السبت 23 نوفمبر 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم

آراء حرة

الجنرال الصامت

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news

لم تعقم أرحام مصر عبر التاريخ من الضخ بدماء متجددة من حملة مشاعل التنوير في كل عصر، كما أنه لم تبخل أرحامها كذلك بإنجاب القادة والمصلحين والزعماء جيلا بعد جيل.

وكأنه عهد وميثاق منذ القدم، أن تظل مصر قاطرة الشرق الأوسط، ورأس جسد الوطن العربي الكبير، بل ورمانة الميزان فيما تشهده المنطقة من تحركات وتقلبات سياسية.

كيف لا وقد قال ربنا سبحانه وتعالى في محكم التنزيل:

(ادخلوا مصر إن شاء الله آمنين) 

بالأمس القريب ودعت مصر المشير محمد حسين طنطاوي وزير الدفاع والإنتاج الحربي الأسبق، حامى حمى الديار المصرية.

هذا الجنرال الصامت الذي حافظ على مصر من الذهاب نحو الهاوية،وعبر بها من خلال مجلسه العسكري إلى بر الأمان، محافظا على القسم الذي حلف، وعلى اليمين الذي أداه، فمثله من أبناء قواتنا المسلحة العريقة لا يخونون، ولا يفرطون في سلاحهم حتى يذوقون الموت، والله شهيد على ما يقولون.

كانت وما زالت وستظل قواتنا المسلحة الباسلة، هي عرين الأسود، ومصنع الرجال، فكم روت دماء أبنائها الذكية أرض الوطن حتى جددت فيه نسائم الحرية، وكانت صدورهم هي الواقية لقلوب وآمال وتطلعات هذا الشعب العريق من السير نحو المجهول والتمزق.

قامت أحداث ٢٥ يناير ٢٠١١ وما كانت سوى أجندات مغرضة، غازلت الشباب المغرر به، بزعم الحرية والديمقراطية والعدالة الاجتماعية (كلمات من الحق قصد بها الباطل).

فكانت ويلات الربيع العربي المزعوم التي كادت أن تأكل الأخضر واليابس.

بعد تنحى الرئيس الراحل"محمد حسنى مبارك" عن الحكم، انتقل حكم البلاد إلى المجلس العسكري بقيادة "المشير" طيب الله ثراه.

كانت فترة عصيبة جراء أحداثها الدامية، ورغم وصلات الردح والإساءة إلى الجيش العظيم إلا أن قيادته لم تلتفت إلى هذه الصغائر وكانت عيناها ساهرة على حفظ أمن الجبهتين الداخلية والخارجية معا.

إلى جانب ذلك تهديدات تحيق بالوطن، وكانت مزايدات على رجالات الدولة، ورغم ذلك كانت الكلمة التي التقطتها فضائيات العالم من لسان الجنرال صدفة حين كان يمر بالميادين وربت بيديه على كتف طفل صغير يصرخ على كتف والدته (اطمئن لا تخف) كانت الكلمة رغم بساطتها وعفويتها رسالة كبيرة نحو ثقة القائد في طمأنة شعبه، وإحكام قبضة الحماية والويل والثبور لمن يحاولون تعكير صفو هذا الوطن، وعرقلة مسيرته، وترويع شعبه الآمن عبر الدهور.

بسرعة البرق انتشرت كتائب الجيش في الميادين وفرضت حمايتها على منشآت الوطن ومؤسساته الحيوية.

أحداث جسام كلنا قد عايشها، كادت أن تدخل الجميع في نفق مظلم لو عناية الله سبحانه وتعالى ولولا هؤلاء المرابطين على الثغر بنص حبيب المصطفى عليه وآله الصلاة والسلام: (إذا فتح الله عليكم مصر فاتخذوا منها جندا كثيفا فإنهم وأهليهم في رباط إلى يوم القيامة).

تولى المشير زمام الأمور وكانت الدعوة إلى عقد انتخابات رئاسية من خلال الجمعية العمومية لجموع الشعب الأبي.

فجاء الإخوان عنوة الى سدة الحكم، بعدما هددوا بحرق البلاد في حال عدم نجاح (رئيس الجماعة محمد مرسي العياط)!

انطلقت الشماريخ والأسلحة النارية في الميادين_هنا وهناك_ بعدما تراجعت أسلحتهم الثقيلة شيئا قليلا.

يومها خيم الحزن على كتائب المثقفين والتنوريين_بحق_ حتى تسربت مقولة للمشير طنطاوي"نحن لم نسلم مصر للإخوان، بل سلمنا الإخوان لمصر".

وإن كنت لست متأكدا من صحة هذه العبارة، ونسبتها إلى الجنرال الراحل من عدمه، إلا أنها كلمات حقيقية نطقت بها أفعال الجنرال ومجلسه العسكري حتى وإن لم تنطق بها شفاههم.

فبالفعل لقد سلمت هذه الجماعة الإرهابية إلى مصر كي ينكشف أمرها ووجهها الدموي، فلطالما أرقتنا بشعاراتها الكاذبة الواهية (شرعية، والإسلام هو الحل، وعلى القدس رايحين شهداء بالملايين).

تجار دين، وبائعي أوطان، يقولون ما لا يفعلون، ويفعلون ما لا يقولون.

وما أن وصلت الجماعة إلى سدة الحكم حتى تخلصت من المشير بإقالته فنزل الفارس عن جواده عنوة، ولكن الفرسان لا يموتون.

ما غاب عن هؤلاء وغيرهم من المتآمرين أن جيش مصر نسيج واحد وكلهم يعملون في سيمفونية وطنية سواء كانوا داخل الركب أم خارجه وهذه عقيدة المقاتل المصري التي لا تقبل الشك أو التجزئة أو حتى المزايدة.

هزمت الجماعة المتأسلمة بأن سلمت  فعليا إلى جمعية الشعب العمومية، التي ضجت من كذبهم وزيفهم حيث خرج الشعب مناديا بإسقاطهم من عرش الرئاسة المختطف إلى مكتب الإرشاد وكانت خارطة الطريق تصحح المسار وتقدم هؤلاء الإرهابيين إلى المحاكمات العادلة.

حين أكتب هنا عن الجنرال الأسمر فأنا اكتب عن ملامح حملت في قسمات وملامح وجهها أصالة الماضي، وعراقة الحاضر، وتطلعات المستقبل، وشموخ القائد الذي لا يهزم.

حين تخط أناملي هذه الكلمات حول هذه الشخصية الفذة الفريدة، لتكاد أن ترتعد فرائصي إكبارا وإجلالا لرجل قلما أن يجود الزمان بمثله.

كيف لا وقد سطرت مبادئ العسكرية المصرية_الميثاق والشرف_ اسمه بحروف من نور على صفحات ناصعة البياض من الفضة.

ايه يا بطل كل نصر

ايه ثم ايه يا معشوق كل مصر 

لغة الكلام على لساني ثكلى 

ودموع عيني فلا أراها تسعفني 

فمثلي لا ينتحب ومثلك لا يموت 

فنحن قوم إذا مات منهم سيد قام بهم سيد يبني مجدهم ويشيد.