ظن «م. ال»، أن عمله داخل أحد مستشفيات الأمراض النفسية والعصيبة، ما يقرب من ١٥ عامًا، سوف يتيح له فرصه مزاولة مهنة الطب النفسي، فى أى وقت، لذلك سيطر الشيطان على عقله، وجعله يفكر فى إنشاء مصحة للعلاج النفسي، بدون ترخيص، مستغلا الخبرة التى اكتسبها على مدى سنوات عمره، وحول منزله المكون من ٣ طوابق، والكائن بمنطقة الصف، بمحافظة الجيزة، إلى مصحة.
حيث قام بتجهيزه، وبدأ بالاتفاق مع أهالى بعض المرضى، ممن خرجوا للتحسن، على استقبال ذويهم بالمصحة الخاصة به، مقابل مبلغ قد يصل لـ٢٠٠٠ جنيه فى الشهر، عن كل حالة، واستمر فى مزاولة عمله لسنوات دون أن يوقفه أحد، حتى أصبح لديه ما يقرب من ١٧ حالة، يتابعها يوميًا بعد الانتهاء من عمله.
لكن فجأة كل شيء تغير، وتحول فنى التمريض إلى متهم بالقتل، بعدما تسبب فى مصرع شاب نتيجة إعطائه كمية كبيرة من الأدوية المهدئة، الخاصة بالأمراض النفسية، لتنتهى مسيرة الممرض، خلف قضبان السجن، ينتظر الحكم عليه، فى أى لحظة، بعدما أمرت النيابة بإحالة الواقعة للمحاكمة الجنائية. تفاصيل تلك الواقعة؛ كشفتها التحقيقات التى أجرتها نيابة الصف، والتى تبين من خلالها أن المتهم بدأ فى ممارسة عمله الإجرامي، منذ ما يقرب من ٣ سنوات، وأنشاء المصحة، وبدأ فى استقبال المرضى ومتابعتهم، وإعطائهم الأدوية اللازمة، حتى إنه كان يقوم من حين لآخر باصطحاب الحالات التى ترغب فى إجراء فحوصات وكشف دورى عليها، للعيادات الخارجية، التى يعمل بها لتوقيع الكشف عليهم، وصرف العلاج اللازم لهم، ومن ثم يعود إلى منزله ليضع الحالة بمكانها، وبعد ذلك يقوم بمباشرة عمله مع المرضى وإعطائهم الأدوية اللازمة كل حسب حالته.
وتابعت التحقيقات بأنه «فى أحد الأيام حضرت أسرة، وبصحبتها نجلهم «ع. ح»، شاب فى العقد الثالث من العمر، وتم وضعه فى مصحة فنى التمريض لمتابعتها، ومن حين لآخر كان يأتى أفراد أسرته لزيارة نجلهم وإحضار أطعمة وفاكهة وحلويات، واستمر الوضع على هذا الحال لفترة.
وخلال تلك الفترة؛ كان الممرض يعطى الشاب كمية من الأدوية بجرعات زائدة، حتى يتمكن من السيطرة عليه، ولكن الشاب لم يتحمل ولقى مصرعه، وقامت أسرته بالإبلاغ عن الواقعة، وتحرير محضر بمركز شرطة الصف، وبناءً على ذلك أصدرت النيابة أمرًا بضبط وإحضار الممرض للتحقيق معه.
وبسؤاله حول تفاصيل الحالة، أكد خلال التحقيقات، أنه كان يعتنى به وبكل المرضى التى كانت لديه ولكن المتوفى غضب وانتابته حالة من الهياج، بسبب عدم توفير الأطعمة التى كانت تجلبها له أسرته، وامتنع عن تناول الطعام حتى تدهورت حالته وتوفى. وبناء على ذلك أمرت النيابة العامة بتشريح جثة المتوفى وإعداد تقرير بحالته، لبيان عما إذا كانت هناك شبهة جنائية فى الوفاة من عدمه كما طالب التحريات الأجهزة الأمنية حول نشاط المتهم بعدما تبين أنه يدير مصحة غير مرخصة، كما أمرت بحبس المتهم والتجديد له فى الميعاد، لحين ورود تقرير الطب الشرعى الخاص بالحالة.
وتسلمت النيابة تقرير الطب الشرعى الذى أكد أن الشاب أصيب بحالة هبوط حاد فى الدورة الدموية وتوقف عضله القلب نتيجة تناولة كمية كبيرة من الأدوية النفسية التى لم يتحملها جسده، وكذلك تسلمت تحريات الإجهزة الأمنية التى أكدت أن المتهم كان يمارس نشاطا إجراميا وإنشاء مصحة بدون ترخيص.