يوم الأحد من الأسبوع الماضي الموافق 12 -9-2021،شهد الرئيس عبدالفتاح السيسى إطلاق الاستراتيجية الوطنية لحقوق الإنسان بمصر، بالعاصمة الإدارية الجديدة،التي تتضمن،المحاور الرئيسية للمفهوم الشامل لحقوق الإنسان فى الدولة، وذلك بالتكامل مع المسار التنموى القومى لمصر، والذى يرسخ مبادئ تأسيس الجمهورية الجديدة، ويحقق أهداف رؤية التنمية المستدامة 2030..
وللتطبيق على أرض الواقع كلف الرئيس بمواصلة جهود دمج أهداف ومبادئ حقوق الإنسان فى السياسات العامة للدولة، ودعوة الكيانات السياسية ومنظمات المجتمع المدنى إلى الاهتمام بإثراء التجربة السياسية المصرية، وكذا ضمان التوزيع العادل لثمار التنمية، وتعزيز التواصل مع مختلف مؤسسات المجتمع المدنى، وبناء جهاز إدارى فعال يتبع آليات الحكم الرشيد ويخضع للمساءلة، وتطوير منظومة تلقى ومتابعة الشكاوى فى مجال حقوق الإنسان للاستجابة السريعة والفعالة، وتكثيف الجهود الوطنية لبناء القدرات والتدريب فى مجال حقوق الإنسان..
إنه كلام جميل،ومعقول،ومطلوب،خاصة في ظل التحديات التي تواجه الدولة المصرية،ولكن لنا وجهة نظر في تطبيق هذه الإستراتيجية دون رتوش،أو إعطاء فرصة للصائدين في الماء العكر في نقدها بشكل غير بناء،فالتطبيق لابد وان يتزامن مع مجموعة من الإجرءات..
ومن وجهة نظري فإنه إذا أردت أن تغير العالم فعليك بأمرين الأول الرؤية والتخطيط والثاني التنفيذ والإرادة، فإذا بذلت مجهود مضني وشاق في عمل بلا رؤية أو تخطيط فأنتظر الفشل بلا تردد وإذا كنت صاحب رؤية وحلم وخطة دون إرادة وجهد للتنفيذ فإنك تضيع الوقت في اللاشئ، وإذا فشلت في تحقيق هدفك فإنك خططت للفشل وإذا أردت النجاح يجب أن تضع خطه طموحه وواقعية تشمل كل أبعاد ما تستهدف.
فمنذ عده أيام خطت مصر أولي خطوات النجاح لتحقيق خطه طموحه وواقعية لتعزيز حق الإنسان في الحياة تشمل كل حقوقه السياسية والاجتماعية.
هذه الخطوة جاءت أهميتها ليس في كتابه الاستراتيجية بلغة احترافية جدًا فقط ولكن في إنها شاركت كل ذوي الخبرة ومنظمات المجتمع المدني مع اختلاف اراءهم وتوجهاتهم في التشاور لوضع خطه واقعية ليس من الصعب تنفيذها إذا توافرت الإرادة مع تحديد إطار زمني محدد ليس بالبعيد لتحقيق هذه الخطة، ويبقي الإرادة والتنفيذ، ويسبقهم حسن النوايا من جميع الأطراف والتي من دونها لن يتحقق شيئًا، فقد أظهرت المؤشرات حتي تلك اللحظة عده أمور أولها حضور رئيس الجمهورية في مؤتمر حقوقي للأعلان عن تخطه تعترف وتقر بأن هناك بعض المشكلات وأننا يجب العمل علي حلها، فهذا حدث فريد ولم يتحدث في منطقتنا العربية من قبل ولم تحدث في تاريخ مصر، والاعتراف بوجود مشكلات ووضع رؤية نسعي إليها لحل تلك المشكلات هي خطوة تدل علي أن هناك إرادة سياسية حقيقية لتعزيز حقوق الأنسان في مصر.
