عن بعد – كمشهد
طبيعةٍ جميل.
وضع نفسه في المشهد:
الصفصافة عالية،
والشال من حرير.
وهذا يعني أن الفتاة كانت تلتقي فتاها في
الصيف،
ويجلسان على عشب ناشف.
وهذا يعني أيضاً أنهما كانا يستدرجان العصافير
إلى عرس سري،
فالأفق الواسع أمامهما،
على هذه التلة،
يغري بالطيران،
ربما قال لها: أَحنُّ إليك،
وأَنتِ معي،
كما لو كنتِ بعيدة.
وربما قالت له: أَحضنكَ،
وأَنت بعيد،
كما لو كنتَ نهديَّ.
وربما قال لها: نظرتك إليَّ تذوِّبني،
فأصير موسيقى.
وربما قالت له: ويدك على ركبتي تجعل الوقت يَعرَق،
فافْرُكْني لأذوب...
واسترسل الشاعر في تفسير شال الحرير،
دون أن ينتبه إلى أن الشال كان غيمة
تعبر، مصادفة، بين أغصان الشجر عند
الغروب.