افتتح الدكتور محمد الضويني، وكيل الأزهر، مؤتمر كلية الشريعة والقانون بأسيوط، والذي دار حول «الدور المجتمعي للمؤسسات المالية ورجال الأعمال في مواجهة الأوبئة والكوارث من منظور إسلامي»، بحضور الدكتور عباس شومان، وكيل الأزهر الأسبق، والدكتور محمد عبد المالك، نائب رئيس الجامعة لفرع أسيوط، والدكتور محمود عبد الرحمن صديق، عميد كلية الشريعة والقانون بأسيوط.
وفي بداية المؤتمر دعا وكيل الأزهر الحضور للوقوف دقيقة حداد على روح المشير محمد حسين طنطاوي، القائد العام للقوات المسلحة وزير الدفاع الأسبق، داعيًا له بالرحمة والمغفرة، مؤكدًا أن مصر فقدت بطلًا من أبطالها الذين قدموا الغالي والنفيس من أجل رفعة الوطن.
وأوضح وكيل الأزهر، أن هذا المؤتمر هو دعوة صريحة من أجل إعلاء قيم الإنسانية ومواجهة الأوبئة والكوارث انطلاقًا من منظور شرعي وقانوي، مبينًا أن علامة الفهم الصحيح عن الله –سبحانه وتعالى- أن نلزم أمره وشرعه في الشدة والرخاء على السواء، موضحًا أن الشدائد من شأنها أن تفرض نوعًا مختلفًا من رعاية الآخرين والاهتمام بهم، وبخاصة إذا كانت النازلة شديدة أو عامة، لافتًا أن الشريعة الإسلامية حثت على كل ما من شأنه أن يحقق توازنًا اجتماعيًا بين كل طبقات المجتمع، حتى تختفي الظواهر السلبية، مضيفًا أن جائحة كورونا اقترنت بها خسائر مروعة في الأرواح والأموال وأساليب الحياة، وتحولت أعمال الناس إلى ما يشبه «الإغلاق الكبير»، وتأثرت حركة الإنتاج والتجارة، وتبدلت عادات الناس بسبب هذا الوباء، فتارة يرعبهم الخوف من تداعياته، وتارة يؤلمهم فقد العمل بسببه، فضلًا عما فقده العالم من الأرواح والأنفس.
وتوجه وكيل الأزهر إلى الله -تعالى- بالشكر والعرفان لحفظه بلادنا، في ظل رؤية حكيمة كانت على وعي كاف، فأصدرت تكليفات للوزارات المعنية بالحكومة للعمل على تقليص الأعباء، التي فرضها الفيروس على الاقتصاد العالمي، ومنح المزيد من التيسيرات المحفزة للإسراع في تحريك قوي للاقتصاد القومي، مشيرًا إلى أن العالم يحتاج إلى تعاون وتكامل مع حاجة ماسة إلى العمل المشترك، لتحقيق أهداف التنمية المستدامة، ولإعادة البناء بشكل أكثر فاعلية للتصدي للتداعيات والتحديات التي فرضتها جائحة كورونا، وهنا يقع العبء على الجميع: حكومات وشعوبًا، ومؤسسات وأفرادًا، لا سيما المؤسسات المالية ورجال الأعمال والقطاع الخاص، مطالبًا الجميع بتعاون حقيقي يتجاوز الفكرة التقليدية التي تقف عند حد إخراج الزكاة والصدقات بالنسبة لأصحاب الأموال، وألا يقف عند المصطلح البروتوكولي الذي يحمل اسم «المشاركة المجتمعية» تتزين به المؤسسات المالية، وإنما يكون التعاون بمسؤولية جادة صادقة.
من جانبه أكد الدكتور عباس شومان، وكيل الأزهر الأسبق، أن الجميع على يقين تام بأن الغمة الأخيرة -جائحة كورونا- ضربت العالم كله وليس لها من دون الله كاشفة، تعطل فيها الحج لبيت الله، وأغلقت في ذروتها دور العبادة، وتحولت المطارات لمخازن للطائرات ووقع الكثير تحت وطأة وأنات المرض، ومن هنا كان رأي الشرع للتعامل في مثل هذه الظروف ملهمًا للتخفيف من حدة الفقر والمرض، موضحًا أن المؤسسات المالية ورجال الأعمال يسارعون بالمواقف الإيجابية خلال الأزمات، ولكن ليس إنفاقًا يشبه إنفاق المسلمين في صدر الإسلام.
وأضاف الدكتور"شومان" أنه يأمل أن نستلهم العبرة من عطاء صحابة رسول اللهﷺ، وأن نجد من رجال الأعمال والمؤسسات المالية الدعم الحقيقي الذي يواكب احتياج الناس في الكوارث والجوائح، مع ضرورة التنسيق بين جميع الجهات التى تنفق فى وجوه الخير، داعيًا إلى إنشاء قاعدة بيانات عن حالات الفقر والأكثر احتياجًا وتحديثها أولًا بأول وذلك لتغير حالات الغنى والفقر بين الناس، وتكون هذه القاعدة متاحة لرجال الأعمال وكل الجهات والمؤسسات المالية التي تسهم في الإنفاق الدقيق والمدروس في أوجه الخير لجميع الحالات، وحتى تجد المليارات المنفقة طريقها الصحيح لمن يستحق.
وفي ذات السياق أكد الدكتور محمد عبد المالك، نائب رئيس الجامعة لفرع أسيوط، أنه يجب الخروج عن "التقليدية" في العطاء مع ربط الدين بالواقع وهذا هو مفهوم تجديد الخطاب الدينى الصحيح، مضيفًا أن الأزهر الشريف مؤسسة قدمت المثال الطيب والقدوة في الإنفاق وقت الأزمات والوصول للأماكن والأفراد الأكثر احتياجًا سواء داخل مصر أو خارجها، متناغمًا مع كل المؤسسات في ظل المبادرات الرئاسية التي هدفت في المقام الأول إلى مساعدة غير القادرين والوقوف بجانب المجتمع وقت المحن.