بمناسبة اليوم العالمي للتصدى للانتحار، تواصل الجمعية المصرية للطب النفسي برئاسة الدكتور ممتاز عبدالوهاب فعاليات حملتها "اكسر الإكتئاب"، حيث تستهدف الحملة، التي أطلقت نهاية العام الماضي، التعريف بمرض الإكتئاب كأحد الأمراض النفسية، وتوصيفه وأعراضه، والتعرف على كيفية التعامل مع المرض والتغلب عليه، والتأكيد على أن المرض النفسي كسائر الأمراض العضوية مثل الضغط والسكر، لا يدعو للخجل ويمكن السيطرة عليه والتعايش معه بتلقي العلاج المناسب، بالإضافة إلى توعية المحيطين بمريض الإكتئاب من الأهل والأصدقاء بكيفية التعامل مع المريض ودعمه، وتأتي تلك الحملة برعاية جونسون آند جونسون العالمية.
ومن ناحيته، قال الدكتور طارق كمال ملوخية، أستاذ ورئيس وحدة الطب النفسي بكلية الطب جامعة الإسكندرية وعضو مجلس إدارة الجمعية المصرية للطب النفسي وعضو مجلس إدارة نقابة أطباء مصر: تعد التوعية بمخاطر مضاعفات مرض الإكتئاب في غاية الأهمية لأنه مرض وليس حالة مزاجية أو ضعف في الإيمان ويتطلب التشخيص السليم المبكر والعلاج النفسي وقد يتطلب العلاج الدوائي وذلك لتجنب المضاعفات الخطيرة التي ممكن أن تصل لرغبة المريض في الإنتحار.
وأضاف أن الإكتئاب سيصبح السبب الرئيسى للعجز والإعاقة بحلول عام 2030 متجاوزاً بأكثر من 6% إجمالى العجز نتيجة أسباب أخرى، كما أن عدد الوفيات بسبب الإكتئاب أكثر بمرة ونصف من تلك المرتبطة بمرض السرطان.
وعن الأعراض الشائعة للإكتئاب، فقد أضاف ملوخية قائلاً: "هناك أعراض متعددة للإكتئاب من بينها تعكير المزاج، والشعور بالضيق، وعدم القدرة على الإستمتاع بمباهج الحياة، وفقدان الرغبة الجنسية والثقة بالنفس، والإنعزالية وعدم الرغبة في مخالطة الأخرين، كما أن مريض الإكتئاب يعاني من الكثير من الأفكار السلبية، التي قد تتطور لتصل لرغبة المريض في إنهاء حياته، بالإضافة هناك نوع من أنواع الإكتئاب يوصف بالإكتئاب المقاوم للعلاج، حيث يخضع المريض لفترتي علاج تمتد كل منهما لفترة تتراوح بين 6 إلى 8 أسابيع ولكن تستمر معه نفس الأعراض المرضية وعلى الرغم من ذلك، فما يدعونا للتفاؤل هو وجود علاجات حديثة ومتطورة تختص بعلاج مثل تلك الحالات وتحقق نتائج رائعة في ذلك".
وأكدت منظمة الصحة العالمية في تقريرها لعام 2020 أن مرض الإكتئاب من أكثر الاضطرابات النفسية شيوعاً حيث أنه يصيب أكثر من 300 مليون شخص حول العالم منهم ما يقرب من 2.7 مليون مواطن مصري حسب الإحصائيات العالمية، كما أنه يصيب الأشخاص من جميع الفئات العمرية، علماً بأن نسبة الإصابة في النساء أكثر من الرجال ويمثل مرض الإكتئاب 21% من مجموع الأمراض النفسية التي قد تصيب المصريين.
وعلى ذات الصعيد قالت الدكتورة هالة حماد، عضو الكلية الملكية للطب النفسي بإنجلترا: "هناك 700 ألف حالة وفاة حول العالم سنوياً من جراء الإنتحار الذي يمثل رابع سبب رئيسي للوفيات بين الفئة العمرية 15-19 عاماً، ومعنى هذا أن هناك حالة وفاة بالإنتحار كل 40 ثانية، ولكل شخص مات منتحراً هناك 20 شخصاً حاولوا الإنتحار ولم تنجح المحاولة، وقد لوحظ أن 77% من حالات الإنتحار كانت في الدول المنخفضة أو متوسطة الدخل".
