الإثنين 23 ديسمبر 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم

آراء حرة

مصريون عرفتهم فى باريس.. جورج موستاكى.. راهب على صهوة موتوسيكل «7»

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news

لفت نظرى كثيرا إلى حد التعجب السكينة والطمأنينة فى شخصية المغنى الفرنسى ذى الأصل السكندرى جورج موستاكي. كان جورج يخفى وراءه صوته المسموع بالكاد عندما يتكلم ولحيته البيضاء الطويلة عاشق للحياة والجمال الأنثوى والسفر والشعر وأحدث الموتوسيكلات. الأعجب هو أنه مع كل هذا النهم المستور كان قليل الأكل إلى حد الصوم الدائم مما قد يفسر نحافته الشديدة.

ترك جورج مكتبه وأسرته بمحطة الرمل بالإسكندرية ليقابل فى باريس المصرى الآخر جورج جيتارى وكان مغنيا استعراضيا فى أوج شهرته. جمعت بينهما سكندريتهما. وعندما قدم جيتارى موستاكى للمغنية الأسطورة اديث بياف وقع الحب من أول نظرة ثم لحن لها موستاكى واحدة من أشهر أغانيها «m›y Lord».

وعندما غنى أغنيته الأشهر «الغريب- Le métèque» كان النجاح مدويا فى كل البحر المتوسط والأمريكتين غنى بعدها للإسكندرية نصا عاطفيا مؤثرا ثم أغانى ذات إيحاءات حسية أو جنسية لكن فى إطار شعرى جمالى أقرب إلى أسلوب بودلير منها أغنيته «قولى لى من علمك ؟- dis moi qui t›a appris».

الذى لا أنساه هو دعواته لى على الإفطار فى شقته بالطابق الأخير فى منزل عتيق وجميل بجزيرة سان لويس بنهر السين بباريس، وكان الإفطار ملعقة من العسل وفنجان شاى أخضر، ولنا صور تخلد هذه اللقاءات، وعندما رأى استنكارى لهذا الإفطار الصوفى الصارم ضحك وقال: «فى الإسكندرية فقط افطر فول وفلافل فى مطعم محمد أحمد».

وجاءت صديقته البرازيلية الشابة للتحضير لجولة موسيقية بأمريكا اللاتينية ورأيت أن اللقاء بينهما كان عاطفيًا فانسحبت بهدوء. كان «جورج» لا يترك حفلا مصريا بباريس إلا ويحضره، وهناك فيلم وثائقى مثير الشحن عن إحدى رحلات عودته للإسكندرية.

كان ولع هذا الشاعر الصوفى بركوب الموتوسيكلات -ووقعت له حوادث خطيرة بسببها- يثير علامات استفهام فى شخصية الرجل. ربما كانت إحدى وسائل إغراء الفتيات ومعروف الجانب الفحولى فى عشق الموتوسيكلات.

كان جورج موستاكى ينزل من «ماكينته» كما كان يسميها ليتلو أشعار «لايلوار» فى الثورة ويغنى أشعار أراجون فى أن المرأة هى مستقبل الرجل. كان جورج يعشق صوت وردة الجزائرية وشاركها فى أحد حفلاتها فى باريس.

كانت هى تضج بالسعادة وتصرخ بالفرحة لأنها عادت لمسقط رأسها فى باريس، وكان هو ساكنا كراهب فى الصحراء يعيش سعادة تخيلها فى عودة للغناء فى مصر بعد حفلة مع وردة، ذهبت إليه أجلس بجواره حتى لا يشعر بالوحدة. تبادلنا نظرات قليلة، وخرجت أصحبه للخارج. ركب الراهب السكندرى الموتوسيكل وانطلق بسرعة البرق. وكان آخر لقاء لنا.