الأربعاء 20 نوفمبر 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم

ملفات خاصة

بعد نجاح فرنسا في اقتناص «الصيد الثمين».. ارتياح عالمي لتصفية «الصحراوي» أكبر رءوس الإرهاب بالساحل الأفريقي

البوابة نيوز
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news

جاءت الضربة العسكرية القاصمة، التى نفذتها القوات الفرنسية، وتمكنت عبر عناصر «برخان»، من قنص المدعو أبووليد الصحراوي، الذى يعد أحد عتاة الإرهاب الداعشى فى الساحل الأفريقي، ومصدر القلق الدائم لفرنسا، المعنية بمكافحة التمرد، بمنطقة الساحل الأفريقي، وجاءت هذه العملية لتفتح ملف التاريخ الأسود لـ«الصحراوي».

فقبل أيام قلائل، وتحديدًا يوم الخميس 16 سبتمبر الجاري، أعلنت فرنسا نجاحها فى تصفية أحد أكبر رءوس الإرهاب، ووصفت وزيرة الجيوش الفرنسية، فلورنس بارلي، مقتل أبووليد الصحراوي، زعيم تنظيم داعش فى منطقة الساحل، ضربة حاسمة للتنظيم، وقالت إن داعش سيواجه صعوبة فى استبداله.

وتقدم «البوابة»، فى هذا الملف رحلة التطرف والإرهاب، التى قضاها «الصحراوي»، من البداية إلى النهاية.

ماكرون

بداية النهاية

أعلن الرئيس الفرنسي، إيمانويل ماكرون، الخميس ١٦سبتمبر ٢٠٢١،مقتل زعيم تنظيم «داعشفى الصحراء الكبرى»، عدنان أبو وليد الصحراوي، فى عملية للقوات الفرنسية بمنطقة الساحل الأفريقية.

 

وأشاد وزير الخارجية الفرنسى جان إيف لودريان بقوات بلاده، واصفًا عدنان أبو وليد بأنه «عدوالشعب الأول». وقال ماكرون، فى تغريدة عبر حسابه على موقع التدوينات القصيرة «تويتر»، أن «عدنان أبووليد الصحراوي، زعيم تنظيم داعش فى الصحراء الكبرى، تم تحييده من قبل القوات الفرنسية.. هذا نجاح آخر كبير فى معركتنا ضد الجماعات الإرهابية فى منطقة الساحل». ووفقًا لبيان صادر عن متحدث باسم الرئاسة الفرنسية؛ فإن الصحراوى كان مسئولًا عن هجمات جبانة وقاتلة استهدفت المدنيين وقوات الأمن فى النيجر ومالى وبوركينا فاسو، وأضاف البيان أن الصحراوى أصدر فى أغسطس ٢٠٢٠،أمرًا شخصيًّا بقتل ٦من العاملين فى المجال الإنسانى الفرنسيين وسائقهم ومرشدهم.

أبو الوليد الصحراوي

أبو الوليد الصحراوي

فى مايو من العام ٢٠١٥،أعلن أبوالوليد الصحراوي، وهو إرهابى جزائري، بيعة مجموعته الإرهابية المعروفة بـ«المرابطون» لزعيم تنظيم داعش أبوبكر البغدادي، وبعد نحو ٤سنوات خرج الأخير فى فيديو من مخبئه المجهول ليوجه التحية لـ«الصحراوي»، ويدعوه لمواصلة العمليات الإرهابية ضد فرنسا وقوات الأمم المتحدة.

 

وفى وقت لاحق، بثت منصات التنظيم الإرهابى الإعلامية على تطبيق تيليجرام للتواصل الاجتماعي، صورًا وفيديوهات لعمليات أنصار البغدادى فى أفريقيا، وحملت كل العمليات الإرهابية بصمات «الصحرواي» المعروفة.

 

رغم إعلان «الصحراوي» بيعته للبغدادى فى عام ٢٠١٥،فإن زعيم تنظيم داعش لم يعلن قبول بيعة «مقاتلىالصحراء» ولميعترف بتبعيتهم له فى ذلك الحين، لكن الهزائم المتتالية التى تكبدها داعش، دفعت البغدادى أن يعترف بذئب داعش الجديد فى أفريقيا، ويكيل له المديح، وذلك بحسب تقارير عدة لمؤسسات بحثية مهتمة بمراقبة الجماعات الإرهابية من بينها أكاديمية ويست بوينت الأمريكية، والمركز الدولى لمكافحة التطرف.

