* ولأن كتاب الله كتاب ألفاظ ومعاني قبل أن يكون كتاب نحو وقواعد، فعليه لابد أن نعرف دلالات الألفاظ بدقة ونفرق كل دلالة عن بعضها، حيث لا يوجد لفظان فى المصحف لهما نفس الدلالة فالكتاب دقيق ومعجز ومحدد الدلالة لكل لفظ عن غيره من الألفاظ، فالكتاب لا تعرف لغته الترادف الشعري الذي يظنه العرب جمالا للغة.
وجذور اللفظ الاشتقاقية للفظ مهمة للغاية وتوصلنا إلى المعنى، فالانفجار مثلا مشتق من لفظة (الفجر).
* والاشتقاق من الشق وهو أخذ الشيء من الشيء أو أخذ شقه أي نصفه،.. الاشتقاق اصطلاحا هو اقتطاع فرع من أصل يدور في تصاريفه حروف ذلك الأصل مع التناسب في المعنى ومغايرته في الصيغة.
* ويعتبر (الاشتقاق) من علوم اللغة العربية مع الإعمال العقلي والاشتقاق أساس علم (فقه اللغة)، وقد وضع أساسه العلامة الكبير الخليل بن أحمد الفراهيدي (100 - 170) هجرية وهو العلامة العمانى الذى عاش بالبصرة وشكل نسخة المصحف التى بين أيدينا.
والاشتقاق هو أخذ لفظ من لفظ وتوليد الألفاظ بعضها من بعض ولا يكون الاشتقاق إلا بين الألفاظ التى لها أصل واحد ترجع إليه وتتولد منه مثل (فجر وانفجر).
وعليه إذا أردنا الوصول إلى دلالة لفظ فى المصحف فعلينا أن نستعين بمدرسة الاشتقاق للفراهيدى الخليل بن أحمد وعلينا أن نقلب ونجرب جذور اللفظ مع السياق حتى يقبل.
* أولا: نحدد جذور اللفظ (الاشتقاقية) ونحدد عدد جذور ذلك اللفظ اثنين أو ثلاثة.
* ثانيا: نجرب كل الجذور مع السياق الذى نحن بصدده حتى يقبل السياق ويستقيم النظم ويستقيم المعنى، ويقبله العقل.
* وعموما السياق والنظم سيرفض وسيقبل فى كل مرة، سيرفض جذرا وسيقبل جذرا آخر، وما رفضه هذه المرة سيقبله فى المرة الثانية وهكذا..
* نستبعد الجذور التى رفضها السياق تماما فى هذه المرة التى نحن بصددها.
* فمثلا لفظة "بنين" لها جذران:
(بنو) و(بنن)
*الأول (بنو) نسبة للأبناء. *والثانى (بنن) نسبة للأبنية.
وعليه فيكون اللفظ إما معبرا عن🌳أولادككأوو 🌹بناياتك (عماراتك أو فيلاتك أوقصورك).
* اعرض المعنيين أو الجذرين على سياق الآية التي أنت بصدد فهم معناها حتى يقبل السياق ويستقيم النظم استبعد المعنى المرفوض أو الجدر المرفوض.
*قال تعالى (ثُمَّ رَدَدْنَا لَكُمُ الْكَرَّةَ عَلَيْهِمْ وَأَمْدَدْنَاكُم بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَجَعَلْنَاكُمْ أَكْثَرَ نَفِيرًا) (6) الإسراء.
* وربى لا يجمع الأموال مع البشر، لأن هذا خطأ رياضيات وربى أكبر من أكبر عالم رياضيات وعليه لا يجوز أن تدل كلمة بنين هنا على الأبناء نهائيا لا يجمع المختلف.
*وقال تعالى (وَقَدْ أُخْرِجْنَا مِن دِيَارِنَا وَأَبْنَائِنَا ۖ فَلَمَّا كُتِبَ عَلَيْهِمُ الْقِتَالُ تَوَلَّوْا إِلَّا قَلِيلًا مِّنْهُمْ ۗ وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِالظَّالِمِينَ) (246) البقرة.
*وهنا السياق سيرفض تماما الجذر (بنو) نسبة للأبناء لأننا لا يمكن أن نخرج من أبنائنا طبعا إلا إذا كانت تشير إلى الجذر (بنن) من بنايات وهنا سيقبل السياق ذلك طبعا ويكون المعنى أننا نخرج من ديارنا اى ( بلادنا) ومن أبنائنا أى (بيوتنا).
*وقال تعالى (وَإِذْ نَجَّيْنَاكُم مِّنْ آلِ فِرْعَوْنَ يَسُومُونَكُمْ سُوءَ الْعَذَابِ يُذَبِّحُونَ أَبْنَاءَكُمْ وَيَسْتَحْيُونَ نِسَاءَكُمْ ۚ وَفِي ذَٰلِكُم بَلَاءٌ مِّن رَّبِّكُمْ عَظِيمٌ) (49) البقرة
*وهنا واضح أن السياق سيرفض الجذر بنن نسبة للبنايات وسيقبل الجذر بنو نسبة للأبناء وهكذا..
*بقى أن نشير إلى أن السياق هو صاحب السلطة الحصرية فى تحديد المعنى فى النهاية وليس غيره.
*بقى أن نؤكد أن السياق فى كل مرة يغير معنى اللفظ ويضفى عليه دلالة جديدة مختلفة.
