أطلق علي العايد وزير الثقافة الأردني برنامج الشعر والندوات الفكرية "دورة جريس سماوي" ضمن فعاليات مهرجان جرش للثقافة والفنون 35 .، بحضور الدكتورة إيناس عبدالدايم وزيرة الثقافة المصرية.
وأقيمت ندوة عن الشاعر الكبير الراحل الذي تحمل الدورة اسمه وأدارها الروائي هزاع البراري امين عام وزارة الثقافة وذلك المركز الثقافي الملكي .
قدم خلالها كل من الشاعر والكاتب المصري أحمد الشهاوي، والشاعر والإعلامي اللبناني زاهي وهبة، والشاعر المغربي حسن نجمي، والكاتبة بسمة النسور، شهادات إبداعية في الراحل.
قال الشاعر والكاتب المصري أحمد الشَّهاوي في شهادته عن "جريس سمَاوي .. ومن سيحرسُ ( سيحرثُ ) حقلَ الحُبِّ سواكَ ؟": "لا فضلَ ستنالهُ سواءً متَّ يوم الخميس أو في يومٍ آخر سواه من أيام الأسبوع... إنه الموتُ، الذي لا موعدَ له ولا حين... لا ينذرُ، ولا يكتبُ رسالةَ تنبيهٍ مُسبقة، لكنه يفاجئ ويصعقُ، ويضربُ ضربتَهُ... الخبر أنك ذهبتَ إلى الصَّمتِ سريعًا ومُفاجئًا، ومن دون توقُّعٍ من أحدٍ".
وتابع الشهاوي : "رُحتَ إلى مكانٍ ثانٍ، تخليتَ عن قصيدتكَ إلى ظلِّك، وتركت الأعنابَ وحدَها يتيمةً، وغادرتَ الفحيص وهي قفراء من بعدكَ رغم كُرومها، تبكي القدسَ من علٍ، تلكَ التي حلمت باستعادتها .. أعرفُ أن ديوانك الثاني جاهزٌ للنشر ، وسينشرُ في القاهرة بالتوازي مع عمَّان كما أحببتَ، فلا يمكن أن أخلفَ وعدًا قطعناه معًا".
وتساءل الشهاوي "من سيرعى الفرح بعدكَ .. ومن سيحرسُ حقلَ الحُبِّ سواكَ؟". مضيفا "أعتذرُ ، فموتك فاجأني، ولن أكونَ معك في "الفحيص" لأودِّع طيورَك، وأنصِتَ إلى منطقِها، وتغريدات بجعاتها الأخيرة".
وختم الشهاوي شهادته بالقول: أومنُ أن الشَّاعرَ يستشعرُ موته ويستشرفه في نصوصِه، ونحن أمام شاعرٍ قد عاش هذه الحال قبل أن يدهمه الموت.
من جانبه قال الشاعر والإعلامي اللبناني زاهي وهبي زاهي: "لا أبالغ حين أقول إنه أثناء أصابتني بفيروس كورونا، وباللحظات الحرجة التي مررت بها، لم أفكر بأحد بعد عائلتي، بمقدار تفكيري صديقي جريس".
مضيفا أن فكرة اللقاء به بالعالم الآخر، كانت تخفف عني، فانا لم اعتد عمان بلا جريس .
وتابع "لا يكتمل كلام جريس من دون الإشارة الى دور المرأة في حياته بدءا بأمه الجليلة الحزينة، وصولا إلى المرأة الحبيبة، وهو الشاعر المؤمن بأنوثة الكون ... فكانت المرأة ركنا أساسيا في قصائده".
في حين قال الشاعر المغربي حسن نجمي : لقد كان جريس فطريا يحمل في داخله شاعرا شغوفا باللغة وبالعالم وبالحياة، ومنحه الشعر غبطة رائعة كنت أحسها في أحاديثه مثلما في نصوصه، وفي حواراته الصحفية والثقافية المتعددة والمتفرقة والصحافة المكتوبة في التلفزيون والإذاعة.
وأضاف كان جريس شاعر كريم متفان في خدمة الكلمة، لم يمارس جريس الشعر الا كنوع من الحب، فعل الشعر هو فعل الحب، توأم السياسية بالنسبة إليه، ولذلك وظف طاقته ليعلن شغفه بالموجودات، وباللغة وبالآخرين، وربما يكشف أيضا عن هوايته الغامضة التي كانت تفصل الذات عن ذاتها وختم شهادته بالقول: أخيرا حين يفجع المرء في صديق عزيز لا يبقى لديه ما يقال، كأن الكلام يتوقف ليبدأ الصمت، كأن العمق يصبح فجاة نوعا من الواجب الشعري والأخلاقي.
من جهتها قالت الكاتبة بسمة النسور: "أحاول أن لا أستعيد ذكريات عمر طويل عرفت فيه جريس سماوي، الشاعر المرهف الجميل، صديق الصبا، حيث كان الفرح ممكن الحدوث".
وأضافت النسور، "جريس الإنسان والمثقف والعالم والطفل الذي أحسن الظن بالحياة، غير انها غدرته، مثل عهدها دائما، وهو الذي أوجع القوب وادماها، حين غيبه وشقيقه موت خاطف وصادق وجائر وعبثي".
وختمت النسور بالقول: "رحل جريس بخفة وبساطة، مخلفا في قلوبنا الحسرة والاسى، وبات الحديث عن الأمل ضربا من الهرطقة في هذا الزمن الموحش".