 

ظهور الإرهابى الأول

ظهر أبو الوليد الصحراوى للمرة الأولى فى عام ٢٠١١،واسمه الحقيقى لحبيب عبدى سعيد، ويُعرف أيضًا بالإدريسى لحبيب، وهو من مواليد مدينة العيون أحد أهم مدن الصحراء الغربية المتنازع عليها، ينتمى لقبيلة الرقيبات.

 

أعلن الصحراوى وقتها، تأسيس ما يعرف بجماعة التوحيد والجهاد فى غرب أفريقيا، التى تبنت خطف ٣مواطنين أوروبيين فى منطقة الساحل، لكنه لم يعُلن وقتها تبعيته لأى جهة أو تنظيم. وقبلذلك، كان واحد من الناشطين فى حركة البوليساريو الانفصالية، وكان مسئولًا فى منظمة اتحاد شبيبة الساقية الحمراء، ووادي الذهب المقرب من جبهة البوليساريو الانفصالية.

أبوالوليد الصحراوي

هجمات إرهابية خطيرة

وفى الـ٣ من مارس ٢٠١٢،نفذت مجموعة الصحراوى هجومًا بسيارة مفخخة فى مدينة تمنراست جنوب الجزائر، وأسفر الهجوم عن إصابة ٢٣شخصًا. كماأعلن «الصحراوي» فى وقت لاحق، إعدام الدبلوماسى الجزائرى الطاهر تواتى بعد خطفه من قنصلية بلاده فى غاو، إحدى أكبر مدن شمال مالي.

 

وبعد هذه العمليات، اختفى «الصحراوي» لعدة أشهر، قبل أن يعاود الظهور مجددًا، معلنًا أنه تابع لتنظيم القاعدة، ويتبع نهج أميرها الإرهابى أيمن الظواهري. بعد نحو عام، أعلن أبو الوليد الصحراوى ورفيقه مختار بلمختار المكنى بـ«أبى العباس» تأسيستنظيم «المرابطون» أحد أفرع القاعدة فى منطقة الساحل والصحراء وليبيا.

 

بيعة الإرهابي

وفى ١٥مايو ٢٠١٥،نشر التنظيم الإرهابى تسجيلًا صوتيًّا لأبى الوليد الصحراوي، قال فيه: «تعلن جماعة «المرابطون» بيعتها لأمير المؤمنين وخليفة المسلمين أبوبكر البغدادي، لزوم الجماعة، ونبذ الفرقة والاختلاف»- بحسب التسجيل.

 

لكن رفيقه السابق مختار بلمختار أعلن بقاء «المرابطون» على ولائها السابق وارتباطها بتنظيم القاعدة، قبل أن تبث «المرابطون» فى وقت سابق كلمة صوتية للإرهابى هشام عشماوي، واصفةً إياه بـ«أمير المرابطين».

مجلس الأمن

مكافأة ٥ ملايين دولار

إزاء هذه الجرائم الإرهابية؛ أصدر مجلس الأمن بيانًا قال خلاله إن «الصحراوىمتهم بالمشاركة فى تمويل أعمال أو أنشطة ينفذها داعش، بالإضافة لتورطه فى التخطيط لتلك الأعمال، وتيسير القيام بها أو الإعداد لها أو ارتكابها». كما عرضت وزارة الخارجية الأمريكية فى أكتوبر ٢٠١٩،مكافأة تصل إلى ٥ملايين دولار لمن يدلى بمعلومات عن «الصحراوي» بعد ضمه على القائمة السوداء.

 

ولسنواتاحتفظ «أبووليدالصحراوي» بحقجمع «الزكاة» رافعًا شعار «التهديدوالإعدام» فىبعض الأحيان.

 

ترحيب أمريكي

أعربت وزارة الخارجية الأمريكية، عن ترحيبها لإعلان فرنسا مقتل عدنان أبووليد الصحراوى زعيم تنظيم داعش فى منطقة الصحراء الكبرى.

 

وقالت الخارجية الأمريكية فى بيان لها،: «نشيد بالتزام فرنسا المستمر بمحاربة الإرهاب وحماية المدنيين فى غرب أفريقيا بالتنسيق مع شركائنا الإفريقيين».

 

وأشارت الخارجية الأمريكية إلى أن أبو وليد الصحراوى مسئول عن العديد من أعمال العنف ضد المدنيين والعسكريين فى منطقة الساحل، بما فيها الهجوم على الدورية الأمريكية النيجرية المشتركة فى منطقة تونغو تونغو بالنيجر يوم ٤أكتوبر ٢٠١٧،الذى أسفر عن مقتل ٤جنود أمريكيين والعدد ذاته من جنود جيش النيجر.

