الإثنين 23 ديسمبر 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم

آراء حرة

العملات النقدية - رحلة صمود

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news

منذ آلاف السنين وقد عرف الإنسان العملات أو النقود، حيث تسرد لنا صفحات التاريخ ما حلَّ بمجال المعاملات بين بني البشر فيما يتعلق بتبادل السلع والخدمات والمراحل التى خضعت خلالها للتطور التدريجى حسب طبيعة وظروف الحياة الاقتصادية والاجتماعية التى سادت مراحل هذا التطور، فمنذ وجود الجنس البشرى على وجه الأرض كانت تلك المعاملات تتخذ شكلا مبسطا للتبادل وهو ما يعرف بنظام المقايضة، ورغبة من هذه التجمعات آنذاك فى التوسع فى مسألة الاختيار بين سلسلة السلع والخدمات فكانت النقود السلعية كالحبوب ثم كانت النقود المعدنية كالذهب والفضة.
واختلفت النظم الاجتماعية وقتها فى تحديد ما هو مناسب لها فيما تتخذه كعملة رسمية للتبادل، فاستخدم الإغريق على سبيل المثال الماشية كنقود واستقر أهل سيلان على استخدام الأفيال كنقود، واستخدم الهنود الحمر التبغ، بينما كانت نقود أهل الصين هى السكاكين. 
ومع ازدياد حجم التبادلات، وجد المتعاملون أن المعادن هى أفضل وسيط لإجراء عملية التبادل بينهم، وكان ذلك ميلادًا لاستخدام المسكوكات المعدنية فى المعاملات والتى أضحت من أهم سمات النظم النقدية الحديثة، وظل الإنسان يستخدم الذهب والفضة لفترة كبيرة حتى أوائل القرن العشرين.
ثم ظهرت بعد ذلك ما يعرف بالنقود الورقية ولعل أول محاولةٍ لإصدار تلك النقود فى شكلها الحديث هى تلك التى قام بها بنك استكهولم بالسويد عام 1656، عندما أصدر سندات ورقية تُمثل دينًا عليه لحاملها، وقابلة للتداول والصرف إلى ذهب بمجرد تقديمها للبنك. 
ونتيجة للابتكارات التى أفرزها التقدم التكنولوجى كانت النقود الإلكترونية وهى مجموعة من البروتوكولات والتواقيع الرقمية التى تُتيح للرسالة الإلكترونية أن تحل فعليا محل تبادُل العُملات التقليدية، وتعد هى المكافئ الإلكترونى للنقود التقليدية التى اعتاد البشر تداولها.
ونتيجة للتقدم التقنى فقد أطلق ولأول مرة عام 2009 العملات الرقمية أو ما يسمى بالبيتكوين، وهى عملة رقمية تمتاز بخاصية التشفير التى تمنحها درجة عالية من الأمان والحماية، والتى تمنع التزوير أو إجراء معاملات مكررة، حيث تقوم على تقنية البلوك تشين القادرة على توفير سرية وموثوقية، وهى شبكة إلكترونية لا مركزية يستحيل تقريبا اختراقها أو مراقبتها. مما يفسر بالتالى عن عدم اعتراف بعض الدول والحكومات بتلك العملة لعدم تمثيل دور الدولة من خلالها.
ويعد ما سبق ذكره دلالة على أن العملات فى مجال المعاملات بين بنى البشر لم تزل موجودة وبقوة عبر تلك العصور تواجه التطورات والتحديثات محققة وظائفها المنوط بها، فهى قرينة أساسية على تطور الجنس البشرى على مر العصور، ولا نعلم ماذا يخبئ لنا المستقبل من تطور لهذه الأداة المهمة سواء للدول أو الأفراد.