قال الباحث الأثري أحمد عامر إن المصريين القدماء إعتنوا بالتجمل في مختلف مناسباتهم الدينية والاجتماعية مثل احتفالهم بالنصر في معاركهم الحربية أو احتفالاتهم الاجتماعية مثل حفلات تنصيب الفرعون وحفلات الزواج، ويرتبط التجّمل بما يتطلبه من مواد للتجميل توارثوا صناعتها منذ أقدم العصور أو استوردها من البلاد المجاورة أو التي فتحوها وهي مواد لا تزال تستعمل في مصر حتي الآن.
وأضاف: “كانت لديهم منتجات للتجميل ولتجديد البشرة وتقوية الجسم وآخرى لإزالة البقع وحبوب الوجه كما أنهم كانوا يستعملون مسحوق المرمر أو مسحوق النطرون أو ملح الشمال ممزوجاً بالعسل لتقوية البشري، أما جلد الرأس فقد كانوا يعتنون به عناية كبيرة ودائمة كانت تتمثل تارة في انتزاع الشعر الأشيب من الرأس أو شعر الحاجبين، كما عرفوا أن زيت الخروع أحسن علاج لتلافي الصلع أو إعادة نمو الشعر، وكذلك عالجوا النمش وتجاعيد الشيخوخة والبقع التي تشوه الجلد”.
وتابع "عامر": زينة المرأة كانت حدثاً هاماً مثل زينة زوجها، وتبين لنا بعض النقوش كيف تتم زينة إحدى محظيات البلاط الملكي حيث نجدها قد جلست على مقعد مريح ذي مسند كبير للظهر ومتكآت جانبية ممسكة بيدها مرآتها المصنوعة من الفضة ذات مقبض من الأبنوس والذهب بينما تقف عاملة الزينة قد إنتهت من عمل مجموعة من خصلات الضفائر الصغيرة بأصابعها الرقيقة الماهرة وقد حجزت خصلات الشعر المتناثرة التي لم تتناولها بعد بمشبك من العاج، وقد عرفت المرأة المصرية المشط لتصفيف شعرها وهما نوعين أحدهما بسيط ذو صف واحد من الأسنان والآخر ذو صفين وكانت عادةً تُصنع من الخشب أو العاج في العصور القديمة جداً، ومن أروع ما نراه على جدران المقابر ذلك المنظر الذي يمثل إبنتي "أوسرحات" كبير كهان طيبة في عصر الأسرة الثامنة عشرة وقد بدت كل منهما في أبهي زينتها، ونجد أنه من أجل الترفيه عند السيدة كُلف خادم بإحضار كأس صبّ فيه شراباً من قنينه ويقول عندما يُمس الكأس شفتي سيدته "في صحة قرينك الكا"، وقد كان سمة الحياة عند المصريين القدماء حيث أنه قد شمل كل نواحي الحياة، كما أن الجمال لم يقتصر على الآلهه والملوك، حيث أنهم قد عرفوا مستحضرات التجميل وصنفوها من مركبات كيميائية معقدة.
وأردف "عامر": من أهم لوازم المرأة المصرية منذ أقدم العصور المرآة التي تنعكس صورتها على صفحتها المعدنية وتُصنع المرايا النفيسة من الذهب أو الفضة وتعد من الأدوات التي لا غنى عنها للمرأة، كما أننا نجد أن الحضارة المصرية القديمة كانت متقدمة جداً في صناعة الصباغات والعقاقير الطبية ومن هنا جاء الخليط السحري بين الطب والتجميل، وأكدت الدراسات أن الملكة كليوباترا قد إستخدمت زيت الحلبة في إزالة التجاعيد والنمش من بشرتها، كما أننا نجد مئات الوصفات في البرديات لعمل مستحضرات لا تختلف في مكوناتها كثيراً عن مستحضرات التجميل الحديثة، ونستطيع الاستدلال من ذلك عن طريق الآثار التي تم العثور عليها وأيضاً التي نُقشت علي الجدران والوصول إلي الأساليب التي اتبعتها المرأة المصرية لإضافة اللمسات الرقيقة إلي جمالها، كما أمكننا أيضاً التعرف على الأدوات والمواد التي كانت تستخدمها في عمليات التجميل.