مستقبل «داعش» بعد «الصحراوي»

وبعد تصفية الإرهابى «أبوالوليد» يطرح التساؤل حول مستقبل التنظيم الإرهابى فى المرحلة المقبلة.

 

وفى سبيل الإجابة عن هذا التساؤل.. قال تقرير للمركز الأوروبى لدراسات مكافحة الإرهاب، أن مقتل عدنان أبو الوليد الصحراوى سيكون له تداعيات مختلفة على تنظيم داعش فى الصحراء الكبرى.

 

وذلك كونه شخصية قيادية لها علاقات عديدة فى المنطقة، ويتمتع بخبرات قتالية، وله العديد من الأتباع، وسوف يمضى الكثير من الوقت ليتمكن التنظيم تعويض الصحراوى بشخصية تحمل نفس المواصفات.

 

وترى بعض التحليلات أن تنظيم القاعدة «جماعةنصرة الإسلام»، التى تضم أكبر تحالف من الجماعات الإرهابية سوف تستفيد من غياب الصحراوى المنافس اللدود لها، وسوف توسع من نشاطها ونفوذها فى مناطق الصحراء الكبرى والساحل الأفريقي، مستغلة هشاشة الأوضاع الأمنية فى الدول الأفريقية، وسوء الأوضاع الاقتصادية، لتوسع انتشارها هناك، وتجنيد عناصر جديدة إلى صفوفها.

 

والشاهدعلى وجود هذا التحدى هو سعى التنظيم المركزى لإعادة الروح لخطابه المتطرف الذى كان قد تراجع بسبب الخلافات بين أيمن الظواهرى وأبوبكر البغدادي، والحرب على الإرهاب فى أفغانستان ومنطقة القبائل فى باكستان والعراق. إلاأن الانسحاب الأمريكى من أفغانستان وعودة حركة طالبان إلى السلطة فى كابل وتجديد بيعة القاعدة لحركة طالبان فى آخر تسجيل لأيمن الظواهرى مؤشر على أن تنظيم القاعدة عازم على العودة إلى المشهد الأمنى الدولى بقوة فى العديد من مناطق العالم.

 

المتغيرات فى منطقة الساحل

تشهد منطقة الساحل التى تعد من أكثر المناطق الهشة والمهمشة فى العالم ديناميات معقدة على المستويين الجيو- سياسىوالجيو-أمني،وقد لعبت عدة عوامل مختلفة دورًا فى نشوب أزمات مستعصية أسهمت فى زعزعة أمن واستقرار الإقليم على رأسها الجغرافيا، والتنوع الإثني، وشكل الدولة، وتنامى التهديدات الأمنية، وتصاعد التنافس الدولى على المنطقة.

 

فمن ناحية، يمثل الساحل بيئة حاضنة للتنظيمات الإرهابية التى يتسع نشاطها على نطاق كبير فى معظم بلدان المنطقة، وهناك مخاوف من انتقال نحو ٣٠ألف مقاتل يقاتلون فى ليبيا إليها على خلفية نص اتفاق المصالحة الليبية الأخير الذى يتضمن إجلاء تلك العناصر من الداخل الليبي.

 

ولعبت أزمتا ليبيا ومالى دورًا مهمًا فى جعل منطقة الساحل مرتعًا للتنظيمات المتطرفة، التى استطاعت الانتقال إليها ثم السيطرة على أجزاء كبيرة من الأراضى لا تخضع لسيطرة الحكومات المركزية فى دول المنطقة بسبب الهشاشة الأمنية ونقص الموارد وغياب النظام.

 

وتنقسم المناطق الأكثر توترًا فى الساحل إلى منطقتين؛ إحداهما منطقة وسط الساحل، وتضم دول مالى وبوركينا فاسو والنيجر، حيث يتصاعد العنف فى المثلث الحدودى بينها فى منطقة «ليبتاكوغورما»، فى ظل النشاط الإرهابى المتزايد لجماعة نصرة الإسلام والمسلمين المنضوية تحت لواء تنظيم القاعدة فى المغرب الإسلامي، والتى تنفذ معظم هجماتها فى مالي.