*بقى أن نؤكد أننا نرفض المعنى المعجمي لأنه مضلل وننحاز دائما للمعنى السياقى وليس المعجمى.
* مثال آخر لفظة (نساء) فى عربية المصحف
* أولا نحدد جذور اللفظ وسنجد جذرين نساء جمع امرأة من (نسوة) ونساء جمع نسئ وهو المتأخر أى الأصغر سنا فى البشر والأحدث فى الأشياء.
* ثانيا علينا أن نجرب الجذرين أو المعنيين مع السياق الذى نحن بصدده لنرى أي منهم سيرفضه السياق العام وأيهما سيقبله السياق العام للآية، وعلينا أن ندرك أن السياق فى كل مرة سيختار أحدهما.
*قال تعالى (زُيِّنَ لِلنَّاسِ حُبُّ الشَّهَوَاتِ مِنَ النِّسَاءِ وَالْبَنِينَ وَالْقَنَاطِيرِ الْمُقَنطَرَةِ مِنَ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ وَالْخَيْلِ الْمُسَوَّمَةِ وَالْأَنْعَامِ وَالْحَرْثِ ۗ ذَٰلِكَ مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا ۖ وَاللَّهُ عِندَهُ حُسْنُ الْمَآبِ (14) آل عمران.
*وقال تعالى (وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْمَحِيضِ ۖ قُلْ هُوَ أَذًى فَاعْتَزِلُوا النِّسَاءَ فِي الْمَحِيضِ ۖ وَلَا تَقْرَبُوهُنَّ حَتَّىٰ يَطْهُرْنَ ۖ فَإِذَا تَطَهَّرْنَ فَأْتُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ أَمَرَكُمُ اللَّهُ ۚ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ) (222) البقرة.
*واضح أن السياق فى الأولى نساء بمعنى نسئ أى الأشياء الأحدث التى يحبها وينحاز لها كل الناس.
*أما السياق الثاني فينحاز طبعا لنساء جمع امرأة حيث يتكلم عن المحيض.
*مثال ثالث: لفظة (رجال) فى عربية القرآن ولها معنيان أو مدلولان، الأول (ذكور وإناث يترجلون) والمعنى الثانى المشهور (جمع ذكور بالغين فقط) وعلينا أن نقلب فى كل مرة مع السياق الذى نحن بصدده.
*قال تعالى (وَأَذِّن فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ يَأْتُوكَ رِجَالًا وَعَلَىٰ كُلِّ ضَامِرٍ يَأْتِينَ مِن كُلِّ فَجٍّ عَمِيقٍ) (27) الحج.
*وقال تعالى (فَإِنْ خِفْتُمْ فَرِجَالًا أَوْ رُكْبَانًا) ﴿٢٣٩ البقرة﴾
*قال تعال. (وَعَلَى الْأَعْرَافِ رِجَالٌ يَعْرِفُونَ كُلًّا بِسِيمَاهُمْ) ﴿٤٦ الأعراف﴾
*وقال تعالى( فِيهِ رِجَالٌ يُحِبُّونَ أَنْ يَتَطَهَّرُوا وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُطَّهِّرِينَ) ﴿١٠٨ التوبة﴾
*وقال تعالى (رِجَالٌ لَا تُلْهِيهِمْ تِجَارَةٌ وَلَا بَيْعٌ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ) ﴿٣٧ النور﴾
*وقال تعالى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ ﴿٢٣ الأحزاب﴾
*وقال تعالى (الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ بِمَا فَضَّلَ اللَّهُ بَعْضَهُمْ عَلَىٰ بَعْضٍ) ﴿٣٤ النساء﴾
وَاسْتَشْهِدُوا شَهِيدَيْنِ مِنْ رِجَالِكُمْ ﴿٢٨٢ البقرة﴾
﴿٢٨٢ البقرة﴾
---------
وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ وَلِلرِّجَالِ عَلَيْهِنَّ دَرَجَةٌ ﴿٢٢٨ البقرة﴾
وَلَوْلَا رِجَالٌ مُؤْمِنُونَ وَنِسَاءٌ مُؤْمِنَاتٌ لَمْ تَعْلَمُوهُمْ أَنْ تَطَئُوهُمْ ﴿٢٥ الفتح﴾
وَأَنَّهُ كَانَ رِجَالٌ مِنَ الْإِنْسِ ﴿٦ الجن﴾
وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً ﴿١ النساء﴾
*وقال تعالى (لِلرِّجَالِ نَصِيبٌ مِمَّا تَرَكَ الْوَالِدَانِ وَالْأَقْرَبُونَ) ﴿٧ النساء﴾
* وقال تعالى (وَإِنْ كَانَ رَجُلٌ يُورَثُ كَلَالَةً أَوِ امْرَأَةٌ وَلَهُ أَخٌ أَوْ أُخْتٌ فَلِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا السُّدُسُ) ﴿١٢ النساء﴾
* وقال تعالى (لِلرِّجَالِ نَصِيبٌ مِمَّا اكْتَسَبُوا وَلِلنِّسَاءِ نَصِيبٌ مِمَّا اكْتَسَبْنَ) ﴿٣٢ النساء﴾
وَمَا لَكُمْ لَا تُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَالْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الرِّجَالِ ﴿٧٥ النساء﴾
وقال تعالى (إِلَّا الْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ وَالْوِلْدَانِ لَا يَسْتَطِيعُونَ حِيلَةً) (النساء 99)
صدق الله العظيم