عقد المجلس الأعلى للثقافة بأمانة الدكتور هشام عزمي مؤتمرًا بعنوان "صلاح عبد الصبور فارس الكلمة"؛ والذي تمت فعالياته في يوم الإثنين الموافق 20 سبتمبر 2021؛ بمقر المجلس الأعلى للثقافة، وجاء ذلك تحت رعاية الدكتورة إيناس عبد الدايم وزيرة الثقافة؛ وبحضورها، وفي إطار احتفاء قطاعات وزارة الثقافة المصرية بمرور 40 عامًا على رحيل الشاعر والأديب الكبير صلاح عبد الصبور
وجاء المؤتمر كبداية لعدد كبير من الفعاليات الثقافية والفنية التي تنظمها قطاعات وزارة الثقافة المتعددة على مدار العام تخليدًا لاسم المبدع والمفكر الراحل الكبير صلاح عبد الصبور في الذكرى الأربعين على رحيله، وأقيم المؤتمر بمشاركة عدد كبير من المفكرين والنقاد والفنانين والمترجمين.
وبدأت الجلسة الأولى بإدارة الدكتور أحمد درويش تحت عنوان "الشعر والمسرح الشعري"، وشارك بها كل من: الشاعر أحمد الشهاوي، والدكتور أحمد عبد الحي، والدكتور أحمد مجاهد، والشاعر أسامة جاد، والدكتورة نعيمة الحرشي من المغرب عبر الفيديو.
واستهل الدكتور أحمد درويش بقصة طريفة حول مؤتمر الشعر الذي أقامته كلية دار العلوم في ستينيات القرن الماضي، وكان المبدع الكبير صلاح عبدالصبور مدعوًّا وبعد أن ألقى بعض شعره، واستمع للطلاب الشعراء، فلفت انتباهه ثلاثة من بينهم، وتجلَّت إنسانية عبدالصبور حين سأل عميد الكلية حينها الدكتور أحمد هيكل هل هؤلاء الشعراء لهم دواوين شعرية؟ وحين علم أنهم ليس لديهم دواوين قرر أن ينشر لهم قصائدهم في ديوان وأن يكتب الدكتور هيكل مقدمة له، وكان هؤلاء الطلاب هم أحمد درويش وحامد طاهر ومحمد حماسة عبد اللطيف.
من يقرأ تحليل عبدالصبور للقصائد يعلم قامة الرجل، ويدرك وعيه بالفلسفة ومحاولة تطبيقها في تحليله للقصائد، ويتبع تخليه عن بعض القيود فرضه لقيود أكثر، وعلينا أن نفرق بين خطوتين مهمتين: بحث الشاعر عن القصيدة وبحث القصيدة عن الشاعر.
وتحدث الشاعر أحمد الشهاوي عن تجربة التصوف في شعر صلاح عبد الصبور، متسائلًا أيهما أسبق إلى التصوف: صلاح عبدالصبور أم أدونيس؟
ويرى أن صلاح عبدالصبور هو صاحب السبق في الاهتمام بالتصوف في الشعر، على عكس الشائع أن أدونيس هو من لفت انتباه لشعراء جيله للتصوف.
وذكر الشهاوي أن كل شاعر يذهب إلى من يشبهه، ولذا فقد ذهب عبدالصبور إلى الحلاج، لأن كلًّا منهما كان يتعرض للاضطهاد، وتم قتله بطريقة متشابهة!
وتحدث الدكتور أحمد عبدالحي حول العلاقة بين صلاح عبدالصبور وعبدالحليم حافظ، حيث كانت نقطة انطلاق كلٍّ منهما من مسقط رأسيهما مدينة الزقازيق، وأشار إلى لقائهما مع تاجر البطيخ "مرسي جميل عزيز"، ومحاولة عبدالصبور أن يقنع مرسي جميل عزيز أن يكتب لعبدالحليم حافظ كلمات أغنية، ولكنه تباطأ فغنى عبدالحليم أول أغنية له من كلمات صلاح عبدالصبور "لقاء".
وأضاقت بكليهما الزقازيق فذهبا إلى القاهرة أكملا تعليمهما وشق كلٌّ منهما طريقه في التدريس، ولكنهما لم يوفَّقا فيه، فاتجه عبدالصبور إلى الصحافة وعبدالحليم إلى الغناء، فإذا كان غناء عبدالحليم وثيقة لتمجيد الحب، فإن شعر عبدالصبور وثيقة تمجيد لقيم الحب والحق والعدالة.
وعرض الدكتور أحمد مجاهد مسرح صلاح عبدالصبور، مشيرًا إلى انتقاله من القصيدة العمودية إلى الحرة كانت نقلة واعية، ولهذا انتهى الأمر به إلى كتابة مسرحيات شعرية.
فقد آثر أن يكون في شعره إنسانيًّا لماحًا، وقرر ألا يتجه إلى السياسة عدا قصيدة واحدة، وعلى العكس تمامًا في المسرح، فمسرحياته كلها تدور حول السياسة، وبالأخص قضية الصراع بين المثقف والسلطة، وكانت معالجته رمزية؛ فالحلاج رمز للمثقف المضطهد، ولم يعرف في صراعه مع السلطة هل يكتفي بالكلمة فقط أم أن عليه أن يستخدم السيف!
وكذلك تحدث الشاعر أسامة جاد حول ترتيب مسرحيات عبد الصبور من المسرح الكلاسيكي مرورًا بمسرح العبث ووصولًا إلى المسرح الحداثي، كما أنه كان مغرمًا بالمعارضات الشعرية، وعارض بمسرحيته "ليلى والمجنون" مسرحية شوقي "مجنون ليلى".
وتحدثت نعيمة الحرشي عبر الفيديو من المغرب حول مسيرة صلاح عبدالصبور الإبداعية، وكيف أسهمت بوادر الدرامية المشكِّلة لتجربته في سهولة انتقاله من الشعرية إلى المسرحية.