 

وتتلقى دعمًا كبيرًا مقارنة بنظرائها من التنظيمات الإرهابية، وتعمل على التقارب مع المجتمعات المحلية بهدف كسب دعمها، مما جعلها هدفًا أساسيًا للقوات الفرنسية فى المنطقة إلى جانب حركة تحرير ماسينا. المنطقةالثانية هى حوض بحيرة تشاد التى تعتبر نظامًا إقليميًا معقدًا فى الساحل، والتى تتعرض لهجمات عناصر حركة بوكو حرام التى تستهدف بشكل أساسى شمال نيجيريا وبعض دول الجوار مثل تشاد والنيجر والكاميرون، إلى جانب ولاية «داعش» فى غرب أفريقيا التى تركز عملياتها بشكل أساسى فى النيجر.

 

وتجدر الإشارة إلى أن جماعة نصرة الإسلام والمسلمين وتنظيم «داعش» فى الصحراء الكبرى هما أكثر التنظيمات الإرهابية نشاطًا فى الساحل، إذ يتركز نشاط الأخير بكثافة فى بوركينا فاسو ومالى والنيجر، ويسيطر عناصره على مساحات واسعة من الإقليم.

 

المعركة مستمرة رغم التقليص

بعد ثمانى سنوات من التدخل العسكرى الفرنسى فى منطقة الساحل قُتل خلالها ٥٠ فرنسيا، أعلن ماكرون فى يونيو ٢٠٢١،تقليص الوجود الفرنسى فى المنطقة وتركيز الجهود على عمليات مكافحة الإرهاب ومؤازرة الجيوش المحلية فى المعارك فى إطار تحالف دولى يضم دولا أوروبية.

 

ويُفترضأن يتم تخفيض عديد القوات الفرنسية فى منطقة الساحل من أكثر من خمسة آلاف عنصر حاليا إلى ٢٥٠٠ أو ثلاثة آلاف عنصر بحلول العام ٢٠٢٣،فى نهاية عملية إعادة تنظيم بدأت فى الأسابيع الأخيرة وتشمل خصوصا إغلاق المواقع العسكرية الفرنسية فى كيدال وتيساليت وتمبكتو فى شمال مالي.

 

لكن بارلى أوضحت «أننالن نرحل من مالي، سنكيف ترتيبنا العسكري» مشيرةإلى أن «معركتنامستمرة».

الرئيس الفرنسى إيمانويل ماكرون

انسحاب وتراجع

ورغم تهديد الرئيس الفرنسى إيمانويل ماكرون، فى ١٠يونيو ٢٠٢١،بانسحاب قواته من المنطقة على خلفية الأحداث التى شهدتها مالى- وذلكخلافًا لما هدفت إليه قمة Pauفى يناير ٢٠٢٠ - تراجع ماكرون فى يوليو ٢٠٢١.

 

وأعلن «ماكرون»، أن بلاده لن تنسحب، وأن الاستراتيجية الفرنسية سوف تشهد بعض التغييرات التكتيكية فى أسلوب التدخل العسكرى الفرنسى تماشيًا مع طبيعة التهديدات الأمنية فى دول المنطقة، بالإضافة إلى تعليق باريس العمليات العسكرية المشتركة مع مالى فى ٣يونيو الماضى كإجراء عقابى ضد السلطة الانتقالية الجديدة على خلفية الانقلاب الأخير الذى وقع فى مايو ٢٠٢١قبل استئنافها مجددًا فى يوليو ٢٠٢١.

 

وتزامن مع ذلك إعلان باريس عن خطة جديدة للوجود العسكرى الفرنسى فى الساحل، حيث أشار وزير الخارجية الفرنسي، جان إيف لودريان، فى ١١يونيو ٢٠٢١أن هذه الخطة سوف تقوم على ركيزتين أساسيتين خلال الفترة المقبلة هما التعاون مع الجيوش الوطنية فى المنطقة، ومواجهة التنظيمات الإرهابية عبر قوة تاكوبا الأوروبية.

 

ضربات فرنسا

ووجهت فرنسا فى الآونة الأخيرة، عدة ضربات للتنظيمات الإرهابية الموجودة فى منطقة الساحل الأفريقي، علنت فرنسا، الجمعة ٢٣يوليو ٢٠٢١،مقتل قياديين اثنين من تنظيم داعش بالصحراء الكبرى فى مالي، وذلك فى عملية عسكرية مشتركة نفذتها قوة برخان بالتنسيق مع عناصر من الجيش الأمريكي، بعد معلومات استخباراتية تفيد بمكان اختبائهما فى منطقة «ميناكا» الحدودية.