وأضافت: من المهم معرفة أن الإكتئاب المقاوم للعلاج يحدث في 20-30% من مرضى الإكتئاب وهم المرضى الذين لم يستجيبوا لنوعين أو أكثر من مضادات الإكتئاب، ولكن هناك علاجات حديثة في مصر لمساعدة هؤلاء المرضى علي الشفاء.
وتابعت: "من المهم جداً كسر الوصمة المرتبطة بالمرض النفسي ورفع الوعي بمرض الإكتئاب علي وجه الخصوص ومحاربة الأفكار المغلوطة عن العلاجات الخاصة به، مثل أنها تؤدي الي الإعتمادية أو الإدمان فعندما يتم تجاهل علاج مريض الإكتئاب، قد يؤدي ذلك الي اصابته بأفكار إنتحارية، وهنا تصبح حالته حرجة ويحتاج للتدخل السريع بالعلاج النفسي.
وأكدت حماد، من أن هناك دعوة للتفاؤل أن مرض الإكتئاب يمكن علاجه قائلة: "هناك علاجات حديثة متوفرة في مصر، تساعد المريض علي الشفاء التام والعودة لحياته الطبيعية، مما يكون له من مردود كبير علي انتاجيته وبالتالي يؤثر ايجابياً علي اقتصاد وازدهار الدول، حيث أن الإهتمام بمرضى الإكتئاب وتوفير الرعاية الصحية المناسبة لهم يعد استثماراً يعود بالنفع علي اقتصاد الدول.
وفي سياق متصل قال الدكتور رامز محسن، المدير التنفيذي جانسن بمصر وشمال شرق أفريقيا، إن الإكتئاب قد يسبب الإنتحار في 15% من حالات المصابين به، وفي عام 2017 أثبتت الإحصائيات في مصر أن الإنتحار هو رابع سبب لفقدان الحياة، منهم ألفي حالة وفاة كانت لأشخاص أعمارهم من سن 10-29 عاماً.
وأضاف محسن: منذ ستينات القرن الماضي تهتم شركة جانسن بالإستثمار فى البحث العلمي والتطوير لتقديم علاجات فعالة للأمراض النفسية مثل الإكتئاب المقاوم للعلاج والفصام، كما تحرص الشركة علي رعاية أنشطة من أجل مساندة المرضى ورفع الوعي المجتمعي ومحاربة الأفكار المغلوطة مثل رعاية حملات توعوية مختلفة من ضمنها حملة "إكسر الإكتئاب" بالتعاون مع الجمعية المصرية للطب النفسي، ومن هنا أود أن أشيد بالجهود الضخمة المبذولة من قبل الدولة لرفع مستوى الرعاية الصحية البدنية والنفسية فى مصر، حيث أنه فى الآونة الأخيرة قامت هيئة التأمين الصحي في مصر بتوفير العلاجات الحديثة لبعض الأمراض النفسية، كما أعلنت وزارة الصحة عام 2022 "عام الصحة النفسية للمراهقين" وهذا إن دل على شيء فهو يدل على إهتمام الدولة وبذل كافة جهودها للصحة النفسية للمواطنين والتي تشكل تقدم ورفعة الدول.
والجدير بالذكر قُدر العبء المادي لمرض الإكتئاب على اقتصاد الدولة المصرية من تكلفة علاج وإقامة بالمستشفى وانخفاض الإنتاجية بحوالي 445 مليون دولار في السنة الواحدة، ولذلك هناك ضرورة من زيادة الوعي بالمرض النفسي وأهمية علاجه في الوقت المناسب بكفاءة عالية وباستخدام الأساليب الحديثة حتي يتمكن المريض من العودة لحياته الطبيعية وفاعليته في المجتمع.