الأربعاء 08 مايو 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

آراء حرة

دروس من زيارة المدارس في الدقهلية

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news

كنت وما زلت من المؤيدين والمعجبين بالوزير طارق شوقي، وزير التربية والتعليم والتعليم الفني، بسبب إصراره علي تحريك المياه الراكدة في منظومة التعليم قبل الجامعي. كنت أظن ان مشاكل التعليم قابلة للحل ولو جزئيًا في وقت قصير، خاصة مع اصرار الحكومة والرئيس السيسي علي النهوض بالتعليم، الي ان قمت مع مجموعة من الزملاء الافاضل في مجموعة تطوير الدقهلية بدراسة ميدانية شملت ٧ مدارس. كان الغرض الاساسي من الدراسة، والتي قمنا بها بالتنسيق مع محافظ الدقهلية السابق الدكتور كمال جاد شاروبيم، ووكيل وزارة التعليم علي عبد الرؤوف، هو التعرف على مشاكل منظومة التعليم عن قرب، وتقديم الدعم المادي كلما امكن. لم يكن غرضنا التركيز علي السلبيات او التقليل من مجهودات الدولة والوزارة في التطوير.  قمنا بزيارة كل مدرسة مرتين علي الاقل، ٦ مدارس منها داخل مدينة المنصورة، وهي الثانوية بنات، والملك الكامل، والثانوية العسكرية، والثانوية الحديثة، والمدرسة التجريبية للغات، والمدرسة الابتدائية النموذجية. والسابعة في مدينة دكرنس، وهي مدرسة علي مبارك الثانوية التي تأسست سنة ١٩١١، والتي افخر دائما بأنني درست فيها المرحلة الثانوية بين اعوام ١٩٧٩ و١٩٨٢.

في الزيارة الأولى لكل مدرسة، كنا نستطلع آراء ادارة المدرسة، ونتفق علي موعد وجدول الزيارة. في الزيارة الثانية، كنا نقابل الطلاب داخل الفصول الدراسية، ثم نقابل مجلس الامناء والمعلمين واولياء الامور داخل قاعة الاجتماعات. كانت التجربة فريدة علي الاقل بالنسبة ليً، حيث انني كنت قد ابتعدت قليلًا عن التعليم قبل الجامعي. كانت الجولة داخل المدارس فرصة عظيمة للتعرف علي الانجازات وخطط التطوير، وكذلك علي مشاكل التعليم علي الطبيعة، ودون مبالغة او تبسيط. ساعد علي اتمام مهمة لجنة التعليم، تواجد مجموعة رائعة من المهتمين بالتعليم، وعلي رأسهم المرحومة الأستاذة الدكتورة فرحة الشناوي، والاستاذة الدكتورة ماجدة نصر، عضو لجنة التعليم بمجلس النواب (في ذلك الوقت)، والدكتور عبد العظيم السعيد، الاستاذ بكلية التربية وممثل المحافظة في المجلس القومي للتعليم، وعدد كبير من المعلمين والمعلمات، واذكر علي وجه الخصوص الاستاذة وفاء عبيه، والاستاذة هويدة مسعد، والاستاذة ايمان حامد والاستاذ رحيم الامام، وعدد من اعضاء لجنة التعليم ومجلس ادارة مجموعة التطوير (في حدود ٢٠ شخصا لكل زيارة).

في نهاية الدراسة قمنا باعداد تقرير عن التجربة وقدمناه الي معالي الوزير، والمحافظ، ووكيل وزارة التربية والتعليم وجميع الاجهزة الرقابية في الدقهلية. يمكن تلخيص ما جاء في هذا التقرير في عدة نقاط ايجابية واخري سلبية علي النحو التالي ؛

اولا؛ النقاط الايجابية التي أجمع عليها معظم من تم مقابلتهم من الاداريين واولياء الامور والمعلمين والطلاب اشتملت علي:

١- خطة الوزارة في تطوير مرحلة رياض الاطفال والمرحلة الابتدائية جيدة جدا، وتراعي الحداثة والتدرج واستخدام التكنولوجيا بشكل مدروس ومتوازن.

٢- هناك تطوير حقيقي في المناهج واستخدام للتكنولوجيا في التدريس في المرحلة الثانوية. بالفعل وجدنا السبورات الذكية في الفصول، والتابلت مع الطلاب.

٣- هناك خطة لتدريب المعلمين علي استخدام التكنولوجيا الحديثة في التدريس، وان كانت تناسب اكثر صغار السن عن الكبار.

ثانيا: هناك نقاط سلبية وتخوف وريبة عند بعض عناصر العملية التعليمية امكن جمعها في التالي:

١- بالنسبة لادارة المدارس، هناك شكوي عامة من عدم توفر اي اعتمادات مالية للانفاق على العملية التعليمية، حتي الجزء الذي كان يتم تخصيصه للمدارس تم تحويله الي الوزارة. هناك ايضا نقص شديد في اعداد المعلمين، مما يضاعف الاعباء التدريسية علي القلة القليلة المتبقية منهم.

٢- بالنسبة للمعلمين، هناك شكوي عامة من تجاهل وعدم اهتمام الطلاب بالمدرسة، واعتماد الطلاب علي الدروس الخصوصية. هناك شعور بعدم القدرة علي اتخاذ اي اجراء رادع ضد الطلاب، خاصة بعد عدم تخصيص درجات للانشطة وعدم تفعيل او حصر الحضور والغياب، مما جعل المعلمين غير قادرين علي السيطرة علي الطلاب او اتخاذ اجراءات تأديبية ضد المتجاوز منهم.

ثالثا: بالنسبة للطلاب، هناك شبه عزوف عام عن الحضور الي المدرسة وتخوف بين طلاب المرحلة الثانوية (سنة اولي وثانية فقط، حيث لم نجد طلابًا من السنة الثالثة في اي مدرسة)، من نظام الامتحانات الجديد، وكذلك من الاعتماد علي التابلت في الامتحانات. وبالفعل كانت تخوفات الطلاب في محلها، حيث قلت المجاميع الفلكيه التي كان يحققها الطلاب. وكذلك كانت الدولة علي حق عندما استجابت الي تخوفات الطلاب، ولم يتم استخدام التابلت في امتحانات الثانوية العامه لهذا العام.

٤- لقاء أولياء الأمور كان الأصعب من بين كل المقابلات. وجدنا عدم رضا وتخوف وتشكيك لدي الغالبية العظمي منهم من جدوي التطوير واستخدام التكنولوجيا وتغيير نمط الامتحانات.

بالرغم من تفهمنا لوجهة نظر كل فئة، ومن طبيعة الانسان التي تركن الي المألوف وتخشي كل تجديد، إلا اننا خرجنا بانطباع عام هو ان الدولة تسير في الاتجاه الصحيح، وان هناك رغبة صادقة وتصميم علي احداث نقلة نوعية في مجال التعليم، رغم كل التحديات والمخاوف، ولكن ذلك سوف يستغرق وقتًا اطول ومجهودًا اوفر من كل فئات المجتمع.