 

وذكر بيان صادر عن مكتب وزيرة الجيوش الفرنسية فلورانس بارلي، أن قوة برخان الفرنسية قتلت القياديين بتنظيم داعش الإرهابى فى الصحراء الكبرى، «عيسىالصحراوي» المنسقاللوجستى والمالى لتنظيم «داعش» فى هذه المنطقة، و«أبوعبدالرحمنالصحراوي» الذىكان مكلفًا بإصدار الأحكام فى التنظيم.

هشام النجار

خطوة رمزية

وقال هشام النجار، الباحث فى شئون الحركات الإسلامية، إن هذه الخطوة رمزية بالنسبة لفرنسا فى منطقة الساحل الإرهابي.

 

وأكد «النجار»، فى تصريح خاص لـ«البوابة»، أن فرنسا تمنح حلفاءها خاصة ألمانيا دفعة معنوية بعد التراجع والخسائر التى منيت بها وبعد شيوع أجواء محبطة بشأن مكافحة الإرهاب منها الانقلابات فى مالى ومقتل الرئيس التشادى وإعلان السلطات الجديدة فى مالى عن إمكانية فتح حوار مع داعش الإرهابى أيضا وليس القاعدة فقط وهو ما ترفضه فرنسا بالطبع.

 

وأوضح الباحث، أن جميع المعطيات السابقة جعلت الضربة رمزية ولاكتساب بعض الثقة لكنها لن تؤثر كثيرا فى سياق إضعاف تنظيم داعش الإرهابى فى الصحراء الكبرى، ورغم أن التنظيم قد خسر بذلك أهم قيادة لديه لكن هذه الجماعات قد تأقلمت على أوضاع كهذه وهى مستعدة طول الوقت لتصعيد البدائل على رأس التنظيم.

 

تأثيره على الداخل الفرنسي

تابع النجار، ان تأثير ماحدث رمزى ومعنوى لأن القيادة الفرنسية هنا تريد سند شعبى فرنسى لمواصلة جهودها الخارجية فى حربها ضد الإرهاب فى الساحل والصحراء خاصة بعد الانسحاب الأمريكى من أفغانستان تحت ضغط شعبي، باريس تبحث عن حشد رأى عام وراء مواصلة حضورها العسكرى فى الخارج بغرض تقويض بنية الجماعات الإرهابية.

ناصر مأمون عيسي

وفى ذات الإطار، قال ناصر مأمون عيسي، الباحث فى الشأن الأفريقي، إن إعلان الرئيس الفرنسى بنفسه على عملية اصطياد الصحراوى زعيم تنظيم داعش الإرهابى فى منطقة الصحراء الكبرى، يأتى بمثابة تأكيد على التواجد الفرنسى فى منطقة الساحل وصعوبة تخليها عن دورها الرئيسى فى تلك المنطقة، ويعزز تواجدها فى المنطقة، وتأتى خصوصية هذا الإعلان لأهمية الصحراوى الذى يعتبر المسئول الأول عن غالبية الهجمات التى تشهدها منطقة الساحل والصحراء.

 

وأكد «عيسى»، فى تصريح خاص لـ»البوابة»، كانت عملية برخان، والتى تقوم بها القوات الفرنسية التى تتعدى قوامها الـ»٥٠٠٠جندي»، انطلاقًا من نجامينا التشادية، والتى أدت إلى اصطياد هذا الصيد الثمين سيكون لها تداعيات مهمة لا محالة خاصًة على تنظيم داعش الإرهابي، كونه شخصية مهمة بالنسبة لعنصرها، وذو خبر قتالية عالية.

 

وأوضح، أن تنظيم القاعدة سيستفيد من تلك الضربة، حيث سيسعى إلى توسيع نفوذها على حساب داعش بعد غياب أبو وليد وهشاشة الوضع الأمنى فى المنطقة، وبسبب سيطرة طالبان على الأوضاع فى أفغانستان حيث أحدثت هزة عنيفة فى الاستراتيجية الخارجية لبعض الدول، رغم المبايعة الأخيرة للظواهرى لتنظيم داعش.

 

وتابع الباحث فى الشأن الأفريقي، أن فيما يخص الداخل الفرنسي، يؤكد على إمساك فرنسا، ما زال موجودا فى المنطقة وقواتها فى إحكام السيطرة على الوضع العام بمنطقة الساحل الأفريقي، وكذلك تستطيع فرنسا أن تنافس روسيا والصين المتداخلين فى تلك المنطقة بصور كبيرة فى الآونة الأخيرة.

