ستة سنوات مضت على رحيلك واليوم يحل ميلادك بعد أن انتقلت بالجسد عن عالمنا د. وجيه شكرى، أمين حزب التجمع بالمنيا، الجراح النابغة، الطبيب الإنسان، المناضل اليسارى، القبطى الوطنى، رحل فى صمت، وشهوده جدرانه الأربعة.. وكما يقول أحمد عبدالمعطى حجازى «فى هذا الزحام لا أحد".
وحين نظرت إلى صورتك المتكئة على الحائط، فوجدتك فى القرب وفى البعد جميلًا.. بكيت قليلًا فارتحت قليلًا، لست أدرى هل كنت تتكئ على جدار اليسار الأخير أم أن الجدار هو الذي كان يتكئ عليك؟ هل أبكيك أم أبكى نفسى.. أبكى جيلى.. أبكى اليسار.. أم أبكى فيك حلما يتسرب كالمياه من بين أصابعنا؟
آه يا جرحى المكابر، صباح الخير يا وجيه، صباح الخير.. قم احمل فراشك وامشِ، وطننا فى حاجة إليك فى زمن صار فية الأقباط كما قال السيد المسيح «كغنم لا راعي لهم»، وأصبح العبيد هم السادة، والانتهازيون أصحاب الصفوف الأولى فى الكنائس، وفى الإعلام الطائفى فى المقدمة، كنت تناضل من أجل الوطن والكنيسة ضد جماعات الإرهاب.
كان وجيه شكرى امتدادًا لمدرسة أنور إبراهيم، وفؤاد ناشد، وجنبًا إلى جنب مع أحمد عبدالعزيز والشيخ علي عبد الرحيم وأنور إبراهيم وآخرين حملوا راية اليسار فى المنيا وسلموها لنا، كان الجماعات المتأسلمة ترهب الجميع إلا اليسار.. كنا وعبد الرحيم علي جنبا الي جنب في مناهضة ومتابعة الإرهاب ، واذكر كيف تابعنا ثلاثتنا ( عبد الرحيم علي وانا وانت ) 1990 الهجوم على الكنائس في ابو قرقاص وادي ذلك الي تغيير المحافظ ومدير الأمن وتقابل وزير الداخلية شيخ العرب عبد الحليم موسى مع فيليب جلاب وعبد الرحيم علي، كنا معك وأنت مرفوع القامة تبشر بالزمن القادم من أعماق الجرح، وأحلام المناضلين العشاق، كنا معك من أوائل من أخرجوا الكنيسة للوطن، وبحثنا عن الوطن فى الكنيسة، وحملنا وديعة الإيمان بالوطن والكنيسة فى روحانية وطنية لا تعرف الطائفية، اقترن فيها لاهوت الأرض بلاهوت التحرير، والفقر الاختيارى بالحلم المصرى، والعفة السياسية بالطاعة للضمير الوطنى والفقراء.. فى لقائنا الأخير شكونا لبعضنا أمراض الوطن، والأقباط، والنخب الجديدة التى لا تدرك من النضال سوى ثقافة الاحتجاج على الفيس، وبعض النخب القبطية التى لا ترى من الوطن إلا مساحة، أوالبوستات الاحتجاجية التي تجسد العجز، ضحايا التعليم المدرسى أو الكنسى أو الاضطهاد الممنهج من المتطرفين، وفجأة شعرت بالانقباض أنه اللقاء الأخير.. وقد كان، وها أنا وحيد على الضفة الأخرى.
تذكرتك وتذكرت وأنا أحن إلى خبز أمي وقهوة أمي، واتذكر رفاقى فى حزب التجمع غبريال زكى والدكتور رفعت، بالتأكيد لأن التجمع تلخص فيه كل شىء العائلة والوطن والتحقق والهزيمة، ولا يزال التجمع فى العينين، أراه من خلف الذكريات، ضعفت الرؤية ولكن العينين مبصرتان، يا إلهى كل هذا الحزن لى، من يرفع عنى مر هذا الكأس، ستة أعوام ولا يزال الحب جرحه لم يندمل، ورائحة البحر مازالت فى أنفى، وطعم الذكريات يطل من بين وجه الماضي بوجهه النبيل والآن مع صديقك عبد الرحيم علي في البوابة نيوز نحاول انارة، شمعة تتوهج مع ضوء القمر وكأنها التجمع فى الزمن الجميل، ورحيق سنوات الصبا تطل من بين عيون الحلم.
«سكروا الشوارع عتمو الشارات/ زرعوا المدافع هجروا الساحات/ وينك ياحبيبى بعدك يا حبيبى
/ صرنا الحب الضايع صرنا المسافات/ اشتقنا للأيام السعيدة أيام السهر عالطريق/ عجقة سير وماشوير بعيدة ونتلاقى بالمطعم العتيق/
أنتظر وأتوق إلى القدوم إليك فى عالم أكثر صدقًا وشفافية ومحبة.. وحتى نلتقى سلامي لرفعت السعيد وأحمد عبد العزيز وفؤاد ناشد وأنور إبراهيم.