الأمر الأخر الذي لا نستطيع أن نفصله عن الإعلان عن الاستراتيجية الوطنية لحقوق الإنسان وهو الأفراج عن عدد من المحبوسين ورجوع بعض عناصر المعارضة من الخارج لأرض الوطن دون أي مضايقات تعرضوا لها ،ورفع قرارات المنع من السفر لبعض العاملين بالعمل الحقوقي وإغلاق القضية ١٧٣رغم أن ذلك لا يعني أن الدولة أخطأت في حق المتهمين ولكن إنها بوادر رؤية وصفحه جديدة في التعامل وفي تعزيز حق الإنسان في الجمهورية الجديدة وتحقيق أهداف التنمية المستدامة.
وتبقي الخطوة الأصعب وهي وضع اليات تنفيذ بإطار زمني محدد، والتنفيذ يجب أن يأتي في إطار مؤسسي يقوم بتقنين بعد المبادرات الفردية التي رأينها في الفترة الأخيرة، فعلي الدولة أن تقوم بهذا الدور من خلال مؤسستها كاللجنة الدائمة لحقوق الإنسان التابعة لوزارة الخارجية وأن تبدأ اللجنة في فتح حوار مع كل منظمات المجتمع المدني مع اختلاف أراءهم والعمل علي توصيل مطالبهم ورؤيتهم لكل المسؤولين المعنيين بهذا الشأن وكذلك البدأ في الحوار مع الصحفيين الذين هم جزء أصيل من تشكيل الوعي والرأي العام والأمر الأخر هو البدا في دراسة ملفات بعض المحبوسين احتياطيا، كذلك فمن الضروري العمل علي التوعية الحقوقية والقانونية الضرورية داخل المجتمع للقضاء علي الأمية الحقوقية في مصر وتدريب وتأهيل كوادر شبابية لخلق جيل جديد من الحقوقيين، أما أزمة الأزمة في التشريعات فعلي البرلمان المصري الحالي ومع انعقاده المقبل العمل ليل نهار بإرادة حقيقة لعلاج ثغرات القوانين وتقديم مشاريع قوانين تعزز حق الإنسان في الحياه.
وفي خضم هذا الإعلان التاريخي أعلن رئيس الجمهورية أن عام ٢٠٢٢ هو عام المجتمع المدني، وهو الأمر الذي وضع علي عاتق المنظمات العمل علي التشابك والتجانس والمشاركة في وخطه اليات تنفيذ الاستراتيجية والمشاركة الإيجابية في تنفيذها وتضع علي عاتق بعض المنظمات التوقف عن تسيس العمل الحقوقي من أجل المواطن الذي يجب أن يغير وجهه نظره عن الحقوقيين ومنظمات حقوق الإنسان وأن يري إنهم يعملون من أجله حقًا دون شعارات زائفه أو الاستقواء بالخارج كما يجب علي المنظمات الحقوقية العمل علي تحسين صورتها الذهنية داخل المجتمع المصري.
علي المجتمع المدني استغلال الفرصة والإسراع في اللحاق بقطار التنمية الشامل المستدام وعلي البرلمان العمل بجدية في علاج ثغرات القوانين ومشاريع القوانين وعلي الدولة أن تقنن أي مباردة فردية وأن تتولي العمل علي الحوار الوطني بين جميع الأطراف..
إنها إذن إستراتيجية تليق بالجمهورية الجديدة،وبمبادرات الحماية التي تتبناها الدولة المصرية لحماية الشرائح الأكثر إحتياجا خاصة في ظل تداعيات فيروس كورونا،وفي القلب من هذه الشرائح فئة العمال الأكثر تأثرًا وتأثيرًا في كافة الأحداث،والذين يمثلهم تنظيمات عمالية تعتبر من أبرز منظمات المجتمع المدني،تلك التنظيمات التي ولابد أن تدخل حيز التغيير والتطوير حتى تواكب متطلبات العصر،فتتحقق التنمية ويرتفع الإنتاج في ظل تنظيم عمالي قوي،وعمال مؤهلون ومدربون وقادرون على مواجهة كافة حروب الجيل الرابع.