خلفاء أبو وليد

«إلياسو» و«البرناوي» أبرزالمرشحين لقيادة التنظيم الإرهابى بالصحراء الكبرى

١- عثمان إلياسو:

يعد عثمان إلياسو دجيبو، كونه شخصية معروفة والصديق الشخصى للصحراوى منذ تأسيس ولاية الصحراء والساحل بالنسبة لتنظيم داعش الإرهابي. عثماندجيبو، وهو من النيجر، تعدّ «أكثردمويّة وعنفًا من الصحراوي»، لافتًا إلى أن «دجيبو مسئول عن مقتل عسكريين أمريكيين فى النيجر والمثلث الحدودي، وواشنطن تعتبره أخطر من الصحراوي».

 

وكانت وزارة الخارجية الأمريكية صنّفت، فى أواخر يونيو ٢٠٢١،عثمان إلياسو دجيبو، إرهابيًا عالميًا، حيث يحظر على الأمريكيين التعامل معه بأى شكل من الأشكال. والغربيُحمّل «دجيبو» مسئولية استهداف مواطنين من الدول الغربية، حيث وجّه العناصر التى تأتمر بأمره فى التنظيم، لاختطاف ومهاجمة الغربيين فى النيجر والمناطق المحيطة بها.

 

وعثمان إلياسو جيبو، هو أحد العناصر البارزة فيما يعرف بتنظيم «داعش» فى منطقة الصحراء الكبرى، وينشط بوجه خاص فى ميناكا فى مالي. كماشارك فى العديد من الهجمات على القوات المحلية، وقاد مسلحى التنظيم خلال هجوم الأول من يوليو ٢٠١٩على قاعدة القوات المسلحة النيجيرية فى إيناتيس، فى منطقة تيلابيري، كما أصدر أمرا للعناصر التابعة له باختطاف ستة جنود نيجيريين كرهائن فى ١٤مايو ٢٠١٩خلال كمين نصبه لهم بالقرب من منطقة تونجو.

أبو مصعب البرناوي

٢- أبو مصعب البرناوي:

برز اسم زعيم جماعة «بوكوحرام»، أبومصعب البرناوى مرشحا ليكون خليفة لـ«عدنان أبو وليد الصحراوي» فىقيادة تنظيم «داعش» بغرب أفريقيا، وكان البرناوى قد خلف أبو بكر شيكاو، بقيادة بوكو حرام، والذى قتل على يد عناصر «داعش» بعد خلاف على أيدولوجية وأسلوب التنظيم فى العمليات الإرهابية.

 

ويدعى حبيب بن محمد بن يوسف البرناوي، وشهرته بأبومصعب البرناوي، من مواليد ١٩٩١،ويعد الابن الثانى لمؤسس جماعة «بوكوحرام» محمد بن يوسف البرناوي، وتنتمى عائلته إلى قبائل البورنو التى تتمركز فى شمال شرقى نيجيريا وتنطق بلغة الهاوسا، والتى تعد أهم اللغات المحلية فى أفريقيا، وتلقى تعليمه على يد والده مؤسس الجماعة المسلحة وهو تعليم ديني، وفقًا للمذاهب السنية.

 

ويعد أبومصعب البرناوي، أحد مؤسسى جماعة أهل السنة للدعوة والجهاد «بوكوحرام»، التى أسسها والده محمد بن يوسف البرناوى فى عام ٢٠٠٢بعاصمة ولاية بورنو، ميديجورى شمال شرق نيجيريا، وواصل نشاطه داخل الجماعة وأصبح قائدًا عسكريًّا فى التنظيم.

 

وفى ٢ أغسطس ٢٠١٦،كان أول حوار لـ«أبومصعبالبرناوي» معصحيفة النبأ «الناطقالرسمى باسم تنظيم داعش الإرهابي»، وذلك بعد تكليفه من قبل التنظيم الأم بما يسمى ولاية غرب أفريقيا، وارتدى البرناوى عمامة وتم طمس وجهه فى اللقاء.

 

وظهر البرناوى فى الفيديو، يتحدث بلغة الهاوسا وبطريقة هادئة ومدروسة ومنفردًا دون وجود مسلحين، على عكس شيكاو الذى كان يظهر محاطًا بعناصر التنظيم، ويتحدث بصوت عالٍ عن انتصارات الجماعة، ويطلق تهديدات غير واقعية.